في الجزائر انتهت العطل وعاد بلال بارة إلى أرض الوطن برفقة 115 فرداً آخر من أعضاء جيل الترجيح "منظمة غير حكومية" وهذا بعد قضائهم لعطلتهم الصيفية بتونس.
حال بلال ورفاقه بالآلاف، إذ عادت قوافل السياح التي دخلت إلى تونس، وطارت نحو المغرب وتركيا، وبعض الدول الأخرى بغرض السياحة، تاركة الشواطئ والطبيعة الساحرة في الجزائر، خاوية تنتظر من يغازلها.
أزيد من أربعة ملايين
غادر الجزائر هذه السنة ما يزيد عن 4 ملايين سائح بحسب رئيس نقابة الوكالات السياحية في الجزائر إلياس سنوسي، والذي اعتبر تونس، المغرب، تركيا وإسبانيا الوجهة الأولى لهم.
سنوسي في حديثه مع عربي بوست أكد "بأن الحجوزات التي تمت على مستوى مختلف الوكالات المنتشرة عبر الوطن، تعدت 3 ملايين و200 ألف حجز، والباقي قام بالحجز المباشر عن بعد أو عند الوصول.
وتؤكد أرقام شرطة الحدود في الجزائر بأن حركة النقل عبر المنافذ البرية، والبحرية والجوية خلال السداسي الأول من السنة الجارية 2017 بلغت أزيد من 6 ملايين أغلبهم سافروا خلال العطلة الصيفية .
وحسب ما جاء في الشروق اليومي، فإن وحدات الشرطة قامت بتسهيل الإجراءات الأمنية لـ 6528775 مسافراً عبر كافة المعابر الحدودية سواء البرية، البحرية أو الجوية، من بينهم 1736849 مسافراً من جنسية أجنبية، توزعوا عبر كافة المعابر الحدودية، حيث جاءت المعابر الحدودية الجوية بـ 3893774 مسافراً، تلتها المعابر البرية بـ 2452237 مسافراً، ثم المعابر البحرية بـ 182764 مسافراً.
تونس تمتصُّ الجزائريين
تونس هي الوجهة الأولى للجزائريين خلال العطلة الصيفية، كما يؤكد رئيس نقابة الوكالات السياحية في الجزائر إلياس سنوسي، بأن عدد الجزائريين الذين دخلوا هذا البلد جواً، وبراً فاق المليوني سائح.
وتشير الأرقام الرسمية بحسب سنوسي "في 2016 دخل مليون و800 ألف سائح جزائري إلى تونس، رغم الوضع الأمني الذي كان صعباً حينها على الحدود بعد العملية العسكرية المشتركة الجزائرية التونسية".
ويضيف "استقرار الأوضاع، وتوقيت شهر رمضان الذي كان على أبواب العطلة، ساهم بشكل كبير في الحجز، وارتفاع أعداد السياح الجزائريين بتونس"
وكانت وزيرة السياحة التونسية سلمى اللومي، قد تحدثت وفق ما نشرته جريدة البلاد الجزائرية عن ارتفاع عدد السياح الجزائريين في بلادها هذا العام 2017، بأكثر من 60%.
مشيرة إلى أن مداخيل السياحة في تونس فاقت 613 مليون دولار منذ بداية 2017، مؤكدة بأن استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد، كان وراء ارتفاع عدد السياح الذين قد يصلون إلى 6 ملايين سائح.
النزيف امتد حتى بعد العيد
لوصيف حماشي رب أسرة من أربعة أفراد، اختار أن يسافر بغرض السياحة إلى تونس بعد انقضاء عيد الأضحى المبارك، وكان يمني النفس أن لا يجد الضغط المعهود على المعابر الحدودية، كما يقول لعربي بوست "قررت اختيار ذلك التاريخ، هروباً من الطوابير الكبيرة بالمعابر البرية سيما معبرا بوشبكة وأم الطبول المعروفين، لكن رغم ذلك وجدت المئات يتأهبون لمغادرة الوطن لقضاء عطلتهم".
ويردف "لم يمنع الدخول الاجتماعي وعيد الأضحى تحرك السياح الجزائريين نحو تونس، وهو ما تبين لنا لما وصلنا إلى معبر أم الطبول البري، فرغم مرور يومين فقط عن العيد واقتراب الدخول المدرسي بأربعة أيام إلا أن الحركة كانت دؤوبة جداً".
لوصيف وعائلته قضوا أسبوعاً بتونس، قبل العودة إلى الجزائر، ليلتحق ابنهم أحمد بمقاعد الدراسة بعد يومين تأخر.
رحلة البحث عن الخدمات
على الرغم من كون الجزائر من البلدان التي تحتوي مؤهلات سياحية عظيمة، من السواحل، إلى الجبال والسهوب والحمامات المعدنية وصولاً إلى السياحة الصحراوية، فإن المواطن الجزائري يهرب منها إلى وجهات سياحية أخرى.
بلال بارة سائح جزائري قضى رفقة 115 من زملائه قرابة 15 يوماً بمدينة سوسة السياحية في تونس، بعدما دق جميع الأبواب في بلده ولم تفتح له، وحتى وإن فتحت فهي بأثمان باهظة للغاية.
يصرح بارة لعربي بوست "قررنا في جيل الترجيح وهي منظمة غير حكومية، أن ننظم مخيماً شبابياً لفائدة 115 شاباً وشابة، وقد أجرينا اتصالات كبيرة مع مؤسسات فندقية وسياحية بالجزائر، لكن غلاء الأسعار مقارنة بالخدمات المقدمة حال دون إتمام صفقة التخييم وهو ما جعلنا نهرب إلى تونس".
ويضيف "مشكل السياحة في الجزائر سببه الأول هو انعدام الخدمات، وتدنيها إن وجدت، فعلى الشاطئ تجد مئة موقف للسيارات وأغلبها فوضوية، وتتم خصخصة مساحات من الشاطئ من طرف أشخاص بطرق فوضوية، أما الحديث عن النظافة فذلك من الأمنيات".
أما لوصيف حماشي فيروي قصة هروبه إلى تونس بغرض السياحة بالقول "قبل قراري بالذهاب إلى تونس رفقة العائلة اتصلت بفندق بتيبازة 100 كلم غرب العاصمة، وقيل لي بأن حجز ليلة واحدة يكون ب7000 دج (60 دولاراً) لليلة الواحدة مع توفير فطور الصباح والغداء لشخصين، عرض في البداية أعجبني" لكن "عند وصول الموعد، كررت الاتصال وصدمت لما قيل لي بأن سعر الليلة الواحدة ولشخصين هو 11 ألف دج (95 دولاراً)، وبأن من تحدث إليه سابقاً أخطأ في تحديد السعر، ما جعلني أصرف النظر تماماً عن فكرة العطلة في الجزائر".
حلم الوزير
في أول خرجة له في 27 أغسطس/آب 2017 منذ تعيينه وزيراً للسياحة، ألح وزير السياحة حسان مرموري على ضرورة إعادة السائح الجزائري إلى وطنه من خلال عمليات توسعة ضخمة للأماكن السياحية.
الوزير وبحسب ما نشرته جريدة الشروق الجزائرية، أشار إلى استغلال كل الأوعية والعقارات السياحية التي يوفرها الشريط الساحلي للجزائر قصد إنجاز وتجسيد مرافق وهياكل سياحية، سواء عمومية أو خاصة.
وأضاف "لا بدّ من تشجيع الخواص على الاستثمار السياحي، ودعوتهم لتهيئة المناطق والفضاءات التي تحتضن مثل هذه المرافق السياحية، وذلك يهدف حسب الوزير إلى الرفع من قدرات الاستقبال التي تسمح باستقطاب السياح وخلق المنافسة لتوفير خدمات سياحية راقية".
تسويق إعلامي مفقود
مشكلة البنية التحتية والخدمات تنضاف إليها مشكلة الدعاية والتسويق كما يعتقد الدكتور يامين بودهان أستاذ في الإعلام والاتصال بجامعة محمد الأمين دباغين، في نظره فإن غياب إستراتيجية واضحة للتسويق الإعلامي للإمكانيات السياحية في الجزائر من قبل السلطات الوصية ممثلة أولاً في وزارة السياحة وثانياً في الوكالات السياحية العمومية والخاصة هو سبب تراجع ثقة السائح الجزائري والأجنبي في الخدمات السياحية للبلاد.
بودهان يضيف في حديث مع عربي بوست "لا يوجد تخطيط لتحسين صورة الجزائر سياحياً، ولم يتم استغلال التقنيات الحديثة والسمعية البصرية بالشكل الكافي لإعداد فيديوهات ذات جودة وأفلام وثائقية تروج للموروث السياحي توجه للإعلام الجزائري والخارجي".
فالجزائر بإمكانياتها الكبيرة بحسب الخبير الإعلامي عجزت حتى على شراء مساحات إعلانية في وسائل الإعلام الدولية الكبرى لتحسين صورة السياحة، عكس دول الجوار التي عرفت كيف تسوق لإمكانياتها السياحية إعلامياً رغم أنها لا تتوفر على إمكانيات الجزائر.