إلى حامل الجنسية العربية، لم أجد تفصيلاً واضحاً لك أو لحالك اليوم؛ ربما لأني لا أعلم من أين أبدأ؟! أذكِّرك بما هو جدير بالذكر أم بما تخجل الحروف من ذكره؟! أأبدأ بإرثك العريق أم بمستقبلك المجهول، تاريخك الكبير أم حاضرك المرير؟!
دعني أذكرك بمن شاركك عروبتك هذه في الماضي، الملك فيصل من مَنَّ بذهبه الأسود على الغرب، جمال عبد الناصر من أعاد كرامة العرب وأنور السادات الذي فرط فيها، بعمر المختار الذي نصر ليبيا على الإيطاليين… الأمثلة كثيرة بين من خان الأصالة ومن تشبَّث بها، لكن ماذا عن المشهد السياسي في بلاد العرب اليوم؟ إلى أين وصلت عروبتهم؟
أقل ما يمكن قوله عن حاضر العرب حتى من كلمة "الله أكبر" فرّقتنا؛ فكل يدّعي أحقيته في امتلاكها حتى شاع القتل في أوطاننا وانتشرت الفتنة، فلا قاتل يدري فيما قَتَلْ ولا المقتول فيما قُتِل.
كل المؤشرات والحقائق تدل على ضعف حال العرب اليوم، فقد تهاوت أصالتهم في ظل ما يشهده العالم من تغييرات فكرية، أقل ما يقال عن وتيرتها في التطور والتغير إنها سريعة؛ مما جعلهم في وضع المحاصَر من دون خيارات؛ إما أن تختار مواجهة التيار وكأنما كتبت على نفسك بالموت وإما أن تسعى إلى مجاراته فتتلطخ الأيادي بالدماء أو ينالك الذلّ كما هو حال السيسي اليوم، رئيس دولة بلا نخوة، فرّط في الأرض والعِرض حتى إنه طأْطأَ كرامة شعب بأسره وتحدى إرادتهم بقوى السلطة.
كل هذا في سبيل إرضاءً لسيده ترامب ونيل الرضا منه، كيف لا وهذا سيضمن له الرئاسة إلى حين تصبح الذبابة أثقل من يده التي يقرر بها مصير تاريخ دولة، لطالما كانت مطمعاً لكل القوى السياسية في العالم.
المفرح في الأمر بالنسبة لرئيس مصر، أنه ليس وحده من يغوص في الذل، فقد زاحمه أيضاً ملك أطهر بقاع الكون، فلم يكفه أن أغدق على سيدهم ترامب بهدايا، ظاهرها ترف ومحبة وباطنها خنوع لإرادته.
كيف لا وبعد هذه الزيارة مباشرة أصبح الخليج العربي على فتنة أخرى؛ صراعات سياسية لم يأبهوا لتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة وفي العالم بأسره!
نعم، لقد تغلغل فيروس الأنفة والتعالي والطغيان في شرايين دويلات الخليج العربي؛ هذا ما أدى إلى تدهور صحته وظهور مخالفات جانبية سلبية كالعروشية والصراعات الأيديولوجية.
ماذا عسانا نقول بعد أن نرى دولاً عربية تقطع المؤونة عن دولة مجاورة تتحدث اللغة نفسها، ويعبدون الإله نفسه، ويلبسون اللباس نفسه، أو بالأحرى يتشاركون في الكذبة نفسها؛ "العروبة".
لم تنتهِ عتمة المشهد العربي هنا، فلم أتحدث بعدُ عن أسدها الفتيِّ، مَن قتل نصف شعبه وشرَّد نصفه الآخر تحت تعلة حماية العروبة من بطش إسرائيل، وكأن هذه الأخيرة تلقي بالاً له أو لعصاباته! فجميع دول العرب نكرة، لقد ولّى زمن الزعماء الذين تزعزع أسماؤهم بلاط الكائدين.
نتحدث عن أسد في جسد فأر، تجردت منه النخوة وتبرأت منه الرجولة، كيف لا وهو من قتل أناساً عزّل من شيوخ ونساء، حتى براءة الطفل منه لم تسلم.
يبقى كل ما سبق ذكره وليد الحاضر، ونتيجة تخطيط الماضي، ولكن تبقى غزة الأبية والمناضلة أكبر برهان على فشل العرب في كل زمان. غزة التي لطالما قصفوها بشتى أنواع الأسلحة وأعتاها، ولكن يستمر الصمود، دروس تأتينا من أرض نُعتت بالخراب، ولكنها تبقى الغراب الذي شهد على أخٍ يقتل أخاه.
أخيراً، بالفعل الكل أكد موت الوحدة العربية، فلا رحمة الله عليها!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.