في خطوةٍ تبدو –ظاهرياً على الأقل– كأنَّها تبادل لأغصان الزيتون، ستتبادل إيران والسعودية قريباً زيارات دبلوماسية.
وصرَّح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مؤخراً لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية (إسنا)، بأنَّ تأشيراتٍ قد أُصدِرت لتمكين مسؤولين من كلا البلدين من فحص سفاراتهما وقنصلياتهما المختصة.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيراني، بهرام قاسمي، في وقت سابق، أن الجهات المعنية الإيرانية قد أصدرت التأشيرات الخاصة بالمسؤولين السعوديين الذين من المقرر أن يقوموا بزيارة الأماكن الدبلوماسية للسعودية في إيران، وفي إمكانهم زيارة إيران في أي وقت شاؤوا، حسب تعبيره.
وقد قطعت الرياض وطهران علاقتهما العام الماضي، بعدما أعدمت السعودية القيادي الشيعي البارز نمر النمر. وفي الوقت نفسه، تردَّد أنَّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يفكّر في تعيين خالد بن سلمان، شقيقه الأصغر صاحب الـ28 عاماً الذي يشغل حالياً منصب السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، وزيراً جديداً للخارجية.
وتقول مصادر مركز ستراتفور الأميركي إنَّه سيُبرِّر استبداله للمُخضرم في مجال السياسة الخارجية عادل الجبير باتِّهامه باتِّباع نهجٍ صارم للغاية ضد إيران. ومن شأن الخطوة أيضاً أن تساعد وليّ العهد المُعيَّن حديثاً على تعزيز سلطته أكثر، لاسيَّما بعد تهميش ابن عمه، وزير الداخلية السابق محمد بن نايف.
ورغم أن الزيارات الدبلوماسية المقبلة، والمصافحة التي جرت بين وزيري خارجية البلدين أثناء مؤتمرٍ أخير لمنظمة التعاون الإسلامي، تشيران إلى علاقةٍ أكثر ودية في المستقبل، لا تزال بعض الأسئلة الهامة قائمة.
أول تلك الأسئلة هو ما إذا كانت الزيارات تُمثِّل محاولةً صادقة لتخفيف حدة التوتُّر بين البلدين؟ وأحد التفسيرات المحتملة هو أنَّ ولي العهد الشاب ينتهج سياسةً خارجية أكثر اختلافاً بعض الشيء في ظل محاولته لموازنة أولويات بلاده في الخارج مع إدارة المعارضة في الداخل.
ومن شأن حدوث تطوُّرٍ في السياسة الخارجية السعودية أن يؤدي على الأرجح إلى تخفيف مطالب الرياض من الشركاء الأجانب، وهو شيءٌ يبدو أنَّ موقف السعودية من قطر يناقضه. وتفسيرٌ آخر محتمل هو أنَّ السعودية تحاول تهدئة الاحتكاكات مع إيران بحديثها بينما تهمزها بأفعالها.
وقد قامت المملكة بتحرُّكاتٍ عديدة تدعم تلك النظرية، منها تجاوز دائرة النفوذ الإيراني في العراق، وإعادة فتح المعابر الحدودية التي أُغلِقَت لعقود، وتوسيع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع بغداد، وتوسيع الاستثمارات إلى موانئ وقنصليات جنوبي العراق، واستقبال القيادي الشيعي المستقل البارز مقتدى الصدر.
وفي حين أنَّ تبادل الزيارات الدبلوماسية الأخيرة كافٍ لبثِّ الأمل بمستقبلٍ وديّ أكثر بين إيران والسعودية، فإنَّها ليست كافية لتهدئة بواعث قلق الرياض بشأن أي تعاونٍ ناشئ بين إيران وتركيا في سوريا وشمال العراق.
وتعد الإشارات على علاقاتٍ دبلوماسية أدفأ جديرةٌ بالملاحظة حتى الآن، لأنَّها تنبئ بأنَّ سياسة الرياض الخارجية قد تتطوَّر في ظل ترسيخ وليّ عهدها لسلطته. لكنَّ الحقائق الجيوسياسية المستمرة في المنطقة لا زالت تشي بأنَّ القوتين ستواصلان التنافس فيما بينهما في السنوات المقبلة.