“لم نر مثلها في حياتنا” .. بلاءٌ جديد يصيب النازحين في مخيمات الشمال السوري

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/21 الساعة 06:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/21 الساعة 06:15 بتوقيت غرينتش

على الحدود السورية التركية، حيث مخيمات النازحين في الشمال السوري، تتواتر الأنباء عن تسلل العقارب والأفاعي من الصخور المحاذية إلى مخيمات "تجمع أطمة، ودير حسان، وعقربات، والإحسان، وريف حلب، والأندلس، وعطشان" في ريف إدلب.

وتأوي تلك المخيمات، آلاف النازحين الفارين من مناطق ريف حماة الشمالي، وريفي إدلب الجنوبي والشمالي، يضاف إلى ذلك المهجرين من مدينة حمص ومن مخيمات عرسال اللبنانية.

ويعاني النازحون من سوء الأوضاع الإنسانية والطبية، إلى جانب الأفاعي والعقارب التي باتت تشكل تهديداً يومياً للناس.

لدغة أثناء النوم


ويروي عدد من النازحين القاطنين في مخيمات ريف إدلب لـ "عربي بوست" المعاناة الشديدة التي يواجهونها.

ويقول النازح أبو خالد "لم نرَ مثلها في حياتنا، منذ أن نزحنا إلى الريف الشمالي لإدلب ونحن نرى العقارب والأفاعي وجميع الحشرات الضارة تخرج إلينا من بين الأحجار والصخور. وقد تعرض صغيري أثناء نومه للدغة من أحد العقارب المنتشرة، وتحملت الكثير من المصاعب حتى تمكنت من الوصول إلى أقرب نقطة طبية، نظراً لوعورة الطريق، وبعد المسافة".

عقارب وأفاع تشارك النازحين أيامهم


وتتفاقم مأساة القاطنين في تجمع مخيمات أطمة البالغ عددهم قرابة 50 ألف نازح يتوزعون على 60 مخيماً، يشتكون من ازدياد ظاهرة انتشار الحشرات والزواحف السامة، داخل خيامهم.

ويروي خالد المرعي، وهو ناشط إعلامي من تجمع مخيمات أطمة على الحدود السورية التركية، عدة حوادث تعرض لها النازحون، لدرجة أن أصبح وجود العقارب بين ملابس النازحين في الخيام، أمراً مألوفاً.

ويقول المرعي: "في إحدى الليالي دوّت صرخات من الجيران هزت أرجاء المكان، وحينما هرعنا إلى الخيمة التي انطلقت منها الصيحات عثرنا على أفعى طولها متر ونصف المتر كانت مختبئة تحت أرضية الخيمة. فهرع الجميع من الأطفال والنساء إلى الخارج واضطر الرجال حينها إلى هدم الخيمة بالكامل لإخراج الأفعى من تحت أرضيتها".

رواية أخرى يحكيها المرعي قائلاً: "أثناء قيام إحدى النازحات بترتيب الثياب في الخيمة، وفتحها لإحدى الحقائب وإخراجها قطعة من الثياب من داخلها، تفاجأت بالعثور على عقرب بين ثياب أطفالها، فأصيبت بالهلع وظلت تصرخ طلباً للنجدة من النازحين المتواجدين بالقرب منها حتى أغاثها بعضهم".

من جهته، تحدّث خطّاب أبو أحمد، وهو مدير أحد المخيمات بريف إدلب، عن حادثة جرت مع ابن أخيه، حينما حاول أن يلبس قميصه، ففوجئ بلسعة في عنقه، تبين أنها من عقرب كان يختبئ داخل القميص، وقد تم إسعافه بشكل عاجل في أقرب نقطة طبية.

وأوضح أبو أحمد في حديثه لـ "عربي بوست"، أنهم خاطبوا بعض المنظمات، التي قامت برش المبيدات للقضاء على تلك الحشرات والعقارب، في محاولة للتخفيف قدر الإمكان من معاناة النازحين، ولكن الخطر لا يزال موجوداً.

تربية الدجاج للحد منها


وساهمت المبيدات الحشرية بعض الشيء في القضاء على قليل من تلك الحشرات، إلا أن الكثير منها ما زال يتم رصده بالقرب من المخيمات، ما دفع بالأهالي لابتكار بدائل عن المبيدات للحد من انتشار العقارب.

ولفت عبد الله زريق، من إدارة تجمع مخيمات أطمة، إلى أن سكان المخيمات باتوا يلجأون لتربية الدجاج في محاولة للحد من انتشار العقارب، مضيفاً أن هذا الأمر أعطى نتيجة فعالة أكثر من رش المبيدات الحشرية بنسبة 80%، كون تلك العقارب تعتبر فريسة يقوم الدجاج بملاحقتها.

موطن الأفاعي والعقارب


ويجازف سكان المدن التي تشهد عمليات عسكرية من قبل الأطراف المتصارعة بحياتهم للوصول إلى بر الأمان، إلا أنهم يجدون أنفسهم أمام واقع مأساوي، يتمثل في الكثير من المشاكل أهمها إهمال المنظمات الإغاثية لهم، ونقص المواد الطبية والأدوية.

وفي هذا السياق، قال محمد العبد الله، أحد المتواجدين في مخيمات النزوح في الشمال السوري لـ "عربي بوست": "إن أهالي مدينة مورك بريف حماة الشمالي، بعد نجاتهم من رحلة النزوح الأولى التي قصدوا فيها بلدة خان شيخون جنوب إدلب جراء العمليات العسكرية التي شنتها قوات النظام على مدينتهم، وبعد تعرضهم للقصف بالسلاح الكيمياوي في مجزرة خان شيخون الشهيرة، نزحوا مجدداً نحو جبل دير حسان".

وأضاف: "هذا الجبل يعتبر من أشد المناطق قسوة، بسبب طبيعته الصحراوية التي تعد موطناً للأفاعي والعقارب".

ولفت إلى غياب أي دور للجمعيات الإغاثية، ما يجبر السكان على اتخاذ هذا الجبل ملاذاً آمناً لهم، ليكونوا على موعد مع خطر من نوع جديد حسب قوله.

وأشار العبد الله إلى تعرض النازحين بشكل يومي إلى ثلاثة حوادث على الأقل جراء لدغات العقارب والأفاعي، التي تتسلل داخل حاجياتهم وحقائبهم بشكل مستمر.

وأوضح أنه لا توجد محاليل مضادة في المشافي المحيطة بتلك المنطقة، وما يزيد من خطورة الإصابات، بعد المسافات عن المشافي الأخرى بسبب طبيعة المنطقة الجغرافية الصخرية.

وفاة حالات بعد تأخر العلاج


وتشهد غالبية المخيمات العشوائية، انتشار الأمراض بين النازحين وخاصة الأطفال، جراء تردي خدمات النظافة، وسوء الخدمات والمرافق الصحية والحمامات، إضافة لفيضان مجاري الصرف الصحي، وسط تردي الأوضاع الطبية، ما يشكل بيئة خصبة لمختلف أنواع الحشرات، خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور علي جمعة، وهو طبيب أسرةٍ في مخيمات النزوح العشوائية المنتشرة في مناطق ريف إدلب لـ "عربي بوست": "إن العقارب والأفاعي تنشط بشكل كبير جداً في فصل الصيف، ويلاحظ ظهورها في فترات ما بعد العصر ومع دخول الليل، بسبب حرارة الجو الشديدة".

وأشار الطبيب إلى أن أغلب لسعات العقارب غير مميتة وتأثيرها يكون موضعياً، وهي تختلف باختلاف المنطقة المستهدفة إن كانت فوق الثياب أو بشكل مباشر على الجسم.

وأضاف أنه من الممكن أن يكون تأثيرها واضحاً إذا كانت اللسعة في مناطق حساسة، "فمن الممكن أن تؤدي إلى صدمة عصبية وهبوط في الضغط، إضافة إلى التعرق والرعشة والألم، وهنا يتطلب الأمر عناية فائقة من خلال إعطاء المحاليل والتطعيمات الخاصة بالعقارب وما تعرف بـ"إبرة الكزاز".

وتابع: "في حال عدم توافر العلاج اللازم، يتم تحويل الشخص المصاب إلى مشفى معبر باب الهوى الحدودي"، محذراً من تفاقم حالات المصابين في كثير من الأحيان والتي تؤدي إلى الوفاة في حال عدم إسعاف المريض مباشرة، وذلك نتيجة عدم وجود نقاط طبية قريبة.

تحميل المزيد