لم تصدر السلطات السعودية أي تصريحات رسمية تحسم الجدل الدائر حول السماح للحجاج الإيرانيين بزيارة مقبرة "البقيع"، لكن عضو لجنة الحج والعمرة في غرفة مكة للتجارة والصناعة، سعد القرشي، أوضح أن المملكة لا تفرِّق بين الحجاج الإيرانيين أو غيرهم من الحجاج في زيارة المواقع الدينية خلال موسم الحج، مشدداً على أن السعودية لا تفرض أي قيود على الحجاج على أراضيها.
وتعد البقيع أحد المقاييس على مدى التقارب السعودي الإيراني، فكلما توترت العلاقات السياسية بين البلدين كلما شهدت البقيع تضييقات واضحة على زيارة الحجاج الإيرانيين، بينما تقل هذه القيود في فترات التهدئة ومحاولات الوساطة.
ويأتي تصريح القرشي في الوقت الذي احتدم فيه الجدل حول السماح للحجاج الإيرانيين بزيارة مقبرة البقيع بالمدينة المنورة، رغم عدم صدور اي تصريحات رسمية من لجنة الحج والعمرة السعودية حول هذا الأمر.
وكان مسؤول عراقي قد طالب السعودية السماح للحجاج الإيرانيين بزيارة البقيع، كخطوة تسهم في تخفيف حدة التوتر بين إيران والسعودية.
وقال سعد القرشي في اتصال هاتفي مع "عربي بوست"، إنه يُسمح للحجاج الإيرانيين بزيارة البقيع كغيرهم من الحجاج من ذوي الجنسيات الأخرى، إلا أن زيارة الحجاج الإيرانيين للموقع تخضع لرقابة أمنية، منعاً لممارسة أي "طقوس مذهبية قد تخالف القوانين"، على حد تعبيره.
وأضاف أنه لم يتم من قبل منع الحجاج الإيرانيين من زيارة هذا الموقع.
وذكر القرشي أنه يلجأ العديد من الحجاج الإيرانيين لممارسة "بعض الأفعال المسيئة" تجاه بعض قبور الصحابة، الذين دفنوا في المقبرة، كرمي الحجارة، وذلك بحسب معتقداتهم المذهبية.
وأكد أن هذه الأمور تحرص السلطات السعودية على تجنُّبها خلال موسم الحج، "الزيارة مسموحة، إلا أنها تتم وفق ضوابط خاصة".
ونفى القرشي صحة الصور التي تداولتها شبكات التواصل الاجتماعي، التي تُظهر أشخاصاً يقال إنهم حجاج إيرانيون، وهم يحملون لافتات عليها عبارات شيعية في مقبرة البقيع.
هذه الصورة ليست في #إيران هذه الصورة في #المدينة_المنورة وفي مقبرة #البقيع هذا ماتريده #الشيعة يا #أهل_السنة في #الخليج افهموها#السعوديه pic.twitter.com/j2noOgmRMD
— كشف دين الرافضه (@ffqw20044) August 11, 2017
ولم يتسن لـ"عربي بوست" التأكد من صحة الصور، ووقت ومكان التقاطها.
ببركات وجهود السيد #مقتدى_الصدر "دام عزه"
حكومة السعودية تفتح أبواب مقبرة #البقيع أمام الزائرين من #الحجاج_العراقيين pic.twitter.com/DrcFnHu5TN— كــرآمـــة (@yamhdi1) August 11, 2017
وتعد مقبرة البقيع، أو كما يطلق عليها البعض "جنة البقيع"، الأرض التي أمر الله رسوله محمداً أن يجعلها مقبرة للمسلمين في المدينة عند هجرته إليها، لتكون مطلباً ووصايا للأحياء عند موتهم، ومن أقرب الأماكن التاريخية إلى مبنى المسجد النبوي حالياً.
وتقع المقبرة في مواجهة القسم الجنوبي الشرقي من سور المسجد النبوي، وقد ضُمت إليها أراضٍ مجاورة، وبني حولها سور جديد مرتفع مكسو بالرخام، تبلغ مساحة المقبرة أكثر من 180 ألف متر مربع، وتحظى باهتمام بالغ وكبير من لدن الحكومة السعودية، وذلك لما لها من قيمة كبيرة لدى المسلمين، وتاريخ عريق مرتبط بالنبي الكريم، إذ تحتضن المقبرة رفات أبرز الصحابة والتابعين.
وكان وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي، ذكر أنه أبلغ الجانب السعودي أن تحسين العلاقات مع إيران يبدأ بـ"احترام السلطات السعودية لرغبة الحجاج الإيرانيين، والسماح لهم بأن يزوروا مقبرة البقيع في المدينة المنورة"، وذلك كمطلب إيراني قد يُسهم في تخفيف حدة التوتر بين طهران والرياض.
وأكد الأعرجي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني، عبد الرضا رحماني فضلي، في طهران، أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان طلب منه رسمياً، أن يتوسط العراق لتخفيف حدة التوتر بين كل من إيران والسعودية.
وقال الأعرجي إن الجانب السعودي وعد بتطبيق ذلك، وأكد أن البقيع مفتوحة الآن أمام الحجاج الإيرانيين، مشدداً أن العراق يؤمن بضرورة وجود علاقات صداقة بين إيران والسعودية، لأنها تسهم في تعزيز أمن واستقرار المنطقة.
وكانت إيران قد أعلنت في موسم الحج للعام الماضي 2016، أن الإيرانيين لن يؤدوا الحج هذه السنة، بسبب ما سمَّاه "القيود" التي تفرضها السعودية عليهم، إلا أن السعودية نفت مزاعم إيران بوضع قيود أو منع الحجاج الإيرانيين من المشاركة في موسم الحج.
وقالت وزارة الحج السعودية حينها في بيانٍ، إن "وفد شؤون الحج الإيراني رفض التوقيع على محضر الاتفاق لإنهاء ترتيبات حج هذا العام"، معللاً ذلك برغبته في عرضه على مرجعيتهم في إيران، وبحسب البيان فإن الوفد أبدى "إصراراً شديداً على منح التأشيرات لحجَّاجهم من داخل إيران".