ماذا لو عاد بنا الزمان قليلاً لا كثيراً إلى حيث كنا صغاراً؟
حيث كانت أحلام الطفولة وليدة للسلام، محمية بكتاب الله الذي قرأناه، وكانت أمهاتنا تحوطنا به أينما ذهبنا في صحونا وفي غفوتنا.
حيث كانت أشياؤنا الغاليات بعضاً من حكايات جداتنا وفوح رائحة الكعك وبضعة قروش هي عندنا أغلى من كنوز الدنيا وما فيها.
ماذا لو عاش أطفالنا اليوم ما عشناه بالأمس؟
ثم ماذا لو كان العيد عيداً ووجدتني أقلع بسفينتي إلى شطآن الخليج وبحر العرب فأقطف اللآلئ فرحاً وأوقظ المرجان من سبات طويل، ثم أشكلها عقوداً فأقدمها إلى كل نساء فلسطين والعراق وسوريا وليبيا واليمن، ثم أعجن بدمع الأمل كعك العيد لأقدمه إلى أطفالهن؟
وأعبر الحدود كلها دون جواز سفر، فقط بكلمة سر واحدة أنا عربية وهذه كلها بلادي، وأمسك قيثارتي فأعزف على أوتارها لحن الحياة، فأخفي أصوات القنابل والتفجيرات عن أسماع أطفالنا الذين فقدوا كل فرحتهم رعباً ويتماً ومرضاً وحرماناً، وأحاول أن أجمعهم حول السندباد وابن ماجد لنرسم معاً جغرافيا الحب العربي، وخريطة الأخوة الأسطورية، وأصنع معجزة تبعد شبح الكوليرا عنهم، وأخبئ أحلامهم وأمنياتهم البريئة تحت جوانح النوارس العابرات ما بين الشرق والغرب، فلا تدنسها شياطين الحروب ولا الطائفية.
ماذا لو كان العيد عيداً ولم نفارق من كانوا أجمل من أن تبقيهم الدنيا لدينا فرحلوا عن عالمنا أمهات وآباء وأجداداً؟
ماذا لو كان العيد عيداً فاجتمعنا في أقصانا نصلي لله وعلى بركته صلاة العيد المرجوة منذ سبعين عاماً؟
هي أمنياتي في هذا العيد، هي بعض من أحلام مؤجلة جميلة هي وليست مستحيلة قريبة، أرجوها لا بعيدة لن تتأخر كثيراً، فبعد الانتظار في كل رواية هناك أجمل نهاية.
ومن بعض طيب القول تأخير المبتدأ؛ ليكون الخبر في جملة حياتنا عيداً رجوناه فرحةً وسلاماً، فكان وعد الله لنا أمراً مفعولاً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.