في هذه الحقبة الزمنية نجد مَن خرج بصورة المسلم الذي يدافع عن الإسلام ويجاهد من أجله، يعمل بالوقت نفسه من أجل تشويهه بصورة باطنة، كأن تلفَّق أمور لا تمت للإسلام بصلة، كأولئك الذين ينفذون حركات إرهابية تدّعي أنها تجاهد من أجل الإسلام، فيما أن الإسلام لم تأتِ كتبه بما أتت به أفعالهم المكروهة لدى المسلمين وغيرهم، وبضرب المثل القيام بعمليات انتحارية وقتل رلمسلمين بمناظر لا تقل بشاعة عن مخططهم الذي أتوا به من أجل تشويهه، فالإسلام بريء منهم ومما يصفون.
ومن يريد أن يصبح حنيفاً، أو بالأصح يبحث عن دين حنيف، فلن يجد أمامه أفضل من الإسلام.
كذلك حثنا الدين الإسلامي على إقامة مجتمع يعيش على العدل والمساواة أيضاً، وأما بتعبير دقيق ومعرف يعد ديانة إبراهيمية وسماوية نزلت من عند الواحد الديان من أجل الخضوع لله دون غيره بصفته الواحد الذي لا إله غيره.
وبتسليم كافة طرق العيش السليم إلى بين يدي الخالق ثم إخضاعها لأركان الإسلام أمر سيلاقي صعوبة لا سيما في مجتمع جاهلي لا يفرق بين الخطيئة والصواب.
واجه النبي في طريقه مصاعب عدة؛ لأنه غير اتجاه ناس وفق اتجاه مغاير لما كانوا عليه قبل، ولكن بدأ النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ينشر الإسلام بالدعوة سراً، بدايةً من الضعفاء ثُم إلى الأقوياء ،بعد إن أوحى له الله بذلك.
ومكث يعمل على هذا المنوال مدة طويلة، وما إن قوي تدريجياً حتى بدأ ينشر الإسلام جهراً.
وقد أتى الإسلام آنذاك من عند الله ؛ ليحق الحق ويزهق الباطل، ويحرر الناس من عبادة الوثنية واليهودية والكاثوليكية التي عاشوها لفترة، ولينهي العصبية التي كانت تحكم الناس ما قبل منبع الدين، ويلم شمل المتقين.
ومن مشى على نهج الإسلام فقد سلك طريقاً تنصفه وتصنع منه فرداً من حسن حظه أنه ابتعد عن السبع الموبقات التي أمر الرسول باجتنابها، وهي: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".
هناك أشياء كثيرة حرمها الله -تعالى- في كتاب القرآن الكريم، ونجد أن تلك المحرمات تلقي على صاحبها بكلا الأحوال الضرر دون أن تجلب له الفائدة أبداً.
يُرى أن الله -عز وجل- لم يحرم الخمر والميسر واكتفى بأمرنا بأن نعمل باجتنابها بصفتها تعد رجساً من عمل الشيطان، وتسبب الضرر للإنسان أكثر من جلب الفائدة له، وهذه أعمال أمر الله باجتنابها؛ لأنها أكثر قذارة.
وعلى سبيل المثال القمار أو الميسر، فهي أكثرها قذارة، ويقع الفرد بسببها في مشاكل عدة، وعند ممارستها بشكل مستمر ستخلق المشاكل، وتسبب الانتحار أو القتل.
نجدها إذاً تؤدي إلى شيء محرم، ومثلها الخمر، فإذا تناول المرء الخمر ليس له الحق بأن يقول: لا يوجد هناك آية قرآنية نزلت من أجل تحريمه، ويقوم بتلك اللحظة لممارسة السكر بكل سهولة.
فبهذه الطريقة سيخالف كلام الله أكثر مما ينفذه، ونجد هنا أن كلمة "فاجتنبوه" تعني الابتعاد عنه، ويساوي الاجتناب هنا التحريم.
بصدد الموضع نفسه دخلت بصدد جدل عميق مع أحد الناس الذين يقتربون إلى العلمانية، عندما كتب حينها منشوراً حلل فيه الخمر، وقال ساعتها إن "الويسكي" شيء جميل، وإنه مشروب له فوائد عدة، منها فوائد متعلقة بالصحة كأن يكون كما قال علاجاً فعالاً للمعدة، ما دفعني لكي أكتب في تعليق قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه)، وكان رداً ينفي كلامه إلا أنه أصبح علمانياً أقرب ما يفسر القرآن حسب هواه، ولم يعِر تعليقي أي اعتبار.
ومن يقول إن القرآن لم يحرم الخمر أوافقه الرأي، ولكن لو نظرنا من منظور آخر فقد نزلت الآية بشيء أعظم من التحريم؛ إذ رأينا في الآية إن الله أمرنا باجتنابه، بصفة الخمر رجسا من عمل الشيطان، ولا يجلب الفائدة بل يذهب بالعقل الذي ميز الله به الإنسان عن الحيوان.
العقل محط التفكير ومكان إدارة الإنسان بنفس، وعند ذهابه يصبح الإنسان شبيه الحيوان، يعمل كل شيء بلا تفكير. في ظل الخمر ستقوم بعمل الزنا والقتل، وقد تعيث وتفسد، وهذه أمور محرمة في الدين الإسلامي الحنيف؛ لأنها تجلب لصاحبها المهلكة، والإسلام لا يريد للإنسان دائماً وأبداً إلا الخير، فليس من يقتل بغير حق مسلماً، ولا ذلك الذي سعى إلى التخريب وعاث فساداً بمجتمعه.
وإذا كان الإنسان يخاف الفواحش والمحرمات فعليه أولاً معالجة جميع الأمور المؤدية لذلك ومن بين الأمور المعالجة، اجتناب الخمر، وتأدية الصلاة.
الصلاة تنهى الفحشاء والمنكر، وتساعد على التمسك بأركان الإسلام أيضاً؛ لأنها أول ما يحاسب عليها العبد يوم القيامة، وكذلك من بين الأمور التي يتحلى بها المسلم التواضع وعدم التكبر، والطهر والتطهر، والتعلق في المساجد، ومراعاة الفقير، وإيتاء الزكاة، والعمل بكل شيء من أركان الإسلام والإيمان معاً، وكل هذه الأمور شدد على الحرص عليها، فبه سيكون للفرد منزلة رفيعة عند المسلمين وعند الله.
إذاً إن حاولنا أخذ نظرة بجدية على الإسلام، سواءً كانت من المسلمين منا أو الذين لا يعتنقون الإسلام، سنجد أن الإسلام دين بسيط ينظم حياة الإنسان والمجتمع، ويبعده عن الأشياء الضارّة للبشر بشكل عام، فلا يمكن له التحريض على القتل، ولكن عمل بتحريمه إلا بالحق، بل بشر القاتل والمقتول بالنار.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.