كشف مسؤولون إن بنغلاديش تعتزم المضي قدماً في خطة لتطوير جزيرة منعزلة ومعرضة للسيول في خليج البنغال، لنقل عشرات الآلاف من الروهينغا المسلمين إليها.
وبنغلاديش هي دولة مسلمة، وواحدة من أفقر وأكثر البلدان ازدحاماً في العالم، وتواجه تحدياً هائلاً، مع تواصل تدفق اللاجئين الروهينغا المسلمين الفارين من حملات الإبادة التي تشنها ضدهم القوات الحكومية في ميانمار المجاورة.
وترفض داكا استقبال الروهينغا، وأمرت حرس الحدود بمنع من يحاولون الدخول بشكل غير قانوني. لكن زهاء 125 ألف شخص من الروهينغا عبروا إلى بنغلاديش في عشرة أيام فقط، لينضموا إلى أكثر من 400 ألف آخرين يقيمون في مخيمات مؤقتة مزدحمة.
جزيرة الموت
وقال مسؤولون في بنغلاديش إنه توجد مناطق لا يمكن فيها منع دخول اللاجئين بسبب طبيعة الحدود مثل الغابات والتلال.
وأضافوا أنهم طلبوا المساعدة من الوكالات الدولية لنقل الروهينغا مؤقتاً إلى مكان يستطيعون العيش فيه، وهو جزيرة تسمى ثينجار تشار.
والجزيرة التي تكونت نتيجة تراكم الطمي قبالة دلتا بنغلاديش قبل 11 عاماً فقط، تبعد ساعتين بالمركب من أقرب مكان مأهول وتتعرض لسيول خلال فترة الأمطار الموسمية، من يونيو/حزيران وحتى سبتمبر/أيلول.
وفضلاً عن السيول، فإنه عندما تهدأ البحار يجوب القراصنة المياه القريبة بحثاً عن صيادين لخطفهم مقابل فدى.
وقد طرحت هذه الخطة من قبل، في أواخر شهر يناير/كانون الثاني 2017، لنقل عشرات الآلاف من لاجئي الروهينغا من ميانمار إلى جزيرةٍ ثينجار تشار النائية والمُعرَّضة للفيضانات، والتي وصفتها جماعاتٌ حقوقية كذلك بأنَّها "غير صالحة للسكن".
ورفضت جماعاتٌ حقوقية آنذاك الاقتراح، قائلةً إنَّ الجزيرة تُغمَر بالفيضانات تماماً في موسم الرياح الموسمية. ووصفت الأمم المتحدة هي الأخرى إعادة التوطين القسري بأنَّها عملية "مُعقَّدة ومثيرةٌ للجدل جداً".
ومنذ تصاعد الهجمات ضد الروهينغا، في أغسطس/آب المنصرم، وثَّقت الجماعات الحقوقية حرائق نشبت في 10 مناطق على الأقل من ولاية راخين (آراكان) في ميانمار. وقد فرَّ أكثر من 50 ألف شخص نتيجة لأعمال العنف، فيما حُوصِر الآلاف فى منطقةٍ خالية بين البلدين.
وطبقاً للأمم المتحدة، منعت دوريات الشرطة مئات المدنيين الذين حاولوا دخول بنغلاديش من دخولها. كما احتُجِز الكثيرون وعادوا قسراً إلى ميانمار.
الحدود الدموية
وكما تحاول بنغلادش التخلص من عبء اللاجئين الروهينغا، سواء عبر منعهم بداية من عبور الحدود أو محاولات نقلهم إلى جزيرة نائية غير مأهولة، فإنه يبدو أن ميانمار أيضاً تحاول الحيلولة دون عودة هؤلاء اللاجئين إلى البلاد عبر حل لا يقل دموية عن عمليات الإبادة العرقية التي حذرت منها عدة جهات حقوقية دولية مؤخراً.
فقد صرَّح مصدران بحكومة بنغلاديش، أن ميانمار تقوم منذ ثلاثة أيام بزرع ألغام أرضية عبر قطاع من حدودها مع بنغلاديش، وأضافا أن الغرض من ذلك قد يكون للحيلولة دون عودة الروهينغا المسلمين الذين فروا من العنف في ميانمار.
وقال المصدران اللذان على معرفة مباشرة بالموقف، لكنهما طلبا عدم الكشف عن هويتهما بسبب حساسية الأمر، إن بنغلاديش ستتقدم باحتجاج رسمي على زرع الألغام الأرضية على مسافة قريبة جداً من الحدود.
وقال أحد المصدرين "إنهم يضعون الألغام الأرضية في أراضيهم على امتداد سياج الأسلاك الشائكة"، بين سلسلة من الأعمدة الحدودية. وقال المصدران إن بنغلاديش علمت بأمر الألغام في الأساس من خلال أدلة تصويرية وأفراد مراقبة.
وقال أحد المصدرين "رأت قواتها أيضاً ثلاث أو أربع مجموعات تعمل بالقرب من سياج الأسلاك الشائكة، وتضع شيئاً على الأرض.. تأكدنا بعد ذلك من خلال مراقبينا أنهم كانوا يضعون ألغاماً أرضية".
ولم يوضح المصدران ما إذا كانت المجموعات ترتدي زياً رسمياً، لكنهما أضافا أنهما واثقان بأنهم ليسوا من مسلحي الروهينغا.
وقال منذر الحسن خان، الضابط بقوات حرس الحدود في بنغلاديش لرويترز في وقت سابق، إنه تم سماع انفجارين يوم الثلاثاء على الجانب الخاص بميانمار، بعد أن أثار انفجاران يوم الإثنين تكهنات بأن قوات ميانمار زرعت ألغاماً أرضية.
وقال خان إن صبيا فقد ساقه يوم الثلاثاء، قرب معبر حدودي، ثم نقل إلى بنغلاديش للعلاج، في حين تعرَّض صبي آخر لإصابات طفيفة، مضيفاً أن الانفجار ربما كان ناجماً عن انفجار لغم.
وقال لاجئان لرويترز إنهما شاهدا أعضاء من جيش ميانمار حول الموقع، في الفترة التي سبقت الانفجارين مباشرة، اللذين وقعا في حوالي الساعة 2.25 مساء.
ولم يتسن التحقق من مصدر مستقل بأن العبوات المزروعة هي ألغام أرضية، أو وجود أي صلة لها بجيش ميانمار.
ولم يعلق جيش ميانمار على الانفجارين اللذين وقعا قرب الحدود.