"هجوم صاروخي من كوريا الشمالية على جزيرة غوام الأميركية"، هذا ما فهمه سكان الجزيرة الواقعة في المحيط الهادي من الإنذار الذي بثته إذاعتان محليتان اليوم الثلاثاء 15 أغسطس/آب 2017.
فبعد أسبوعٍ على التهديدات التي وجَّهتها كوريا الشمالية إلى الجزيرة، ظنَّ السكان، أنَّ الأسوأ قد حدث، وذلك بعدما بثَّت محطتان إذاعيتان عن طريق الخطأ تحذيراً من وجود خطرٍ مدني طارئ دون أن توضحا هذا الخطر، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
وحذَّرت المحطتان -إحداهما محطة إذاعية موسيقية والأخرى شبكة مسيحية- المستمعين في تمام الساعة 12:25 صباحاً بالتوقيت المحلي من خطرٍ غير مُحدَّد بالقرب من غوام.
جديرٌ بالذكر أنَّ بث الأخطار المدنية هو أمرٌ نادر الحدوث، ويُستخدَم لتحذير المدنيين من تهديدٍ وشيك، مثل ضربة عسكرية أو هجوم إرهابي.
وقد استمر التحذير لمدة 15 دقيقة فقط، ومما زاد الطين بلة أن المسؤولين أكدوا فيما بعد أنَّ رسالة الطوارئ الحقيقية كانت ستُحدِّد نوع التهديد.
حقيقة التهديد
وأعلنت السلطات المحلية أن الإنذار الذي استمر بثه لنحو ربع ساعة من قبل المحطتين المسيحية والموسيقية لم ينجم عن أي خطر واقعي، بل مجرد خطأ تقني من أحد العاملين، مؤكدة أن العمل جار مع وسائل الإعلام المحلية لمنع تكرار حوادث كهذه، حسبما ورد في موقع "آر تي" الروسي.
وقال جهاز الأمن الداخلي في غوام في بيانٍ إنَّ "الاختبار غير المُصرَّح به لم يكن مرتبطاً بأي حالةٍ طارئة، أو تهديد، أو تحذير"، مضيفاً أنَّه قد جرى العمل مع محطات الراديو "لضمان عدم تكرار هذا الخطأ البشري مرةً أخرى".
وساد شعور بالقلق لدى السكان والسيَّاح في غوام طيلة الأسبوع الماضي بعدما عرضت كوريا الشمالية خطةً مُفصَّلة لإطلاق أربعة صواريخ تجاه المياه المحيطة بالأراضي الأميركية، والتي يعيش فيها 162 ألف شخصاً ويوجد بها قاعدتان عسكريتان.
وكان المسؤولون المحليون قد دعوا إلى الحفاظ على الهدوء وأنَّ التهديدات لا تعدو كونها أكثر من مجرد حربٍ كلامية فى الوقت الحالي. كما بقيت الحياة على الجزيرة الواقعة بالمحيط الهادئ على حالها بصورةٍ كبيرة دون تغييرٍ منذ التهديدات.
وقال جورج شارفاوروس، مستشار الأمن فى غوام في بيان: "نُذكِّر السكان والزائرين بالهدوء. لا يوجد تغيير في مستوى التهديد، ونحن نواصل العمل كالمعتاد".
وأضاف: "نواصل التواصل مع شركائنا الفيدراليين والعسكريين ولم نتلقَ أي إبلاغٍ رسمي يُبرِّر أي قلقٍ بشأن تهديدٍ وشيك لغوام".
وكان زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، قد جمد حتى إشعار آخر، تنفيذ خطة إطلاق الصواريخ باتجاه جزيرة غوام الأميركية بالمحيط الهادي، بعدما ساد قلق من مواجهة عسكرية بين واشنطن وبيونغ يانغ، حسب تقرير لموقع الجزيرة.
فقد قالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية اليوم الثلاثاء إن كيم اطلع أمس -أثناء تفقده مقر قيادة القوة الإستراتيجية المسؤولة عن الوحدات الصاروخية- على خطة إطلاق صواريخ متوسطة المدى نحو المياه القريبة من جزيرة غوام التي تضم ستة آلاف عسكري أميركي موزعين على قواعد عسكرية.
ونقلت الوكالة عن كيم أنه سيراقب لفترة ما وصفه بالسلوك الجنوني والأحمق للأميركيين، محذراً من أنه سيأمر بتنفيذ الخطة رداً على ما وصفه بأي عمل متهور جديد من قبل واشنطن. وكان يفترض أن تنفذ الخطة منتصف الشهر الحالي بواسطة صواريخ من طراز "هواسونغ 12".
وبثت صور تظهر كيم جونغ إيل وهو يمسك بعصا ويشير إلى خريطة تظهر مساراً جوياً للصواريخ التي كان يفترض أن يتم إطلاقها هذه الأيام من الساحل الشرقي لكوريا الشمالية وتحلق فوق اليابان باتجاه جزيرة غوام. في وقت بدا قرار تجميد خطة إطلاق الصواريخ بادرة على خفض محتمل لحدة الأزمة الكورية.
وفي جزيرة غوام، قال مراسل الجزيرة رائد فقيه إن الإعلان الكوري الشمالي كانت بمثابة خبر سار في الجزيرة التي شهدت توتراً وترقباً لهجوم صاروخي محتمل.
وأضاف أن السكان تلقوا الأسبوع الماضي رسائل ومنشورات تشرح كيفية التعامل مع صاروخ نووي.
هل هي تهديدات جدية؟
وحث الزعيم الكوري الشمالي الولايات المتحدة على وقف أي خطابٍ استفزازي "من أجل تخفيف حدة التوتُّرات وتجنُّب الصراع العسكري الخطير في شبه الجزيرة الكورية".
وبحسب ديلي ميل، فقد قال كيم دونغ يوب، الخبير العسكري في معهد دراسات الشرق الأقصى في جامعة كيونغنام في العاصمة الكورية الجنوبية سول، إنَّ موقع الإطلاق الذي شُوهِد على الخريطة يبدو أنَّه في محيط مدينة سينبو الساحلية الشرقية، والتي تستضيف قاعدة الغواصات البحرية الكورية الشمالية.
وذكر كيم دونغ يوب أنَّ الموقع القريب من سينبو يتناسب مع ما صرَّحت به كوريا الشمالية الأسبوع الماضي بأنَّ أربعة صواريخ متوسطة المدى ستعبر السماء فوق محافظات شيمان و هيروشيما وكويتشي اليابانية وستُحلِّق مسافة 3356.8 كيلومتر وتضرب المياه الواقعة على بُعد يتراوح بين 29 إلى 40 كيلومتراً من جزيرة غوام.
من جانبه قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إنََّ أي صاروخ سُيطلق على غوام سيتم إسقاطه، وحذَّر من أنَّ أي هجومٍ "يمكن أنَّ يتفاقم بسرعةٍ إلى حرب"، وذلك وفقاً لصحيفة الغارديان.
جزيرة صغيرة ولكن مهمة
وتكتسب الجزيرة، التابعة للولايات المتحدة والبعيدة عن أراضيها الرئيسية جغرافياً، أهمية عسكرية كبيرة رغم أن مساحتها تزيد ثلاث مرات فقط عن مساحة العاصمة واشنطن.
وتخضع هذه المستعمرة الإسبانية السابقة لسيطرة الولايات المتحدة منذ عام 1898 بعد تنازل إسبانيا عنها عقب انتهاء الحرب الأميركية- الإسبانية، حسب تقرير لموقع الحرة الأميركي.
ويسكن في غوام حوالي 162 ألف شخص يشكل السكان الأصليون 37 في المئة منهم، ويتحدثون عدة لغات على رأسها الإنكليزية والفلبينية وتشامورو (لغة السكان الأصليين).
أهمية عسكرية
واكتسبت غوام أهمية كبيرة في المحيط الهادئ خلال حرب فيتنام، إذ كانت قاعدة للمقاتلات من طراز B-52 التي نفذت مهمات في جنوب شرق آسيا، فضلاً عن استخدامها كنقطة عبور لإجلاء اللاجئين الفيتناميين.
وتحتضن غوام قاعدة أندرسن الجوية التي بنيت عام 1944 عندما كانت الولايات المتحدة تستعد لإرسال قاذفات إلى اليابان خلال الحرب العالمية الثانية.
وينتشر في الجزيرة سبعة آلاف عسكري معظمهم من البحارة والطيارين، فيما يعتزم الجيش الأميركي نقل الآلاف من عناصره المنتشرين في أوكيناوا جنوبي اليابان إلى غوام.