تحلم بالهجرة وتخشى على أولادك من الثقافة الغربية؟.. 3 أمهات مكسيكيات أسلمن حديثاً يجيبون عن تخوفاتك

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/25 الساعة 06:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/25 الساعة 06:31 بتوقيت غرينتش

حلم الهجرة أو اللجوء، صار واقعاً يومياً يعيشه المواطن العربي، ولكن البعض كذلك يخشى العديد من التحديات، ومن بينها كيف يمكنه أن يربي أبناءه على معتقداته وثقافته وسط مجتمع مختلف تماماً، لكن هناك من يواجه تحدياً أكثر تعقيداً، وقد يكون في تجربته ما يفيد.

ميليتا (40 عاماً)، وعائشة غابرييلا (35 عاماً)، ومونسيرات (29 عاماً)، 3 أمهات مكسيكيات اعتنقن الإسلام حديثاً يستعرضن تجربتهن، التي قد يجد فيها الكثير من المهاجرين العرب والمسلمين، الذين ازدادت أعدادهم بشكل دراماتيكي في الدول الغربية مؤخراً، ما يفيدهم في هذا التحدي.

فكونك أماً أو أباً معتنق الإسلام حديثاً وتعيش في بلد تمثل فيه أقلية عددها بسيط للغاية، يمثل نوعين من التحديات؛ الأول: هو تعليم الذات، ويعني ذلك التعليم الإسلامي الذي يحصل عليه الأب أو الأم، والثاني: هو كيفية نقل تلك المعرفة إلى الأطفال؛ لأنَّ الأطفال سوف يتعلمون من والديهم: ما يقولونه، وما يفعلونه، وكيف يستجيبون للأشياء.

كيف تفعلها المكسيكيات؟

ميليتا، أسلمت من 4 سنوات، ولديها 3 أطفال وحامل في الرابع، تقول: "أتحدث كثيراً مع أبنائي، حين يتعلمون شيئاً محيِّراً في المدرسة، مثل انحدار البشر من القرود (نظرية تشارلز داروين عن التطور)، نقوم بالبحث معاً، ونقرأ معاً، ونرى ما هو موضوع الدرس، وماذا يقول الإسلام عن ذلك الموضوع، ونبدأ في الحديث، كي نطرح الأسئلة ونبحث عن الإجابات الصحيحة، والحمد لله حتى الآن يختار أطفالي وجهة النظر الإسلامية".

وترى عائشة غابرييلا، أسلمت منذ 5 سنوات ولديها طفلان، أن أولى الخطوات تكمن في أنه "حين يفعل أطفالنا شيئاً لا يبدو جيداً، قبل أن نتشاجر ونوبِّخهم، علينا أن نسألهم لماذا يفعلون ذلك، ثم يتحدثون ويشرحون أسبابهم، وعلينا أن نستمع إليهم باهتمام، وبعدها، كأم أو أب، علينا أن ننصحهم بالأفضل، ونرشدهم بالكلام الطيب".

الخطوة الثانية هي "أن يكون الآباء قدوةً لأبنائهم، وأن يفعلوا ما يريدون لأطفالهم أن يفعلوه. ويمكن للأسلوب الذي يتبعونه معهم أن يتغير: أسلوب المعلم، أو الأسلوب الصارم، أو أسلوب الصداقة، وما إلى ذلك. ويمكن للآباء أنفسهم أن يكونوا طلاباً مع أبنائهم".

"تجهيز برنامج.. وألا تدع الأطفال يتعلمون بأنفسهم"، هي الخطوة الثالثة بحسب عائشة، التي أوضحت: "برنامج التعلم هذا يمكن أن يكون مرناً أو لا، وذلك وفقاً لجدول مدرسة الأطفال، ووظائف الآباء وأنشطتهم، ووفقاً أيضاً لشخصية الطفل أو المراهق. ويجب احترام شخصياتهم، دون قمعهم، وإنَّما تشجيعهم على تطوير إمكاناتهم الخاصة؛ كي يكونوا مسلمين صالحين وأشخاصاً أفضل".

طفلها يحب اللعب لا التعلم

أما مونسيرات، التي أسلمت منذ 12 عاماً، ولديها طفلان، فتقول: "البرنامج الذي نتبعه مع ابني الأكبر هو أنَّ عليه أن يحفظ آيةً واحدة من القرآن كل يوم. إنَّه طفل يحب اللعب، ولا يجلس في مكانٍ واحد مدةً طويلة، ويحتاج دائماً إلى أن يفعل شيئاً ما، وحين بدأنا هذا البرنامج، رأينا أنَّه يحفظ الآية الواحدة في عدة أيام؛ بل وربما أسابيع، لكنَّنا نحافظ على البرنامج، وعلى وقته، ونرى أنه يُطور قدرته على حفظ المعلومات في عقله".

وتستدرك قائلة: "لكن، كان عليَّ تغيير استراتيجيتي؛ لأنَّني في البداية أردته أن يجلس في كرسيه بلا حركة، وكان هذا بالنسبة لي علامة على احترام القرآن، لكنِّي كنت أراه محبطاً، وكان يبكي، ثم أدركتُ أنَّ للطفل طريقة تعلُّمه الخاصة؛ إذ يحتاج إلى أن يلعب بشيء ما في الوقت ذاته، مثل سيارة صغيرة أو كرة صغيرة؛ لذا أدعه حراً، وقد أدى هذا إلى نتائج أفضل من ذي قبل".

وتضيف مونسيرات: "دائماً ما نفعل شيئاً ما، أنا وزوجي، مع أبنائنا، وأول شيء أتحدث عنه مع أبنائي هو وحدانية الله ، وأحياناً يقرأ ابني قصةً عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأستمع إليه".

والخطوة الرابعة -كما ترى عائشة- هي الوعي بالبيئة الاجتماعية (المدرسة والأسر غير المسلمة). ففي المكسيك يُفترض أن تقدم المدارس برامج علمانية، وليس على المدرسين أن يُدرِّسوا أي شيءٍ عن أي دين، لكنَّ كل المدارس تقريباً في البلد لديها "برنامج عيد الميلاد" في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني من كل عام، يغنون فيه أغنيات عيد الميلاد وفقاً للتقاليد المسيحية.

تقول ميليتا: "في ديسمبر/كانون الأول، لا يذهب أطفالي إلى المدرسة، وكل عام أتحدث مع المدرسين وأشرح لهم أنَّ أطفالي مسلمون؛ لذا لن يشاركوا في برنامج عيد الميلاد. وفي تلك الأيام، يدرس الأطفال المواضيع الأكاديمية في المنزل. حتى الآن، لم أواجه أي مشكلة، فالمدرسون في الحقيقة يحترمون ذلك؛ بل إنَّ بعضهم يسألون، ويريدون معرفة شيءٍ ما عن الإسلام".

الطالب المسلم الوحيد بالصف

عائشة تروي موقفاً قد يتكرر كثيراً مع البعض، تقول: "في المدرسة، يلاحظ زملاء الصف أنَّ ابني مسلم، وقد بدأ أحد الطلاب في مهاجمته وإزعاجه كثيراً، عدة أيام. ويوماً ما، دافع ابني عن نفسه. كان غاضباً جداً، وتشاجرا معاً. واتصلت المُدرِّسة بي، واضطررتُ إلى الذهاب إلى المدرسة والاستماع إلى ما حدث".

"أخبرتني المُدرسة بأنَّ الولد الآخر كان أكثر ذكاءً والتزاماً، ولهذا كانا يتشاجران. أخبرتها بالحقيقة، وعبَّرتُ عن ضيقي؛ لأنَّنا كمسلمين نحترم دين الآخر؛ لذا نطلب من الآخر أن يحترم ديننا. وبعدها تحدثتُ مع ابني وأخبرته بأنَّه ليس عليه الاستماع إلى ما يقوله الناس عن المسلمين؛ لأنَّ الناس لا يعلمون إلا ما تقوله بعض وسائل الإعلام. وتحدثت أيضاً مع المُدرّسة وأم الولد الآخر، وهدأ الجميع أخيراً. وفي المرحلة الثانوية، تغيرت الأمور، وتقبّل زملاء ابني إياه جيداً، الحمد لله".

وتقول ميليتا: "في إحدى عطلات نهاية الأسبوع، ذهب أبنائي إلى منزل العائلة مع أختي، وأخبرتُ عائلتي بأنَّنا لا نأكل لحم الخنزير، وحين عادا، سألتهما عما أكلاه في الإفطار، وأخبراني بأنَّهما أكلا شطائر لحم الخنزير المقدَّد، فذُهلت؛ إذ إنَّه لا يوجد لحم خنزير مقدَّد في المكسيك، كل ما لدينا هو لحم الخنزير. لا تظن عائلتي أنَّني أتحدث بجدية حين أخبرهم بأنني لا آكل لحم الخنزير، يظنون أنَّها مجرد دعابة. سبحان الله! الأمور مع العائلة تأخذ وقتاً طويلاً".

ماذا تفعل إذا شرب ابنك الخمر أو المخدرات؟!

وتقول مونسيرات: "أحد أكبر التحديات التي نواجهها، بصفتنا مسلمين في دولةٍ غير مسلمة، هو اليوم الذي يعرض فيه أحدهم على أبنائنا أن يشربوا الخمر، أو يتعاطوا المخدرات، أو ما هو أسوأ، والتحدي هنا هو أن نجعلهم يقولون (لا) باختيارهم، وبوعيهم الخاص؛ لأنَّنا كآباء لن نكون هناك لنراهم، فعليهم أن يفهموا أن الله يراهم، وأن لديهم إرادتهم الخاصة ليختاروا ما سيفعلونه".

وتضيف: "الخطوة الخامسة هي أن نلاحظ من هم أصدقاء أبنائنا، خصوصاً وهم مراهقون؛ لأنَّ الصديق يكون مستشار صديقه وناصحه المقرب".

وتشير ميليتا إلى أن "بعض زملاء أطفالي يستمعون إلى أغانٍ عادةً ما تُشجع الكلمات على ممارسة الجنس، ويبدأ الأطفال يرقصون بطرقٍ غير مناسبة، أو يريدون ارتداء ملابس تُشجع على العنف أو تحويل الفتيات إلى أدواتٍ جنسية منذ الصغر. أتحدث معهم بحب، وأخبرهم بأنَّنا نحتاج حب الله سبحانه وتعالى، وأشجعهم على الاقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم".

وتؤكد عائشة المعنى ذاته، فتقول: "من المهم جداً أن ألتقي أصدقاء أبنائي، وأعرف ما يتحدثون عنه، وما يفعلونه، وما ينصح بعضهم بعضاً به. علينا أن نُصادق أبناءنا، وبهذه الطريقة سوف يخبروننا عن أصدقائهم؛ لأنَّ الأصدقاء يمكنهم أن يؤثروا على الأطفال تأثيراً كبيراً".

وتقول ميليتا: "أشرح بعض الأشياء لأطفالي بطريقةٍ عملية؛ إذ أذكر تجربة شخصٍ آخر؛ لأريهم تبعات اتخاذ قرارٍ خاطئ في الحياة، وأشرح لهم تبعات اتخاذ القرار الصحيح، وفي النهاية أجعلهم مسؤولين عن قراراتهم الخاصة، فهم فقط من سيَنعمون أو يَشقون بتبعات أفعالهم".

المجتمع أيضاً قد يكون عوناً

الخطوة السادسة هي "أن نجعل المجتمع يتعاون معنا في تعليم الأطفال"، بحسب ميليتا التي أردفت: "المجتمع مفيد جداً لأطفالي. لا نحظى بفرصة الجلوس مع عائلاتٍ مسلمة كثيراً، لكنَّنا حين نجتمع، يستمتع أطفالي، ويلعبون، ويتحدثون، ويشعرون بالراحة لوجود مسلمين آخرين معهم".

ومن ثم، تنصح الأمهات الثلاث بأهمية الارتباط بالتجمعات والأسر المسلمة، مع الحفاظ على التوازن أيضاً في العلاقة مع المجتمع العام والجيران والأصدقاء من غير المسلمين.

تقول ميليتا: "ليس علينا فرض أي شيء على أولادنا؛ بل علينا أن نشرح لهم دوافع فعل شيء ما أو عدم فعله".

وتقول عائشة: "علينا أن نتعلم ما ورد في القرآن والسنّة، ونفهمه ونطبقه، وأن ندعو أطفالنا لاتباعه، مثل قيم الاحترام، والتسامح، والتواضع".

وتقول مونسيرات: "علينا أن نتواصل مع أبنائنا، وأن ننتبه لما يشاهدونه في التلفزيون، ولألعاب الفيديو التي يلعبونها، وأن نمنع بعض الأشياء أحياناً. لكن من الأفضل أن نتحدث ونتأمل معاً في معاني الأشياء، أو في الهدف من البرامج. علينا أن نتعلم كيف نجيب عن أسئلتهم بأسلوبٍ جيد، وعلينا أن نكون قريبين منهم، ونستمع إليهم".

يُذكر أنَّ الإسلام قد وصل إلى المكسيك مع المسيحية، مع الغزو الإسباني عام 1543. ويتكون المجتمع الإسلامي في المكسيك من عددٍ كبير من المهاجرين، وعددٍ متزايد من الذين يتحولون إلى الإسلام. وعام 2015، قدَّر دبلوماسي لبناني أنَّ عدد المسلمين في المكسيك، وضمن ذلك من تحولوا إلى الإسلام، يبلغ 39 ألفاً.

ووفقاً لآخر إحصاء لعدد السكان (الذي أجراه المعهد القومي للإحصاء والجغرافيا، عام 2010)، هناك 3760 شخصاً كجزءٍ من المجتمع المسلم في هذا البلد، وهو ما يمثل 0.003% من العدد الإجمالي. يتعلق هذا الرقم بمن تحولوا إلى الإسلام. وقال الشيخ عيسى روخاس، مدير معهد اللغة العربية والثقافة في مكسيكو سيتي، إنَّ الإحصائيات غير الرسمية تشير إلى أنَّه حالياً يمكن أن يكون عدد من تحولوا إلى الإسلام قد تضاعف، ووصل إلى 8 آلاف.

علامات:
تحميل المزيد