"المجتمع عايز كده" الجملة اللي بنسمعها بشكل شبه روتيني وسريع بعد أي تصرف أو رأي مخالف للي بيقوله وعايزه المجتمع! والغريبة إن الجملة دي بتتقال من غير ما نفكر مين هو المجتمع ده؟ اللي هو بيكون في الغالب عبارة عن مجموعة ناس في فترة من الزمن أقروا شوية عادات وتقاليد وأعراف تبناها بعض الناس معاهم، فأصبحوا هما دول المجتمع.
اللطيف برضه إننا ما نعرفش نسبة للمجتمع ده كام، الفكرة كلها إن المجتمع ده صوته عالي، أعلى من أي صوت تاني بينادي بحاجة مختلفة!
الأغرب إن المجتمع ده مش بس مش بيرضى بالتغير، ده مش بيسمح لأي حد إنه يختلف معاه ويعيش بمبادئ وطرق خاصة بيه، "صح أو غلط ده مقياس شخصي مطاطي يختلف من شخص لآخر".
تقاليد المجتمع غيّرت فينا وفي مخنا وفي قدرتنا على التفكير المنطقي، أهم حاجة إنك تعدل الشبشب المقلوب عن إنك تعدل الفكر المغلوط! علشان المجتمع عايز كده. بقينا في بعض الحاجات حافظين وبس، بنعملها حتى لو إحنا مش مقتنعين أو فاهمين لمجرد إن المجتمع عايز كده.
إنك تغطي الستات علشان هما عورة علشان المجتمع قال كده! إن الست مالهاش رأي ومش لازم يكون ليها صوت. وإنها سبب كل العثرات اللي بيقع فيها الراجل! الغلط عليها مش عليه، غريبة أوي! المجتمع شاف وقال كده من سنين، وإحنا مش بنحاول نفكر أو نسأل "ليه وإزاي؟!".
أي واحدة تتكلم عن الحريات تبقى مُنحلة علشان المجتمع شايفها كده! أي شخص يتساءل عن المُسلمات يبقى كافر؛ لأن المجتمع عاجز عن الرد فالأسهل يكفره!
"الأوضة الضلمة فيها عفريت" ده اللي اتربينا عليه، وكل فكرة جديدة، كل تحدي، كل نقاش، كل تبني لقضية بالضرورة يكون فيه عفريت، علشان دي حتة ضلمة المجتمع يخاف يدخلها.
"كل المجهول مرفوض" لو قلت أي فكرة جديدة أو مختلفة هتتهاجم، ليه؟ علشان مجهولة بالنسبة للمجتمع وكل حاجة مجهولة مرفوضة. خلينا في اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش!
فضلت الأرض مُسطحة لسنين كتيرة؛ لأن المجتمع قال إنها مُسطحة، لغاية لما جه واحد وقرر يفكر أو يحط فرضية مختلفة، مش يمكن تكون حاجة تانية غير كونها مُسطحة.
"عيش عيشة أهلك" أهلك عاشوا وماتوا بنفس طريقة أجدادك، محدش يمكن يكون سأل ولا فكر حتى. هما شافوا الحياة بعين واحدة، عين اللي سبقوهم وكأن فيه جيل واحد هو اللي تبنى يشوف وياخد خبرات معينة يفرضها على كل اللي بعده. يمكن بيوفر عليه التجربة والاكتشاف واحتمالية الاختلاف عن أي حاجة فاتت.
الفكرة إن اللي ما نعرفوش ما جربناهوش، واللي ما جربناهوش ما نعرفوش، دي مش فزورة البيضة ولا الفرخة. دي ببساطة إنك محتاج تجرب علشان تعرف، وعلشان تعرف لازم تجرب وبعدها احكم.. مفيش صح مُطلق ولا خطأ مُطلق.
المجتمع عايز قوالب واحدة، المجتمع بيخاف من التنوع والتمايز، فالأفضل ليه إن كل الناس تلبس لبس واحد وتفكر بطريقة واحدة. وتحافظ على المُسلّمات والموروثات ومعاها حتى الخرافات بدون تفكير أو تمييز! المجتمع بيخاف من السؤال بيخاف من كلمة "ليه؟!"
إحنا صعب نقول ما نعرفش، وما نحبش نطلع غلط، المجتمع كمان خايف يطلع غلط! خايف يعترف إن فيه حاجات غلط ومش صح ومالهاش أساس وإنها خرافة ومش علمية! خايف يدي حقوق لكل الناس بالتساوي والعدل، خايف من النور علشان بيفضح كل حاجة متدارية، فبيفضل قافل على الأوضة الضلمة علشان يفضل وهم العفريت اللي جواها بيخوف الناس!
الحياة كل يوم بتديلك فرصة تانية، فرصة للحياة الحقيقية، فرصة إنك تكون نفسك، فرصة إنك تستخدم عقلك.. إنك تكتشف.. تبدع.. تمشي في طريق جديد مش في الطريق اللي مرسوم ليك من اللي قبلك، فرصة إنك تكون مسؤول مسؤولية كاملة عن حياتك من غير جملة "همّا قالوا".
المجتمع عايز كده.. إنتَ عايز إيه؟!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.