توعَّد زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الأربعاء 30 أغسطس/آب 2017، بإطلاق مزيد من الصواريخ فوق اليابان، مؤكداً أن الصاروخ الذي أُطلق الثلاثاء وأدانته الأمم المتحدة بالإجماع، ليس سوى البداية.
وفي تصعيد جديد في الأزمة الكورية، أطلقت بيونغ يانغ الثلاثاء صاروخاً بالستياً متوسط المدى، من طراز "هواسونغ-12" فوق اليابان.
وتصاعد التوتر في الأسابيع الأخيرة، بعدما أطلقت كوريا الشمالية صاروخين بالستيين عابرين للقارات، وضعا قسماً كبيراً من الأراضي الأميركية في مرمى نيرانها.
وهدَّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشمال بـ"النار والغضب"، وردَّ كيم جونغ أون متوعداً بإطلاق صواريخ قرب جزيرة غوام الأميركية في المحيط الهادي.
واعتمد ترامب الثلاثاء في رده لهجة أكثر دبلوماسية، محذراً من أن "كل الخيارات مطروحة".
لكنه اعتبر الأربعاء أن النقاشات مع كوريا الشمالية "ليست الحل"، ملمحاً في تغريدة غامضة أن البحث عن حل دبلوماسي مع نظام بيونغ يانغ محكوم عليه بالفشل مهما حصل.
وكتب ترامب على حسابه على موقع تويتر "منذ 25 عاماً، تجري الولايات المتحدة نقاشات مع كوريا الشمالية، ولا تحصل سوى على الابتزاز، النقاش ليس الحل".
وبعد ساعات قليلة، قال وزير الدفاع الأميركي جون ماتيس في تصريحات معتدلة، إن "الحلول الدبلوماسية لا يمكن أن تنفد".
وبعدما فرض مجلس الأمن الدولي مؤخراً مجموعة سابعة من العقوبات على بيونغ يانغ، دان "بحزم" آخر عملية إطلاق صاروخ.
وأيدت بكين وموسكو، الحليفان الرئيسيان لبيونغ يانغ، الإعلان الذي لا ينص على تشديد العقوبات في الوقت الحاضر ضد الشمال.
كيم يضحك
ونشرت صحيفة "رودونغ سينمون"، الناطقة باسم الحزب الحاكم في كوريا الشمالية، الأربعاء، 20 صورة لعملية إطلاق الصاروخ، يظهر في إحداها كيم وهو يضحك، محاطاً بمستشاريه، وعلى المكتب أمامه خارطة لشمال غربي المحيط الهادي.
وفي صورة أخرى، يراقب الصاروخ الذي أطلق من سونار قرب بيونغ يانغ، وقد اجتاز 2700 كلم بعد أن ارتفع حتى حوالي 550 كلم، قبل أن يسقط في المحيط الهادي.
ونقلت الوكالة الرسمية الكورية الجنوبية عن كيم قوله، إنه ستكون هناك "تجارب أخرى لصواريخ بالستية في المستقبل، وسيكون المحيط الهادي هدفاً لها".
وقال إن إطلاق الصاروخ الثلاثاء كان "مقدمة مهمة لاحتواء غوام، القاعدة المتقدمة للاجتياح" و"فاتحة (…) لتدابير مضادة حازمة" ضد المناورات العسكرية المشتركة التي تقوم بها واشنطن وسيول في كوريا الجنوبية.
وتعتبر بيونغ يانغ هذه المناورات العسكرية السنوية المشتركة بمثابة تدريب على عملية اجتياح.
وهي أول مرة تعلن بيونغ يانغ إطلاق صاروخ فوق الأراضي اليابانية.
وسبق أن حلَّق صاروخان فوق اليابان في 1998 و2009، وأعلنت بيونغ يانغ في حينها أنها صواريخ مدنية تهدف إلى إطلاق أقمار صناعية، فيما أكدت واشنطن وسيول وطوكيو أنها في الحقيقة تجارب لصواريخ عسكرية.
ولم يستسلم الملايين من سكان شمالي اليابان للذعر، فيما كانت صافرات الإنذار تدوي، حين تلقوا رسائل نصية في الصباح من الحكومة، تتضمن تحذيراً: "إطلاق صاروخ. احتموا".
وأثارت عملية إطلاق الصاروخ موجة تنديد في عواصم العالم.
وطلب مجلس الأمن في إعلانه، الذي وضعت نصه الولايات المتحدة "من جميع الدول الأعضاء التطبيق الحازم والكامل" لقرارات الأمم المتحدة، ومن بينها تلك التي تفرض عقوبات اقتصادية على كوريا الشمالية.
النفط
وتهدف المجموعة السابعة من العقوبات، التي أُقرت في أغسطس/آب، إلى حرمان كوريا الشمالية من عائدات بقيمة مليار دولار، تستمدها من تصدير الفحم والحديد وخام الحديد وصيد السمك.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن الأمم المتحدة تحتفظ باحتمالات أخرى لفرض عقوبات، مثل إبعاد العمال الكوريين الشماليين العاملين في الخارج إلى بلادهم، واتخاذ تدابير تطال القطاع النفطي.
والهدف بالنسبة لواشنطن كان إظهار وحدة صف دولية في الأمم المتحدة، بما في ذلك موسكو وبكين، في مواجهة بيونغ يانغ. كما كان مطلوباً إصدار رد سريع بعد إطلاق الصاروخ، بحسب ما أوضح مصدر دبلوماسي.
ورأت الصين أن "الضغوط والعقوبات" ضد بيونغ يانغ "لا يمكن أن توجد حلاً للمشكلة في جوهرها"، فيما تتبنى روسيا موقفاً مشابهاً، فتُندد بانتظام بـ"ميل" إلى "تصعيد" التوتر.
لكن بعد بضع ساعات على صدور إدانة مجلس الأمن، أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أن الصين "تعمل حالياً مع أعضاء آخرين في مجلس الأمن لبحث آخر تطورات الوضع".
وأضاف أنه "استناداً إلى إجماع أعضاء مجلس الأمن الدولي، سنُصدر رداً لا بد منه على آخر تجربة إطلاق صاروخ"، من غير أن يوضح ما إذا كان هذا الرد سيتضمَّن عقوبات.
ويؤكد مجلس الأمن من جديد في بيانه التزامه بإيجاد حل سلمي ودبلوماسي وسياسي للأزمة مع كوريا الشمالية، في حين أن المحادثات مجمَّدة منذ سنوات، ولا تظهر اليوم أي إمكانية لتحريكها.
وكانت بيونغ يانغ هدَّدت بإطلاق أربعة صواريخ قرب جزيرة غوام، ورأى أيوان غراهام من معهد لووي للدراسات في أستراليا، أن ذلك سيُشكِّل "خطاً أحمر" بالنسبة لواشنطن، معتبراً أن بيونغ يانغ كانت ذكية في اختيارها القيام بـ"نصف إجراء".