أكراد العراق لا يخافون رد فعل الجيش إذا انفصلوا.. لكن هذه القوة هي ما يقلقهم فعلاً!

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/14 الساعة 14:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/14 الساعة 14:35 بتوقيت غرينتش

مخاوف من نشوب صراعٍ جديد في شمال العراق تظهر على السطح قبل أسابيع من إجراء أكراد العراق استفتاء متنازعاً عليه بشأن الانفصال عن بغداد.

وتزايدت التحذيرات من نشوب حربٍ للسيطرة على المناطق الحدودية المختلطة الأعراق المتنازع عليها، مع توارد التقارير عن طرد القوات الشيعية مسؤولين أكراداً من إحدى المدن؛ لمنع التصويت، حسب تقرير لموقع "ميدل إيست إي" البريطاني.

وكانت حكومة إقليم كردستان قد رفضت طلباتٍ متكررة من بغداد، والولايات المتحدة، والقوى الإقليمية بتأجيل استفتائها المُزمع إقامته في 25 سبتمبر/أيلول 2017، وقالت إنَّها ستفعل ذلك فقط في حال قدمت الحكومة المركزية العراقية بديلاً.

كركوك

وتزايدت حدة التوتر في المناطق التي حررتها قوات حكومة إقليم كردستان خارج حدود الإقليم الأصلية التي أُقِرَّت عام 2003، من بينها مدينة كركوك.

ويوم الإثنين 11 سبتمبر/أيلول، قال رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، إنَّ "أي محاولة لتغيير الواقع باستخدام القوة" في كركوك "يجب أن تتوقع أنَّ كل كردي سيكون مستعداً للقتال".

وكركوك تعتبر مركزاً رئيسياً لإنتاج النفط في شمال العراق، وتعتبر تاريخياً مدينة متعددة الأعراق يقطنها الأكراد والتركمان والآشوريون والكلدانيون والعرب والأرمن.

صوَّت مجلس النواب العراقي، بإجماع الحاضرين من النواب، في جلسة الخميس 14 سبتمبر/أيلول 2017، على إقالة محافظ كركوك، نجم الدين كريم، المؤيد لإجراء استفتاء على استقلال كردستان العراق، حسب "بي بي سي".

وأفاد جوتيار محمود، عضو لجنة استفتاء الاستقلال في الإقليم، لموقع "ميدل إيست إي" البريطاني بأنَّ المناطق المتنازع عليها مثل كركوك كانت هي بؤرة المخاوف من نشوب صراعٍ جديد بعد الاستفتاء.

وأضاف: "سنواجه مشاكل حدودية في المستقبل القريب. وأعتقد -بلا شك- أنَّه ستكون هناك حربٌ أخرى، قريباً".

ولكن محمود وصف العراق بأنَّه "ضعيفٌ من الناحية العسكرية" بعد الصراع مع تنظيم داعش 3 سنوات، تعرضت فيها القوات العراقية لخسائر جسيمة، خاصةً في معركة الأشهر التسعة الأخيرة لتحرير الموصل.

ما هو الخطر الأكبر عليهم؟

الخطر الأكبر في نظر محمود هو جيش العراق الآخر؛ قوات الحشد الشعبي شبه النظامية التي تدعمها إيران.

وقال عن ذلك: "الحشد هو خطرٌ آخر، وربما تدفعهم إيران لمقاتلتنا".

وأضاف أنَّ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي "لا يتحكم في قوات الحشد، لكن إيران تفعل ذلك".

أعمال عدائية

وقد سبقت تصريحاته تلك نوباتٌ من الاضطرابات في بعض المناطق الحدودية المتنازع عليها.

ففي يوم السبت 9 سبتمبر/أيلول 2017، أنزل عربٌ محلِّيون عَلم حكومة إقليم كردستان من فوق أحد المباني التابعة لمجلس ناحية مندلي في محافظة ديالى، ونظَّموا احتجاجاً وهم يحملون السلاح، وإن كان سلمياً، في هذه الناحية.

وفي اليوم التالي، أقال مجلس الناحية العمدة الكردي، وألغى تصويتاً سابقاً جرت الموافقة فيه على مشاركة الناحية في استفتاء إقليم كردستان، وذلك بحسب شبكة رووداو الكردية الإخبارية. وقد نفى مصدرٌ مُطَّلِع الادِّعاءات بمشاركة الحشد الشعبي في الاحتجاجات، وقال إنَّ مثل تلك الأعمال لا تتماشى مع سياسة "الحشد".

وقال المصدر لموقع "ميدل إيست إي" إنَّه في حال شارك مقاتلون محليون تابعون للحشد، فإنَّهم يُمثِّلون أنفسهم، وليس الحشد الشعبي.

موقف التركمان والأيزيديين

وفي يوم السبت أيضاً، حثَّت 8 أحزاب تركمانية في كركوك التركمان الذين يعيشون بمناطق السيطرة الكردية على مقاطعة الاستفتاء، مُردِّدين بذلك موقف بغداد القائل بأنَّ الاستفتاء مخالفٌ للدستور.

وفي سنجار، انضم 2000 أيزيدي إلى الحشد الشعبي، وفقاً للمتحدث باسم الحشد أحمد الأسدي.

وقال اللاجئون الأيزيديون الذين يعيشون في المخيَّمات إنَّ تلك الخطوة جاءت نتيجة عدم الرضا عن قوات البيشمركة الكردية؛ لفشلها في حمايتهم من داعش في عام 2014، وأيضاً نتيجة ما قالوا إنَّه إهمالٌ وتهميشٌ مستمران للأيزيديين في ظل حكومة إقليم كردستان.

هؤلاء العرب لن يصوتوا

وبالإضافة إلى التوتُّرات القائمة، هناك أيضاً القيود المفروضة على الأشخاص الذين يحق لهم التصويت. فرغم أنَّ شمال العراق لطالما كان متنوعاً عِرقياً، لا يحق للعرب الذين أُعيد توطينهم ضمن مخططات التعريب إبَّان حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين التصويت في الاستفتاء، وذلك وفقاً لما قاله جوتيار محمود، عضو لجنة استفتاء الاستقلال في إقليم كردستان.

وقال محمود أيضاً إنَّ التصويت في المناطق المتنازع عليها سيكون مقتصراً على المناطق التي تسيطر عليها البيشمركة، مُضيفاً أنَّ قوات الحشد الشعبي أوضحت أنَّها لن تقبل وضع صناديق الاقتراع في أي منطقة خاضعة لسيطرتها.

كركوك.. برميل من البارود

يحافظ كلٌ من البيشمركة والحشد الشعبي على حضورٍ عسكري قوي في عدد من المناطق المتنازع عليها، بما في ذلك محافظة كركوك.

وأُفيد بأنَّ عدة آلاف من المقاتلين التركمان ضمن صفوف الحشد الشعبي يسيطرون على ما يصفه الأسدي بحصة الأسد من المحافظة، لكنَّه أصرَّ على أنَّ أي حديثٍ عن نشوب حرب هو مجرد ضجيجٍ سياسي.

وقال الأسدي لموقع "ميدل إيست إي": "تأسَّس الحشد الشعبي لضمان استقرار وأمن العراق، وليس لإشعال الحروب الطائفية والإقليمية. وأي شخص يُروِّج لهذه الأفكار عن الحرب بين العراق وكردستان هو دخيلٌ يهدف لزعزعة استقرار وأمن العراق".

وأضاف: "الأمور في كردستان لن تؤدي إلى حرب، وهذا الحديث ليس سوى زوبعة سياسية عابِرة لتحقيق بعض الأغراض السياسية لبعض الساسة الأكراد. فنحن ننظر إلى إقليم كردستان باعتباره أرضاً عراقية، وسندافع عنه، كما نواصل الدفاع عن كامل العراق".

وقال الأسدي إنَّ "العلاقات الأخوية" بين مقاتلي الحشد والأكراد قد برهنت عليها الكيفية التي وقفوا بها متحدين في خندقٍ واحد دفاعاً عن العراق في المعركة ضد داعش.

هل تقع الحرب؟

وردَّد الدكتور كمال كركوكي، أحد قادة البيشمركة المتمركزين بالقرب من بلدة الحويجة الخاضِعة لسيطرة داعش، هذا الشعور، قائلاً إنَّ فرصة الحرب مع العراق "ضئيلة للغاية، إن لم تكن مستحيلة"، لكنَّه كان حريصاً على إعادة التأكيد على قوة البيشمركة.

فقال: "قوات البيشمركة مستعدة دوماً للدفاع عن أرضنا، وأعتقد أنَّ المعركة ضد داعش قد أظهرت للعالم كله ما يمكن لقواتنا تحقيقه. ومع ذلك، فنحن مُصمِّمون على استخدام الاستفتاء وكافة الوسائل الديمقراطية في مفاوضاتنا مع بغداد من أجل انفصالٍ ودي".

وأصرَّ كركوكي على أنَّ هزيمة داعش تظل أولوية لكلٍ من حكومة إقليم كردستان وبغداد، وقال إنَّ هناك تعاوناً مستمراً بين القوات العراقية وقوات البيشمركة.

وبعد هزيمة داعش في تلعفر بسرعة، تستعد القوات العراقية الآن لبدء عملياتها من أجل استعادة الحويجة، في واحدةٍ من مناطق النزاع الكثيرة على طول الحدود بين إقليم كردستان والعراق.

واعترف كركوكي بوجود مشكلاتٍ متكررة بين القوات العراقية المتنافِسة، لكنَّه ظل مُصِرَّاً على أنَّ الاستفتاء سيساعد على حل تلك المشكلات في المناطق الحدودية بدلاً من مفاقمتها.

فقال: "الاستفتاء وسيلة سلمية وديمقراطية لحل المشكلات المزمنة بين إقليم كردستان والعراق. وهو وسيلة لنزع فتيل الحرب والصراعات الداخلية في المناطق المُحرَّرة حديثاً، خصوصاً ما يُسمَّى المناطق "المتنازع عليها".

تحميل المزيد