استثمارات محتملة في المناطق ذات الأغلبية الشيعية جنوبي العراق ووسطه، مساعداتٍ إنسانية للمُشرَّدين، مجلس تنسيق سعودي عراقي، تعزيز العلاقات بين الشباب، وربما فتح قنصليةٍ سعودية في محافظة النجف، وإقامة روابط جوية وبرية بين المملكة والمدينة العراقية التي تعتبر مقدسة بالنسبة للزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر.
هذا بعض ما أفصح عنه الموقع الإلكتروني لرجل الدين الشيعي العراقي البارز والزعيم السياسي مقتدى الصدر، كحصيلة لجولته الخليجية الأخيرة، التي شملت السعودية والإمارات، بيد أنه وكعادة السياسيين فإن هناك الكثير أيضاً الذي لم يفصح عنه بالتأكيد.
بيد أن ما نُشر يكفي لتوضيح الدور الذي يبدو أن الصدر سيمارسه كلاعبٍ رئيسي في جهود المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى لإضعاف نفوذ إيران، غريمتهم الإقليمية، في العراق.
أو كما أوضح محمد السلمي، رئيس مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية في العاصمة السعودية الرياض، أنَّ هناك نقاشاً حول الحاجة إلى "إحياء السلطة الشيعية العربية في محافظتي النجف وكربلاء العراقيتين وتعزيزها، بعد سنواتٍ من التهميش المنهجي من جانب إيران"، بحسب تقرير لموقع بلومبرغ الأميركي، الإثنين 14 أغسطس 2017.
ومنذ الغزو الأميركي للعراق والإطاحة بالرئيس صدام حسين، في العام 2003، وجدت طهران فرصتها الأكبر لبسط نفوذها على بلدٍ غزته قواته في عام 1980 سعياً لدحر الثورة الإسلامية، مما أسفر عن اندلاع حربٍ مدمِّرة استمرت ثماني سنوات بين البلدين.
حصان الرهان
ودَعَت الإمارات العربية المتحدة الصدر إلى إجراء محادثات مع ولي عهد الإمارات محمد بن زايد. وجاء ذلك في أعقاب لقاء الصدر مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في المملكة الشهر الماضي، يوليو/تموز 2017، وزيارة نادرة أخرى وجهاً لوجه مع مسؤولٍ خليجي كبير نوقشت فيها المساعدات المالية والعلاقات العميقة، وفقاً لما ذكره الموقع الإلكتروني الخاص بالصدر.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أمس الإثنين، 14 أغسطس/آب، إنَّ "طموحنا هو رؤية عراقٍ عربي مستقر ومزدهر"، مضيفاً أنَّ لقاء الصدر مع بن زايد هو "جزءٌ من اتصالات الخليج مع العراق".
وأضاف قرقاش: "التحرُّك المُبشِّر تجاه العراق بقيادة الأمير محمد بن سلمان وبمشاركة الإمارات المتحدة والبحرين مثالٌ على نفوذ دول الخليج حين تتحد في الرؤية والأهداف".
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الحكومية، أنَّ مجلس الوزراء السعودي برئاسة محمد بن سلمان قد وافق أمس الإثنين على تشكيل مجلس تنسيقٍ سعودي – عراقي، يقوده من الجانب السعودي وزير التجارة والاستثمار السعودي. ولم تذكر الوكالة أي تفاصيل أخرى.
ماراثون إقليمي
التواصل مع الصدر هو جزءٌ من جهودٍ أوسع تقودها السعودية لوقف نفوذ إيران الشيعية المتزايد في أنحاء المنطقة، ومن بينها العراق، حيث تسيطر الأحزاب الشيعية على مقاليد السياسة منذ الغزو الأميركي للعراق الذي كان تحت قيادة الأغلبية السنية.
ومع ازدياد انتشار نفوذ إيران في العراق، ولبنان، واليمن، ودولٍ أخرى، وجدت مراكز الثقل الإقليمية نفسها على جانبين متضادين في صراعاتٍ طائفية عدة.
ويشير السلمي إلى أنَّ "السعودية والإمارات العربية المتحدة تحاولان إعادة العراق إلى هويته "الثقافية، والتاريخية، والعِرقية العربية".
ويلفت إلى أن دولاً خليجية تريد "إحباط المخططات التي تتعمد استغلال الطوائف الدينية لتحقيق أهدافٍ سياسية، وطموحاتٍ توسُّعية. وقد يستغرق ذلك الكثير من الوقت والجهد".
من جانبه أشار السياسي الإماراتي عبدالخالق عبدالله المقرب من بن زايد، في تغريدة أمس الإثنين إلى ما وصفه بـ"تنسيق سعودي إماراتي لإنقاذ العراق من سطوة وسيطرة إيران"، مضيفاً "لا يمكن لأحد بعد اليوم ان يتهم العرب ودول الخليج تحديدا أنها أدارت ظهرها للعراق".
تنسيق سعودي إماراتي لإنقاذ العراق من سطوة وسيطرة إيران. لا يمكن لأحد بعد اليوم ان يتهم العرب ودول الخليج تحديدا أنها أدارت ظهرها للعراق.
— Abdulkhaleq Abdulla (@Abdulkhaleq_UAE) ١٤ أغسطس، ٢٠١٧
وكان الصدر، الذي يحظى بحشدٍ كبيرٍ من المؤيدين من فقراء المدن في العراق، وينتقد حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، قد ندَّد بنفوذ إيران في بلاده. وطالَب بحل قوات الحشد الشعبي التي ترعاها الدولة، وهي ائتلافٌ من ميليشياتٍ خاضعة لسيطرة مقاتلين شيعة مدعومين من إيران، قَوَّت شوكته في العراق بعد انهيار الجيش العراقي في مواجهة هجوم تنظيم داعش، الذي يشهد حالياً تراجعاً كبيراً.
"ضد نفوذ إيران لا الشيعة"
سامي نادر، رئيس مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية، الذي يقع مقره في العاصمة اللبنانية بيروت، قال إنَّ دول الخليج "تحاول القضاء على نفوذ إيران في المنطقة، وتمكين قوى شيعية عربية، لأنَّ تجاهل البلدان الخاضعة للنفوذ الإيراني، سواءٌ في لبنان أو العراق، يُعَد استراتيجةً انهزاميةً تماماً".
وأضاف نادر: "يريدون أن يُظهِروا أنَّهم ليسوا ضد الشيعة، ولكن ضد نفوذ إيران غير العربية في المنطقة".
وذكرت وكالة أنباء الإمارات الحكومية أنَّ بن زايد أكَّد على أهمية استقرار العراق وازدهاره. وأضاف: "علَّمتنا التجربة أن نستحضر دائماً ما يربطنا كعرب ومسلمين، وأن ننبذ أنصار الانقسام".