إصلاح أم إعدام؟

يميط البعض اللثام عما يحمله عقله الباطن ضد أبناء مجتمعه وأبناء دينه وقوميته، بشعور منه أو من دون شعور. ويسجل من يقرأ ما بين السطور كمية الاحتقان التي يحملها هذا الكاتب أو ذاك القائل دونما شعور منه في أغلب الأحيان.

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/31 الساعة 01:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/31 الساعة 01:50 بتوقيت غرينتش

يميط البعض اللثام عما يحمله عقله الباطن ضد أبناء مجتمعه وأبناء دينه وقوميته، بشعور منه أو من دون شعور. ويسجل من يقرأ ما بين السطور كمية الاحتقان التي يحملها هذا الكاتب أو ذاك القائل دونما شعور منه في أغلب الأحيان.

فعندما تقرأ مثلاً لذاك الشخص مقولة "كل الأطباء في هذا البلد يستحقون الشنق"، أو مقولة بعضهم "كل أبناء تونس حرامية"، أو "كل أبناء الغرب طيبين مو مثل اللي عندنا"، أو "كل أبناء المنطقة الفلانية خونة". هذه المقولة أو تلك لها دلالات عميقة ما بين اتهامات دونما دليل سوى تعابير انفعالية غير محسوبة العواقب ومديح في الآخَر غير المعلوم نكايةً بالآخر المعلوم.

وهذا النوع من الناس يجب الحذر من التعامل مع قراراتهم وتقديراتهم وكتاباتهم في حق غيرهم؛ لأنهم بكل بساطة يغيِّبون موازين الحكمة ويبخسون الناس أشياءهم ويغطُّون محاسن الآخرين، ولا يتورعون في إصدار أحكام الأقصاء في حق غيرهم.

ولذا، نُسجل لمثل هؤلاء الأشخاص مواقف متشنِّجة نحو الآخرين، كرجال الطب كافة، ورجال الدين كافة، والمدرسين كافة، بكيل من التهم أو المديح دونما تمحيص المسيء من المحسن منهم، كقول البعض "رجال الدين فاشلون" قياساً بمعرفته باثنين من رجال الدين أو نموذجين من تصرفات البعض منهم؛ ليطلق حكماً عاماً على كل رجال الدين.

وهذا الشخص نفسه -أو تلكم الأشخاص- تراه ينفعل ويصدر كلاماً خالياً من الدقة في حالة دخوله لمستشفى والتقى طبيباً دون مستوى توقعاته في سرعة تشخيص المرض، فيطلق حكماً عاماً على ذلك المشفى أو جميع الكادر الطبي فيه بالفشل أو الكسل.

وهنا نشدُّ على كل حصيف ممن ينشد العدل لنفسه وللآخرين أن يكون ذا تصرفات وتصريحات مسؤولة ولا يجعل قراراته في التعاطي مع المحيط بيد هكذا نوع من الناس الارتجالين والغير متمحصين. والأجدر هو أن تراعى الأمور حسب قاعدة "ولا تزروا وازرة وزر أخرى) وقواعد أخرى.

نعم، نعيش في عالم به الصالح والطالح من نفس أبناء المهنة الواحدة، ولكن هذا لا يشفع لنا إطلاق حكم عام.

فلو سجلنا سوء إدارة مالية من قِبل إدارة بنك أو وكيل مؤسسة لا يعني أننا نتجنب التعامل مع البنوك كافة، مع العلم أن كل سنة تُرصد فضائح كبرى للكثير من البنوك!

ولو أننا مثلاً رصدنا فشلاً طبياً لجرَّاح بمستشفى محدد، فهذا لا يعني أن نتوقف عن الذهاب للمستشفيات لإجراء عمليات جراحية. وإذا وقع حادث في شارع ما، فلا يعني أن نغلق الشارع أو نلغيه من الخارطة!

نعم، بهمَّة المخلصين والصادقين نشخص الموظف أو الجرَّاح أو رجل الدين الذي أخطأ أو أساء، ونحلل سبب الحادث، ونعمل على إقالة المسيء وإصلاح الأمور من خلال رؤسائه أو إدارته.

وهذا يؤكد، بأكثر من موضوع، أهمية أن تكون مساهمات أصحاب العقل وأبناء المجتمع الفاعلين ومنشدي نشر الوعي بالتواصل مع المسؤول في الجهة المعنية للمؤسسة التجارية أو الدينية أو الطبية في الأداء الضعيف للموظف المعنيّ وإيصال أفكارهم ورؤيتهم في الإصلاح؛ وفي الوقت ذاته تجنُّب التعامل مع الفاسد من أبناء أي مهنة وليس إعدام أبناء المهنة كلهم.

ملحوظة: خاطبنا بعض الأطراف الفاعلة في موضوع حوكمة رجال الدين الذين استغلوا مكانتهم، ونسأل الله أن نُسجل صدىً لذلك ولو بعد حين.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد