أثار تصاعد الهجمات التي تشنها القوات الحكومية ضد مسلمي الروهينغا بإقليم أراكان مؤخراً، التساؤلات حول توقيت تلك المجازر التي أسفرت خلال 3 أيام فقط عن مقتل بين ألفين إلى 3 آلاف شخص، بحسب تصريحات مجلس الروهينغا الأوروبي.
وتزامنت الهجمات ضد الشرطة في إقليم أراكان غربي ميانمار، و"مجازر" الجيش التي أعقبتها بحق مسلمي الروهينغا، عقب تسليم الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان، لحكومة ميانمار تقريراً نهائياً، في 23 أغسطس/آب الجاري 2017، بشأن تقصي الحقائق في أعمال العنف ضد مسلمي "الروهينغا" في أراكان.
ويبدو أن وقوع هجمات على مخافر الشرطة بالإقليم، و"المجازر" التي تطال المسلمين هناك جاء في توقيت ذي دلالة، حيث طالب التقرير الذي قدَّمه الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، حكومة ميانمار بإعطاء المسلمين حقوقهم.
ففي اليوم التالي من إعلان اللجنة تقريرها للرأي العام العالمي، في 24 أغسطس/آب، وقعت هجمات متزامنة على مخافر للشرطة، وحرس الحدود في منطقة مونغدو غربي أراكان، خلفت 96 قتيلاً.
وزعم بيان صادر عن مكتب وزيرة خارجية ميانمار، مستشارة الدولة (رئيسة الحكومة)، أونغ سان سو تشي، أن "جيش تحرير روهينغا أراكان"، أعلن مسؤوليته عن الهجمات عبر موقعه على شبكات التواصل الاجتماعي.
وسبق أن أعلن جيش تحرير روهينغا أراكان، أو ما كانت تعرف بحركة اليقين عند تأسيسها قبل نحو عام، عن اتخاذ قرار بالتحرك للدفاع عن القرويين بعد اشتداد وطأة الحصار المفروض عليهم، وارتفاع عدد القتلى مؤخراً.
وعقب الهجمات بدأت قوات جيش ميانمار، هدم قرى المسلمين وارتكاب "المجازر" بحق سكانها، متذرّعةً بتلك الهجمات.
وأعلن مجلس الروهينغا الأوروبي، الإثنين الماضي، مقتل ما بين ألفين إلى 3 آلاف مسلم في هجمات جيش ميانمار بأراكان خلال 3 أيام فقط.
وثمة مخاوف من سقوط آلاف القتلى في إقليم أراكان، في حين فرَّ عشرات الآلاف بحثاً عن مناطق آمنة للحفاظ على حياتهم.
الموقف الدولي.. ماذا قدم لهم؟
ولا يزال الموقف الدولي يدور في فلك الإدانات والمناشدة بتقديم المساعدات، رغم تقرير عنان الذي طالب بتوفير حقوق لمسلمي الروهينغا الذين يعانون من أوضاع إنسانية جائرة.
فقد أدان أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الإثنين الماضي، أحداث العنف التي شهدتها ولاية راخين (أراكان)، معرباً عن "القلق الشديد إزاء تقارير مقتل مدنيين أثناء العمليات الأمنية".
وناشد غوتيريش، السلطات في بنغلاديش، أن "تواصل السماح للفارين من العنف من أبناء الروهينغا، وغالبيتهم من النساء والأطفال، وبعضهم مصابون، بالتماس الأمان في بنغلاديش".
وبحسب عطا نور الإسلام الأراكاني، الناشط الروهينغي ومدير قناة آرفيجين العربية، فقد تم تهجير أكثر من 50 ألف شخص من المسلمين الروهينغا خلال الأسبوع الأخير فقط، وهم الآن في الجبال والغابات أو في المنطقة الحدودية بين بورما وبنغلاديش.
من جهته، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يتابع عن كثب ما يحدث في إقليم أراكان، وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية ماجا كوسيجانسيك: "نتابع الوضع عن كثب، عيوننا ليست مغلقة تجاه ما يحدث في أراكان".
وطالبت بريطانيا على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت، بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بشأن أعمال العنف التي تشهدها ولاية "راخين" (أراكان).
ودعت مفوضة الحكومة الألمانية لحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية، بيربل كوفلر، الأربعاء، حكومة ميانمار إلى تطبيق توصيات تقرير أعدته اللجنة الاستشارية لإقليم أراكان، برئاسة الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، كوفي عنان.
وقالت كوفلر، في بيانٍ، إنها تتابع بقلق كبير الأحداث التي أدت إلى عودة الأمور إلى الاشتعال شمالي إقليم أراكان، وتسببت في مقتل عدد كبير من الأشخاص.
وأدانت منظمة التعاون الإسلامي في بيانٍ، الثلاثاء، ما وصفته بـ"التدمير الممنهج" لقرى أقلية الروهينغا المسلمة، على أيدي جماعات تتمتع بدعم قوات الجيش والشرطة، ما دفع الآلاف إلى الفرار.
بدوره أدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإثنين الماضي، بشدة، أعمال العنف في أراكان، مؤكداً أن بلاده ستُعبر عن موقفها في المؤسسات الدولية المعنية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة.
وانتقد أردوغان في مقابلة مع قناة تركية، الصمت الدولي حيال انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم أراكان، قائلاً "إن (العالم) أعمى وأصم، لا يرى ولا يسمع".
ومنذ 25 أغسطس/آب الجاري، يرتكب جيش ميانمار انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان، شمالي إقليم أراكان، تتمثل باستخدام القوة المفرطة ضد مسلمي الروهينغا، حسب تقارير إعلامية.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2016، وصل إلى بنغلاديش نحو 87 ألف شخص من الروهينغا، حسب مسؤول محلي بارز في مقاطعة "كوكس بازار" البنغالية.