كشفت بيانات مستمدة من موقع فيسبوك، تفوُّق حزب دي بارتي السياسي Die Partei الألماني على منافسيه، بشبكات التواصل الاجتماعي، وذلك قبل أيام من الانتخابات الفيدرالية الألمانية المرتقبة.
الحزب الذي يرأسه الممثل الكوميدي المسرحي إسطنبولي المولد سردار سومونجو، كان قد قطع وعوداً بجعل قيادة السيارة في أثناء الثمالة قانونية، وتفعيل صرف الكوكايين بالوصفة الطبية، واختطاف الرئيس التركي.
وخلال شهر سبتمبر/أيلول 2017، استطاع الحزب الذي تأسس عام 2004 على يد محرري مجلة ساخرة تدعى "تيتانيك"، جذب معجبين جدد على شبكات التواصل الاجتماعي أكثر من أي حزب سياسي ألماني آخر، بما فيهم الحزب اليميني المتطرف "البديل من أجل ألمانيا" (AfD)، وفقاً لما جاء في صحيفة الغارديان البريطانية.
واكتسب حزب دي بارتي الساخر في شهر أغسطس/آب 2017، 31.608 معجبين جدد، في حين اكتسب حزب "البديل من أجل ألمانيا" 29.302 معجبين جدد فقط.
أما الحيل الدعائية التي استخدمها حزب دي بارتي، فكانت إحداها باستيلاء وزير الدعاية والترويج بالحزب، الممثل الساخر إسرائيلي المولد شاهاك شابيرا، على 31 مجموعة مؤيدة لحزب "البديل من أجل ألمانيا" على موقع فيسبوك بهدف "إصلاح الإنترنت".
وفي حيلة دعائية أخرى، نشر الحزب الساخر إعلان حملته الانتخابية على موقع يوبورن لمقاطع الفيديو الجنسية.
كما أصدر بياناً رسمياً يتعهَّد فيه بتفعيل نظام تُعد بموجبه أصوات الناخبين بالاستفتاءات الوطنية باطلة في حال عدم تمكن الناخبين من الإجابة عن أسئلة سهلة على غرار "اذكر عاصمة باريس"، وهو نظام يصفه الحزب بأنه نظام "قائم على الإبستقراطية الوسطية".
تصريحات سياسية فاضحة
ويقول تيلو كميكوياك، من شركة كوينتلي، وهي شركة البرمجيات المنتجة لأداة تحليل شبكات التواصل الاجتماعي المستخدمة في تجميع البيانات السابقة: "بالنظر إلى البيانات المتاحة، من المدهش أن يحتل حزبا (البديل من أجل ألمانيا) و(دي بارتي) موقعي الصدارة. يبدو أن الإدلاء بتصريحات سياسية فاضحة والفكاهة الاستفزازية يحققان أعلى مستويات من الاهتمام. ليس هذا فحسب؛ بل تشير بياناتهما أيضاً إلى أنه لا يزال أمام الأحزاب الأخرى متسعاً هائلاً لتصعيد الموقف".
وتابع: "ومع أن فشل حزب دي بارتي في تجاوز عتبة 5% من أصوات الناخبين اللازمة للحصول على مقاعد في البرلمان الألماني (البوندستاغ) أمر مفروغ منه تقريباً- فإن حملته الانتخابية اللافتة للأنظار على شبكات التواصل الاجتماعي جعلته موضع جدل حامٍ؛ إذ لمح معجبو حزب دي بارتي إلى أن باستطاعة الأحزاب القائمة الاستفادة من أساليب الحزب الخلاّقة، في حين تجاهله النقاد باعتباره حزباً "نخبوياً وبرجوازياً وغير أخلاقي".
لكن الصحفي ستيفان نيغيمير يرى أن أي صوت لصالح حزب دي بارتي، الذي انضم إلى البرلمان الأوروبي عام 2014، هو صوت مهدور كان يمكن أن يحول دون انضمام حزب البديل من أجل ألمانيا بخطى حثيثة إلى البوندستاغ.
لقد استعان حزب البديل من أجل ألمانيا بخدمات شركة هاريس ميديا التي تولت إدارة الحملات الانتخابية للرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب وحزب استقلال المملكة المتحدة (UKIP) على شبكة الإنترنت، ومقرها الرئيسي في ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأميركية.
فيما يبقى الجدل قائماً حول مدى تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على تصويت يوم الأحد القادم في ألمانيا.
هذا ولا تزال مستويات الثقة بوسائل الإعلام التقليدية في ألمانيا مرتفعة عنها بأي بلد أوروبي آخر (PDF)؛ إذ إن عدد الشباب الذين يستعينون بمنصات الإنترنت، على غرار موقع فيسبوك، باعتبارها مصدرهم الوحيد للأخبار، أقل في ألمانيا منه بأي بلد أوروبي آخر.
منصات الإنترنت في ألمانيا
وفي هذا الصدد، قال بول جاسبر ديتريش، الباحث بمعهد جاك ديلور في برلين: "حتى مع الاهتمام الإعلامي المتزايد والظواهر المنفردة ذائعة الانتشار، مثل ظاهرة (قطار شولتز) والضجة التي أثيرت حول زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار الشاب كريستيان ليندنر– ما زالت شبكات التواصل الاجتماعي تلعب دوراً صغيراً نسبياً في التواصل السياسي بألمانيا، حتى خلال الحملة الانتخابية".
ووفقاً لديتريش، وكما هو الحال في باقي بلدان الاتحاد الأوروبي، تستعين الأحزاب الشعبية كحزب البديل من أجل ألمانيا بشبكات التواصل الاجتماعي، وخصوصاً موقع فيسبوك، باعتبارها الأداة الرئيسية في استراتيجية التواصل الخاصة بها، وإن كان ديتريش قد أضاف قائلاً: "إن زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا، فروك بيتري، لديها 220 ألف متابع فقط على موقع فيسبوك، وهو رقم يبدو ضئيلاً للغاية مقارنةً بعدد متابعي زعماء الأحزاب الشعبية الأوروبية الأخرى -أمثال مارين لوبان وبيبي غريللو وجان لوك ميلانشون- والذي فاق المليون متابع".