قد يكون الخلاف الحدودي طويل الأمد بين مصر والسودان سبباً في عزل القاهرة عن المفاوضات حول تقاسم نهر النيل مع استمرار إثيوبيا في بناء سد كبير على منبع النهر.
وأعلن وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور الأسبوع الماضي أن النزاع الذي استمر 10 سنوات حول مثلث حلايب الذي تحتله مصر يمثل "عقبة أمام العلاقات" بين البلدين، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية.
وقال في تصريحات لصحيفة "الشروق" في السودان، إن رفض مصر تقديم النزاع إلى التحكيم الدولي يدعم مطالبة السودان بالمنطقة الصحراوية.
وقد أعربت مصر عن قلقها المتزايد خلال السنوات الأخيرة من مشروع السد الإثيوبي خشية انخفاض حصتها من النيل. وينبع النيل الأزرق، وهو رافد النهر الرئيسي، الذي يشكل نحو 80% من حجم النهر، من مرتفعات إثيوبيا قبل أن يندمج مع النيل الأبيض في الخرطوم.
ويوفر النيل تقريباً كل المياه العذبة في مصر وقدراً كبيراً من الكهرباء.
وتقول إثيوبيا إن السد لن يكون له أثر سلبي على مصر أو السودان، وتؤكد أنه أمر حيوي لتنميتها.
ويزيد اقتراب السودان من إثيوبيا، ربما على أمل الحصول على الكهرباء الرخيصة من المشروع الكهرومائي الجديد.
وكان السودان قد قدم أول شكوى ضد مصر حول مثلث حلايب إلى مجلس الأمن الدولى فى عام 1958، مدعياً السيادة على المنطقة. وهو يجدد الشكوى سنوياً.
وزار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في وقت سابق من هذا الشهر دول حوض النيل: رواندا وتنزانيا لحشد التأييد لنداءات القاهرة المتكررة من أجل تعاون أوثق وأكثر كفاءة فى استخدام مياه النهر.
وتركزت المحادثات الثنائية التي جرت خلال زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي هايله مريم ديساليغنه إلى السودان في 17 أغسطس/ آب حول مياه النيل وسد النهضة. وهو التقارب الذي بدأ في إثارة قلق الجانب المصري، خاصة بعد تحول السودان إلى دعم الموقف الإثيوبي بعدما كانت أحد الحلفاء الاستراتيجيين للقاهرة فيما يخص ملف مياه النيل.
وقال هاني رسلان، خبير الشؤون الإفريقية، لموقع المونيتور: "تحتاج مصر الآن إلى كسر التحالف الإثيوبي مع الدول الجنوبية لحوض النيل في مواجهة الأغلبية، بالإضافة إلى إيقاف التعبئة التي روجت لها إثيوبيا ضد مصر، بادعائها سيادة مصر المطلقة على مياه النيل. لا يتعلق السعي المصري للتقارب بالوصول إلى تحالف مع دول حوض النيل بالضرورة، بقدر ما يتعلق بعدم اكتساب المزيد من الأعداء".
ولا تمتلك القيادة السياسية في مصر خياراً سوى العمل على مدى الطويل للحفاظ على مصالحها المباشرة في المنطقة، وتأمين حاجاتها الأساسية من مياه النيل. ويُعد هذا الملف أحد أكثر الملفات المطروحة تعقيداً، إذ تصر دول المنبع على استغلال الموارد استناداً إلى مبدأ الاستخدام العادل والمنصف لمياه النيل.