هذا العربي تعرض لاعتداء عنصري في البرازيل فحدث ما لم يتوقعه.. فتاة صورت ما تعرض له فأصبح بطلاً شعبياً (فيديو)

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/26 الساعة 02:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/26 الساعة 02:10 بتوقيت غرينتش

كان السؤال الذي يتردد على ألسنة البرازيليين بعد انتشار تسجيل فيديو لاعتداء عنصري على بائع عربي متجول إن كانت موجة رهاب الأجانب المنتشرة في العالم قد جرفت بلدهم أيضاً؟.

لكن الجواب كان لا قاطعة، لأن الرد كان عاصفة من الحب حولت البائع المتواضع إلى بطل شعبي لدرجة أن مدينة ريو سلمته الخميس 24 أغسطس/ آب 2017 إحدى أرفع جوائزها.

قد تكون حقيقة ما حدث معقدة بعض الشيء، لكن القصة بدأت في 3 أغسطس/ آب الجاري عندما كان محمد علي عبد المعطي قناوي (33 عاماً) يقف خلف عربته يبيع الحمص، وفطائر اللحم المعدة على الطريقة العربية في وسط كوباكابانا المكتظ.

فجأة ظهر رجل قوي البنية وحليق الرأس يحمل عصا في كل يد وهو يتوعد قناوي الذي جاء إلى البرازيل قبل ثلاث سنوات، وصار معروفاً باسم "اللاجىء السوري".

وصرخ المهاجم بوجه قناوي "اخرج من بلدي"، مضيفاً: "أنا برازيلي وبلدي تجتاحه هذه القنابل البشرية البائسة التي تقتل الأطفال".

ولم يقم قناوي الشاب النحيل ذو الشعر الداكن بأي محاولة للرد، بل كان فقط يلتقط الأشياء التي تتساقط من عربته خلال تعرضها للاعتداء.

وكان يمكن لهذا الاعتداء أن يتطور إلى ما هو أسوأ، لكن ظهرت من بين المتجمهرين الشابة بياتريس باستوس دي ساوزا البالغة 19 عاماً والتي تدخلت وبدأت تصور بهاتفها النقال.

وقالت بياتريس: "بدأ الرجل بركل العربة ثم بدأ بركل محمد وتوجيه اللكمات له"، وأضافت "كان هناك أربعة أو خمسة مهاجمين وليس واحداً فقط وأنا وقفت في الوسط بينهم وقلت لهم توقفوا أرجوكم".

بعد هذا الاعتداء لم يتمكن قناوي ليومين من الخروج إلى عمله بسبب الحزن الذي اعتراه، وقال: "هذا الرجل لم يحطم عربتي، لقد حطم سعادتي".

غادرت بياتريس مسرح الحدث وهي مصممة على فعل شيء ما.

وبعد أن رفض قناوي كل توسلاتها له لإبلاغ الشرطة وتقديم شكوى، قامت هي بنفسها بالتوجه إلى مركز الشرطة وإطلاعهم على ما صورته. لكنها فوجئت برد فعلهم "قالوا لي امحي التسجيل، لن يفيد هذا شيئاً".

لم تستسلم بياتريس التي تعمل في وكالة سفريات وقامت بإرسال التسجيل إلى أكبر مؤسسات البرازيل الإعلامية "غلوبو".

وبالرغم من أنه لم يصلها منهم أي رد، وصل التسجيل إلى وسيلة إعلامية صغيرة، والمفاجأة كانت أن رد الفعل كان غير عادي وبات "تسجيل الفيديو في كل مكان".

بعد انتشار التسجيل اتصلت "غلوبو" هذه المرة بقناوي لتجري معه حديثاً، ونظم الآلاف تحركاً على فيسبوك لشراء فطائره، وقام مارسيلو كريفيلا رئيس بلدية ريو شخصياً بمنح قناوي ترخيصاً لممارسة البيع في المدينة والذي يعد الحصول عليه أمراً بالغ الصعوبة.

وصوّت برلمان ولاية ريو الخميس لإعطاء قناوي لقب مواطن شرف.

وقال قناوي بدهشة "أعرف أن البرازيليين شعب طيب لكن بعد هذا، واو (…) لا أستطيع أن أصف شعوري".

"برازيل بوجوه مختلفة"


تحوّل قناوي في الإعلام البرازيلي إلى مثال للتسامح، فهذا الشاب الذي نجا من الحرب السورية عندما واجه العنف رفض أن يرد بنفس الطريقة.

وقال النائب في برلمان ولاية ريو واندرسون نوغويرا الذي رعى تكريم قناوي "لقد أظهر الرغبة بالسلام والرخاء التي يشاركه بها كل هؤلاء الذين لجأوا إلى البرازيل".

وفي الزاوية التي يركن فيها قناوي عربة الفطائر في كوباكابانا لا تكاد تمر خمس دقائق دون أن يصيح أحد المارة أو السائقين "مبروك محمد"، أو يتوقف أحدهم لأخذ صورة تذكارية معه.

لكن في إعادة قراءة للوقائع فإن قناوي ليس لاجئاً سورياً.

وهو رغم أن لعائلته جذوراً في سوريا، إلا أنه مواطن مصري جاء إلى البرازيل بحثاً عن مستقبل معيشي أفضل بعد أن اضطر إلى إغلاق مطعمه في مصر.

حتى أنه لم يتقدم بطلب لجوء في البرازيل، إنما حصل على إقامة دائمة بعد زواجه من برازيلية رزق منها بطفل صار اليوم في الشهر الثالث من عمره.

وقال قناوي "أنا لم أكن في حرب"، وهو مجرد مهاجر فقير يعمل بكد من أجل تحقيق ما يطمح إليه.

وفي ريو بدأ ببيع الفطائر على طاولة صغيرة قبل أن يقتني عربة، وحلمه الآن أن يقتني مطعماً متنقلاً على شاحنة.

والاعتداء ضده كمسلم ليس بالضرورة أن يكون كما بدا عليه الأمر في تسجيل الفيديو.

ورغم أن الاعتداء كان وحشياً وعنصرياً، فإن الدافع بحسب وسائل الإعلام المحلية قد يكون متعلقاً أكثر بصراع بين الباعة المتجولين، وليس نابعاً من رهاب الأجانب.

تقول بياتريس أن قناوي سبب إزعاجاً "لمافيا" صغيرة.

وقال أحد الأشخاص من الذين يتطلعون إلى المكان الذي يضع فيه قناوي عربته إنه ليس من العدل أن يأخذ الوافد الجديد زاوية كانت قبل ذلك لمواطن برازيلي.

وأضاف الرجل الذي لم يعرّف عن نفسه "البرازيليون يطردون، هل هذا أمر عادل؟".

لكن مهما كانت التفاصيل فإن قصة هذا المصري التي تشبه القصص الخيالية أسعدت البرازيليين.

لقد ذكرتهم هذه القصة بالأشياء الجميلة في مجتمعهم وسط الركود الاقتصادي وانتشار الجريمة وفضائح الفساد التي لا تنتهي.

المغنية جولي ماريانو (50 عاماً) التي أبدت الخميس دعمها لقناوي بشراء فطيرة منه، قالت "أظن أن ما حدث كان صورة عن الوجوه المتعددة للبرازيل، البرازيل المضيافة والبرازيل المتعصّبة".

وأكملت "أنا أعتقد أن البرازيل المضيافة قد انتصرت".

تحميل المزيد