أفادت الأنباء أن السيدة الأولى لزيمبابوي، غريس موغابي، عادت إلى بلادها قادمةً من جنوب إفريقيا، بعد التقاعس عن تسليم نفسها إلى الشرطة في جوهانسبرغ لمواجهة اتهامات بالاعتداء على عارضة أزياء في غرفةٍ فندقية.
وقال مسؤولٌ حكومي كبير من زيمبابوى، في وقتٍ متأخر من يوم أمس الثلاثاء، 14 أغسطس/آب، إنها عادت إلى العاصمة هراري، بالرغم من عدم وجود تعليق من زوجة الرئيس روبرت موغابي، البالغ من العمرِ 93 عاماً، الذي يحكم البلاد منذ عام 1980، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.
وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته لوكالة رويترز للأنباء: "نعم، لقد عادت إلى البلاد، ولا نعرف من أين تأتي هذه الاتهامات بالاعتداءات".
وأكَّدَ مسؤولٌ ثانٍ أن غريس قد عادت، قائلاً: "إنها موجودة الآن"، واتهم وسائل الإعلام بشن مؤامرة لتشويه اسم العائلة الأولى.
وفي وقت سابق، كانت الشرطة في جنوب إفريقيا تتفاوض مع محاميها ليجبرها على تسليم نفسها لمواجهة اتهامات بالاعتداء في قاعة المحكمة.
من جانبها، قالت عارضة الأزياء غابرييلا إنغلز، البالغة من العمر 20 عاماً، لوسائل الإعلام في جنوب إفريقيا، بحسب ما ذكرت الغارديان البريطانية، إن غريس هاجمتها بسلكٍ كهربائي بعد أن ذهبت غابرييلا لرؤية أبناء موغابي، روبرت وتشاتونغا، في فندقٍ في منطقة ساندتون الراقية في جوهانسبرغ، يوم الأحد 13 أغسطس/آب.
إلا أن الارتباك كان لا يزال محيطاً بهذه القضية، يوم الثلاثاء 15 أغسطس/آب، بعد أن قال وزير الشرطة الجنوب إفريقي، فيكيل مبالولا، في وقتٍ سابق من ذلك اليوم إن غريس قد سلَّمَت نفسها للشرطة، وستظهر أمام المحكمة قريباً.
وبعد ظهر يوم الثلاثاء، قالت محكمة الصلح إن غريس ستواجه رسمياً تهمة في نفس ذلك اليوم دون أن تظهر في المحكمة.
وتُهدِّد هذه القضية بإثارة مشكلة دبلوماسية بين زيمبابوي وجنوب إفريقيا، اللتين توجد بينهما حدود مشتركة وعلاقات اقتصادية وسياسية وثيقة.
وتُظهِر صورٌ على وسائل التواصل الاجتماعي عارضة الأزياء إنغلز وهي تنزف من جبينها، بعد أن وصلت غريس موغابي إلى الفندق مع الحرَّاس الشخصيين، واتهمت إنغلز بإقامة علاقة مع ابنيها، روبرت وتشاتونغا، وكلاهما في العشرينيات من العمر ويعيشان في المدينة.
وقالت إنغلز لوسائل الإعلام المحلية: "كنا نسترخي في غرفة الفندق، وكان أبناء موغابي في الغرفة المجاورة، ثم جاءت غريس وبدأت في ضربنا، وظلت تضربني بالقابس الكهربائي، مراراً وتكراراً". وقالت عارضة الأزياء إنها لم تتعرَّف على هوية غريس إلا بعد انتهاء الاعتداء المزعوم.
وقالت إنغلز إنها لم تكن لديها أي فكرة عمَّا يحدث، فأوضحت: "لقد فوجئت بذلك واضطررت إلى الزحف خارج الغرفة، قبل أن أتمكَّن من الهرب". واتهمت عارضة الأزياء الحرس الشخصي للسيدة الأولى بمناصرتها والوقوف لمشاهدة الاعتداء، وأضافت: "تعرَّضت جبهتي لجرحٍ وأنا عارضة أزياء أكسب مالي اعتماداً على شكلي ومظهري".
وأكدت الشرطة أن عارضة الأزياء، التي تبلغ من العمر 20 عاماً، رفعت "قضيةَ اعتداءٍ بقصد القيام بأضرار جسدية خطيرة". ولم يتضح على الفور ما إذا كانت موغابي تسافر بجواز سفر دبلوماسي أو أنها مؤهلة للحصول على حصانة دبلوماسية إذا قامت الشرطة في النهاية بتوجيه اتهامات لها.
وأضافت عارضة الأزياء في تغريدةٍ لها على موقع تويتر: "هناك المزيد من الجروح في الجهةِ الخلفيةِ من رأسي".
I have to more injuries at the back of my head pic.twitter.com/fz3olUz9tN
— Gah-bee (@DaNamesGaby) August 14, 2017
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية في جنوب إفريقيا، كلايسون مونيلا، إن زيارة السيدة موغابي كانت زيارةً خاصة، وإن الحكومة غير معنية بهذا الأمر. لكن سيزاكيل نكوسي مالوبان، وهي وزيرة إقليمية، قالت إن القضية يجب أن تُحال إلى المحكمة. ونقلت إذاعة جاكاراندا إف إم قولها: "نأمل أن ترسل هذه الحادثة رسالة قوية إلى جميع القادة الذين يسيئون استخدام سلطتهم ويعتدون على الأبرياء في بلادنا".
ودعت شخصياتٌ مُعارِضةٌ في زيمبابوي إلى محاكمتها. وقال زعيم الحزب الشيوعي في زمبابوي نكابوثو مابهينا لوكالة فرانس برِس: "نريد أن تقوم شرطة جنوب إفريقيا باعتقال غريس موغابي"، مضيفاً: "لا يمكنك ضرب سيدة شابة لأنها واعدت ابنك".
وقالت مصادر شرطية إن السيدة موغابي وافقت في البداية على تسليم نفسها في الساعة العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي، ولكنها تراجعت عن القيام بذلك. ورداً على سؤال عمَّا إذا كانت تُعتَبَر الآن هاربة، قالت المصادر لرويترز، إن الأمر ليس كذلك في هذه المرحلة، على الرغم من أنها "وافقت على تسليم نفسها، ولكن لم تفعل".
وليست هذه هي المرة الأولى التي تُتهم فيها السيدة موغابي بالسلوك العنيف والاعتداءات في الرحلات الخارجية. ففي عام 2009، وجَّهَت لكماتٍ لمُصوِّر بريطاني في هونغ كونغ التقط صوراً لها في فندق فخم.
وتجدر الإشارة إلى أن غريس موغابي كانت واحدة من طاقم السكرتارية للرئيس موغابي، عندما بدأت علاقتهما في عام 1987، ثم أنجب الزوجان طفلين في السر قبل وفاة زوجة روبرت موغابي في عام 1992. ثم بعد ذلك تزوَّجا وحضر حفل زفافهما الفخم عام 1996 الزعيم نيلسون مانديلا.
ويُعتَقَد منذ فترةٍ طويلة أن غريس تولي اهتماماً أكثر للانغماس في المرح أكثر من السياسة، ثم أصبحت تدريجياً أكثر نشاطاً في الحياة العامة، وفي عام 2014 أصبحت رئيسة لجناح المرأة في حزب زانو الحاكم في زيمبابوي.
وهي الآن تحضر بانتظام التجمعات الحاشدة في جميع أنحاء البلاد، وأظهرت طموحها السياسي في عام 2014، من خلال شنِّ حملة لا هوادة فيها ضد نائب الرئيس آنذاك، جويس موجورو، الخليفة الرئاسي المُحتَمَل.
وفي الشهر الماضي، يوليو/تموز، منعت غريس زوجها -الذي أصبح سهل الانقياد بصورة أكبر- علناً للمرة الأولى من تسمية خليفة له في الحزب الحاكم ورئاسة البلاد، الأمر الذي يشير إلى احتمالية ترشحها هي نفسها، قبل الانتخابات المُقرَّر إجراؤها في العام المقبل، 2018.