“أنثى” في بلاد العجائب!

بدأت هذه الصغيرة تكبر قليلاً قليلاً، وبدأت تتربى في عالم جميل مليء بالحنان والصدق والأخلاق والمبادئ، على المثل العليا والأخلاق بدأت، وبدأت تدخل في حسابات الأدب والتربية والذوق وآمنت وتربت على ما يلي..

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/18 الساعة 03:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/18 الساعة 03:59 بتوقيت غرينتش

يحكى أن طفلة صغيرة فتحت عينيها الصغيرتين وكل مَن حولها يحدق في براءتها وجمالها الذي صنعه الله بإتقان.

بدأت هذه الصغيرة تكبر قليلاً قليلاً، وبدأت تتربى في عالم جميل مليء بالحنان والصدق والأخلاق والمبادئ، على المثل العليا والأخلاق بدأت، وبدأت تدخل في حسابات الأدب والتربية والذوق وآمنت وتربت على ما يلي..

أن العدل سيسود عالَمها القادم، وأن البقاء في هذه الأرض للأجمل والأرقى والأصدق، وأن التميز لمن يستحق، وأن الحب موجود في كل مكان، وأن الأشخاص أصلهم الصدق، والكاذبين قلة.

تربت كذلك وأفهموها أن الفتاة الصالحة سيكون لها كل التقدير والاحترام والحب، وأن الدنيا ستفتح لها ذراعيها.

تعلمت هذه الفتاة كذلك أن الطريق المستقيم والأسلوب المباشر هما أدوات النجاح دائماً.

كانت تلك الفتاة تكافأ على صفاتها الرفيعة وقيمها العميقة، حتى كبرت تلك الفتاة وأصبحت كل هذه الصفات لصيقة بها أصيلة في تكوينها.

وبين قصة "أليس في بلاد العجائب" وقصة هذه الأنثى روابط كثيرة، كان على كلتيهما معرفة وإدراك الحد الفاصل بين الواقع والخيال والحد كذلك بين الزمن والأحداث وتطورها وتغيرها.

كان على هذه الأنثى الناصعة أن تحصن نفسها بالواقعية حتى لا تكسر، كان عليها أن تعرف أن البقاء في هذه الحياة للأقوى وليس لصاحب الحق، وأن الحياة ليست عادلة دوماً، وأن الظلم والظالمين في كل مكان.

كان عليها أن تعرف أن الاختلافات كثيرة والطباع متنوعة، وأن الفضيلة نادرة، وأن الكلام الذي يقوله الأشخاص ليس بالضرورة انعكاساً لدواخلهم، وأن منهم مَن يمدح شيئاً ويريد شيئاً آخر.

فالأفعال أصدق والزمن يحتاج لـ"وقت" حتى يبيّن لنا مَن هم هؤلاء.

كان عليها أن تعرف أن استهزاء الناس بقيمة الصالحين أو الصادقين في قصص الأنبياء لم يتوقف حتى هذه اللحظة، كان عليها أن تقرأ هذه التعليمات وتحفظها جيداً قبل أن تخطو خطوةً واحدةً في هذا العالم الحقيقي! حتى لا تصدم أو تهزم أو تتراجع أو تضعف:

1- الصدق استثناء، والكذب يسيطر على ألسنة الأغلبية، وأن الكذابين والاستغلاليين في كل مكان.
2- السارقون الحقيقيون يعيشون خارج السجون.
3- مدّعو الفضيلة كلاماً دون فعل هم الوجه الآخر للدجالين.
4- الحياة ليست عادلة.
5- قليلات الخلق والحياء وغير السويات يأسرن قلوب الرجال.
6- من يعطيك دون مقابل هو شخص لن يتكرر أو ضرب من الخيال.
7- المال يجعل الأغبياء أذكياء والسفلة كراماً في نظر مَن حولهم.
8- زمن المعجزات انتهى.
9- النهايات السعيدة غالباً تحدث في القصص فقط.
10- قليلو الذوق يهابهم الناس.
11- التناقضات أصل هذه الدنيا.. والكثير الكثير..

أنا لا أدعو في هذا المقال لتبنّي أي صفة سيئة بل أدعو إلى النظر إلى هذه الحياة بواقعية أملاً في تحسينها، فقد عمّت البشاعة كل مكان وسمعنا ورأينا الكثير من الأمثلة عن أشخاص رائعين لم يأخذوا ما يستحقون، وفي المقابل العكس صحيح، نعم أصبحت التناقضات تملأ عالمنا، وأصبحنا نصدم يوماً بعد يوم بانقلاب الموازين والمعايير والحقائق، نحن نعيش أزمة أخلاقية حقيقية، فما الحل؟

تحميل المزيد