ما إن تقرأ هذا الخبر حتى يتداعى إلى ذهنك مباشرة المشهد الشهير من فيلم الناصر صلاح الدين، حين وقف ممثل الادعاء في محاكمة الفارسة الصليبية إليزا التي أحبت فارساً عربياً ليطالب بمحاكمتها قائلاً "حاكموها لأنها أحبت".
وهكذا فعلت المحكمة العليا الهندية حين أيدت قراراً يقضي بإبطال زواج طبيبة شابة وإعادتها قسراً لبيت أبيها، بل وتكليف ضابط بالوقف على باب منزلها كحارس، كما تم منع كافة وسائل الاتصال عنها.
بدأت قصة أخيلا أشوكان (24 عاماً) والتي تُفضل أن تعرَّف باسم "هدية"، حين قرررت أن تتحول من الهندوسية للإسلام أثناء دراستها الطب في مدينة كويمباتور بولاية تامل نادو، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.
والتقت خلال العام الماضي، 2016، بزميلها المسلم شافين جهان، وتزوَّجا في ديسمبر/كانون الأول. غير أن والدها الغاضب توجَّه إلى المحكمة العليا بولاية كيرلا مطالباً بإعادتها إلى حضانته.
وفي مايو/أيار الماضي، أبطلت المحكمة الزفاف وأعادت هدية قسراً إلى منزل والديها في منطقة كوتايام رغماً عن رغبتها الصريحة في عدم العودة.
ونصَّ الحُكم المثير للجدل على أن هدية كانت "ضعيفة وعُرضة للاستغلال بطرقٍ عدة"، وبأن "زواجها وهو أهم قرار في حياتها لا يمكن أن يؤخذ إلا بمشاركة جدية من والديها".
وكانت المحكمة العليا قد قضت يوم الأربعاء، 16 أغسطس/آب الجاري، بأن وكالة التحقيق الوطنية الهندية التي تُحقِّق في الإرهاب يجب أن تُقيِّم ما إذا كانت هدية قد اعتنقت الإسلام بناءً على رغبتها، أم أنها كانت جزءاً من "جهاد الحب".
و"جهاد الحب" هو مصطلح تستخدمه بعض الجماعات الهندوسية لتزعم أن الرجال المسلمين يجبرون الهندوسيات على الزواج منهم باسم الحب.
ومنذ حكم المحكمة في مايو/أيار، لم تكن هدية فعلياً على اتصالٍ بأي شخص خارج منزل والديها.
ويقول الصحفيون المحليون إنه ليس لديها هاتف أو أي اتصال بالإنترنت، ويتولَّى ضابط شرطة مهمة حراسة المنزل.
ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن ضابط الشرطة قوله إن العزلة الاجتماعية قد أدخلت هدية في حالةٍ من الاكتئاب.
بدأ نضاله من أجل حريتها
ويبدو أن زوجها قرر ألا يستسلم ويترك حبيبته تواجه مصيرها منفردة، فلجأ جهان إلى المحكمة العليا للبت في صحة الحكم الذي ألغى زواجه.
وقال الزوج في طلبه، إن قرار المحكمة العليا يُعد "إهانةً لاستقلالية النساء بالهند، إذ أنه يسلبها كلياً حقها في اتخاذ القرارات بنفسها".
ولكن بدلاً من إلغاء قرار المحكمة الابتدائية، أمرت المحكمة العليا بإجراء تحقيق فيدرالي على مستوى الإقليم الاتحادي.
وفي مقطع فيديو لها في منزل والديها، أطلقته مؤخراً ناشطة على مواقع الشبكات الاجتماعية، يتضح صوت هدية وهي تسأل والدتها: "هل هذه هي الطريقة التي يجب أن أعيش بها؟ هل هذه هي حياتي؟".
ريبيكا مامن، محامية وحقوقية هندية قالت إنها "ببساطة فوجئت" من حكم المحكمة العليا، مضيفة "من الجلي أن الزواج هو علاقة توافقية بين شخصين بالغين، وهي علاقة طوعية تماماً – لم تشتكِ المرأة من أي إكراه – ولا أعرف أي قانون يسمح للمحكمة بالحكم بهذه الطريقة". وأضافت: "لذلك، كل ما يمكنني قوله إنني حقاً فوجئت".
وقالت فيرندا غروفر، وهي محامية تتمتَّع بسجلٍ حافل في الدفاع عن حقوق المرأة، تعليقاً على حبس هدية بأنها "إقامة جبرية غير قانونية".
واستطردت: "من حقها كشخصٍ بالغ أن تختار زوجها، بصرف النظر عن طائفته، أو عقيدته، أو عرقه، وما جرى يُعد انتهاكاً لحقها في حرية العقيدة. المحاكم تتصرَّف كما لو أن هدية لا تعرف ما هو جيد بالنسبة لها، فضلاً عن حقيقة أن وضعها رهن الاحتجاز لدى أبويها يُعد حرماناً من حريتها الشخصية".