لقد كنا في يوم ما أصدقاء، كانت أقرب لي من قلمي، وأوراقي التي أعشق الحبر وهو يزينها بخطي، من أوتار صديقي التي تنغّم كلماتي التي كتبتها فيها دون أن تعرف، من الألحان التي تحرض أحلامي ولا تتوقف، ولكن كانت هي أقرب منها.
عشقت أكاذيبي التي كنت أنثرها حولها وقت انتظار الحافلة التي تأخذها منّي إلى مكانها الذي لا أستطيع دخوله ولا محادثتها فيه، كنت أرى هذا الباص كشيطان يقترب فألعنه، وألعن الساعة وتوقيت انتهاء عملها الذي يأتي هذا الشيطان بعده ليأخذها.
كنا في أغلب الأوقات ندّعي عدم رؤية هذا "الباص"؛ كي يمر ويطول الحديث، كنت استمتع بالكذب عليها حول حبيبتي التي تريد أن تعرف اسمها ولا أخبرها فيزيد فضولها وشكها في أنني أحاول تضليل ظنونها المرتبكة.
كنت أعشق نظرتها لأعلى كي ترمق عيني وأنا أصدُق الكذب، ثم تفضحني عيناي فأواجه عينيها كي ترتبك وتتوقف عن البحث داخل عيني خوفاً من أن تفضح كذبي النظرات.
نظرتها كانت تزيد في صانعاً عاطفتي ورغبتي بوضع يدي على رأسها والمسح عليها مثلما نداعب الأطفال!
هي حقاً كانت كالأطفال، حالمة، بريئة، خجولة في نظرتها، تضحك فلا ترى ضحكتها، طيبة الدنيا تجمعت لتكون شخصيتها!
هذا كان فيما كان، فلم تبقَ الأحوال هي الأحوال، اختفت فتاتي فجأة من دون سابق إنذار، بحثت عنها فلم أجد لها أثراً لا في عملها، ولا في أماكن تذكُرها، في حسابات تواصل أعرفها، في كل مكان!
أرهقني تفكيري حتى قررت في يوم أن أذهب وأجرب أمراً فأصادق ذاك (الباص الشيطان) لعلي أراها بالصدفة، أو أعرف أحداً يعرفها، فأرسل معه أكاذيبي لينقلها، ويلوم عليها ويسألها هل كانت بحب ترمقني، أم كنت في جدول مشاعرها فقرة لطيفة مسلية نسيتها بمجرد أن يسبق غيري بشراء الحب مباشرة من دون أكاذيب صادقة، ومن دون أن يبقى طويلاً يلعن الباص الشيطان؟!
يئست فلم أجدها ولم أجد إجابات وإن كنت أنتظر صورة فرحتها بدوني بين الصفحات، وأعلن وفاة أكاذيبي الصادقة التي نثرتها حول مشاعرها لأُنهي تلك الأسطورة وأعود لأبدأ من جديد في لعن صديقي "الباص الشيطان"!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.