وللناس فيما يكتبون مذاهب

نحن من نكتب لا نفكر بمردود مادي بقدر ما يعني لنا الناتج المعنوي والتأثير بشكل إيجابي عن طريق الكتابة لنقل صورة عن الواقع أو الخيال، وتجسيده في نص تترسخ جذورهُ بالفكرة والمعنى الذي يحملهُ لأطول وقت ممكن في ذاكرة ونفس جمهور القارئ.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/16 الساعة 03:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/16 الساعة 03:35 بتوقيت غرينتش

الكلمات لا تأتي بالخبز والتمر واللبن ولا بالأموال الطائلة والبيوت التي تطلّ على شواطئ أجمل المدن الساحلية مثلاً!

الصحفي أو الكاتب الأديب أو الشاعر وغيرهم هؤلاء بكلماتهم يضعون بين يدي القارئ معاناتهم وسعادتهم وأفكارهم ونجاحاتهم وحتى فشلهم إن تطلب الأمر.

نحن من نكتب لا نفكر بمردود مادي بقدر ما يعني لنا الناتج المعنوي والتأثير بشكل إيجابي عن طريق الكتابة لنقل صورة عن الواقع أو الخيال، وتجسيده في نص تترسخ جذورهُ بالفكرة والمعنى الذي يحملهُ لأطول وقت ممكن في ذاكرة ونفس جمهور القارئ.

الكلمات التي تحمل معاني عميقة وأفكاراً مجهرية دقيقة ليس من السهل تمريرها لتمكث وتقيم أو ربما تنتشر بين الناس!

للصحافة وعالم الكتابة والتدوين أشكال وألوان وأسرار لها العقل يحتار!

فلا تعتقد -عزيزي القارئ- أن النص الذي تقرأه خلال بضع دقائق هو ناتج جلسة برفقة فنجان قهوة أو كوب شاي والقليل من الموسيقى الهادئة كما يجزم الكثير على هذا الأسلوب، أو يتقمصون أدوارهم ككُتاب محترفين يمتهنون تسلسل الأفكار وترتيبها بمقدمة وحبكة وخاتمة لا تشوبها شائبة، البعض يفعل ذلك لكي لا تفقد كلماتهُ وقارها والحشمة التي تظهر بها موضوعاته أمام أنظارك وأنت تقرأ، ولكن من خلف الكواليس يعيش الكاتب معارك يحتاج لقوة الفكرة المدوّية، لرصانة الموضوع ولجمال الكلمة، والأسلوب البسيط المبتكر الذي يدفعك للاستمرار في القراءة.

إن فقد القارئ رغبتهُ بعد السطر السابع يعني أن الكاتب فشل في إيصال رسالته وفكرته.

لهذا نحن اليوم نشهد ثورة من التدوين والكتابة وممارسة الصحافة حتى من قِبل الهُواة ومحبي هذا المجال وإن لم يكونوا من أهل الخبرة والاختصاص فالساحة تتسع للجميع، والأقوى هو مَن يستدرج أفكارك حتى السطر الثمانين دون أن تشعر وأنت تقرأ لهُ بالملل، بل على العكس سوف ترغب بالمزيد من كلماته وأفكاره؛ لتقرأها وتبحر في أمواج معلوماته ومشاعره وتجاربه التي لا تتقيد بالشروط الكلاسيكية المتبعة عادة من قِبَل الآخرين.

هذا هو الكاتب والصحفي والمدون الناجح في أيامنا هذهِ، فلا خطأ أو عيب في ذلك على الرغم من أن ذكاء بعض الكتّاب جعلهم "يدسون السم في العسل" ويسوقون لأفكارهم المتمردة والخارجة عن إطار المألوف من خلال كتاباتهم، ونجد أن البعض استطاع وتمكن من النجاح في ذلك، والبعض وجد هجوماً لا بأس به، وكذلك حقق نجاحاً، والبعض تم تجاهلهُ وكأنه لم يكتب أبداً.

فيما تجد طائفة من المحترفين بالفعل في هذا المجال لا يروق لهم الأمر بتاتاً فكيف ينافسهم في أقلامهم وآرائهم جيل جديد يكتب بأسلوب قد يضرب بقواعدهم عرض الحائط، ويغيب حضور نصوصهم وأسمائهم من على الساحة، بدوري أخبرهم أنهم مرجع وعلى كلماتهم نحن تربينا وقرأنا وصقلنا مواهبنا، ولكن لا يبقى الحال على ما هو عليه حتى في مجتمع الصحافة والأدب، نحن بحاجة لأن نشهد تجدداً يتماشى ويحاكي روح العصر، لكي لا تصبح اللغة العربيّة بعيدة عن هذهِ الأجيال الجديد فيحتم علينا الوضع أن نكتب بطريقة قد لا تحمل كل الأسس السليمة التي اعتاد عليها مَن سبقونا في هذا المجال، ولكي لا تحل السطور القصيرة محل النصوص الطويلة علينا أن نكتب بشغف وحب وإبداع فكري وموضوعي يفرض حضورهُ بين أوساط الشباب ليأخذ بأيديهم إلى الرغبة المستمرة في المتابعة والقراءة دون انقطاع؛ ليكونوا على تواصل مع مجتمعاتهم وعاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم الفكرية والأدبية.

نحن عندما نكتب نشارك تجاربنا ونستطيع التعبير عن آرائنا من دون تسييس أو تدليس بل بصدق الكلمة والمعنى، فالصحافة بالنسبة لنا شغف مستمر لإيصال أصوات القرّاء قبل أصواتنا إلى العالم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد