"لم ينجُ أحد ذلك اليوم".
كل من حضر فض اعتصامات مؤيدي الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، يدركون ذلك، لم يعد أحد منهم كما كان، وبشكل ما، لم ينجُ. هذا ما يخلص إليه العمل الذي أعده المصور الصحفي محمد الشامي، مصور وكالة الأناضول، والذي شهد مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية.
في مشروعه الذي أطلق عليه "مصريون منفيون: حكاية الموجة الجديدة للتغريبة المصرية"، يعرض الشامي صوراً من حياة عدد من المصريين الذين هربوا نتيجةً للاضطهاد الذي تعرض له مؤيدو الإخوان المسلمين، والتعذيب وموجات القبض العشوائي.
يقول الشامي في تقديمه لمشروعه: "خلال ترحالي، قابلت من المصريين، طيفاً متنوعاً، سياسياً ودينياً. تجارب ما بعد التغريبة التي شهدتها متغايرة وفقاً للمكان، الوضع القانوني، الحالة الاقتصادية والاجتماعية، والدعم الذي قد يتلقونه في مواطن إقامتهم الجديدة".
عمل الشامي على مشروعه في تركيا والسودان وقطر والولايات المتحدة، ويحاول من خلال "مصريون منفيّون"، أن يسلط الضوء على مجتمع متنامٍ يضم مهاجرين ولاجئين سياسيين، وكذلك محاولاتهم لبدء حياة جديدة. العديد من هؤلاء اختار البقاء في مجال السياسة من خلال نشاطهم ونشر الوعي، بينما اختار آخرون التخلي عن ماضيهم وبدء حياة جديدة تماماً.
تتضمن الشخصيات مرشحاً سابقاً للرئاسة، وأعضاء سابقين بجماعة الإخوان المسلمين، ونشطاء سياسيين، وصحفيين، وآخرين ممن هربوا حفاظاً على سلامتهم وتجنّباً للاضطهاد.
بالنسبة لمحمود العناني، بدأ العنف قبل أيام من الانقلاب العسكري؛ عندما قُتل والده على يد بلطجية تابعين للأجهزة الأمنية في مدينة المنصورة (شمال مصر).
يعمل العناني في المجال الإعلامي ويقيم بإسطنبول.
"اعتُقلت فترةً وجيزةً قبل أن يُفرج عني، لكن محاكمتي استمرت وحُكم عليّ بالسجن 6 سنوات، كما اعتُقل أخواي القاصرَين، حينها اضطررت إلى المغادرة لتركيا؛ لأتمكن من الاستمرار في عملي الصحفي".
خالد المصري، البالغ من العمر 25 عاماً، لم يكن يفكر على الإطلاق في الخروج من مصر، "لكنني أُجبرت على ذلك" يقول مستاءً.
"حُكم عليّ بالسجن المؤبد قبل أن أُتم الحادية والعشرين من عمري".
يقيم خالد بإسطنبول، ويشارك باستمرار في التظاهرات المناهضة لحكومة بلاده.
"وضْعنا صعب للغاية، لكننا نمثّل على أنفسنا، نحاول أن نضحك ونفرح، لكن هناك شيء ناقص دوماً!".
"غادرت بلادي لأول مرة إلى أن يعود لي ولبلادي حقنا في الحرية".
أيمن نور، المرشح الرئاسي السابق البالغ من العمر 52 عاماً، ويقيم بإسطنبول، ترك مصر إلى لبنان قبل أن يغادرها إلى تركيا، بعد تهديدات وصلته.
حتى الآن، لا يستطيع محمد سلطان، نسيان مشهد رصاصة القناص التي مرّت فوق رأسه ببوصات قليلة، وكذلك لحظات الألم التي عاناها خلال 11 ساعة من إطلاق الرصاص المتواصل، عندما كان محتجزاً مع أصدقائه.
سلطان يعيش الآن في الولايات المتحدة.
"رأيتُ أشخاصاً أشبه بالموتى، وآخرون قلوبهم ترتعد خوفاً وهلعاً".
إيمان جمعة، والدة مصعب الشامي الذي قُتل في أثناء عملية فض الاعتصام، تتذكر المشهد في مقر الاعتصام، بعد أن أبلغها أحد المعتصمين أنه وجد هاتف ابنها على الأرض. كانت الأم مرتعبة من ألا تلقي نظرة الوداع على جثمان ابنها الذي أيقنت أنه رحل. تقول: "جاءتني البشرى: لقد عثروا على جثمانه ونقلوه إلى المسجد".
باهر محمد، قضى 438 يوماً في السجون المصرية.
"منذ أن كنت في محبسي، وعدت نفسي بأن أظل أدافع عن حرية الصحافة، وخاصةً في وطني الحبيب مصر… اضطررت إلى أن أترك أهلي ووطني حتى أَفِيَ بهذا الوعد".
يعمل باهر صحفياً في قناة "الجزيرة" القطرية، ويقيم بالدوحة. "أفتقد بيتي وشوارع القاهرة المزدحمة.. أفتقد أطباق الفول المدمس.. سأعود يوماً ما مع جميع المشرَّدين والهاربين، فبلدي مصر ليست مملوكة لأحد"، يقول باهر.
سناء عبد الجواد، زوجة القيادي في جماعة الإخوان محمد البلتاجي، كتبت في شهادتها الخطية تقول: "يعزّ عليّ ترك بلادي التي ضحّت من أجلها ابنتي أسماء.. زوجي محمد ما يزال في سجون العسكر، وكذلك ابني أنس".
أسماء البلتاجي كانت قد فقدت حياتها في أثناء فض اعتصام رابعة العدوية، فيما اعتُقل أفراد عائلتها جميعاً فتراتٍ متفاوتة.
"تعرضت لمضايقات وأعمال مداهمة، وتكسير لعيادتي، انتقلت من محافظة إلى أخرى، وفي النهاية اضطررت إلى مغادرة مصر".
الطبيب محمد زين العابدين، يقيم الآن بالسودان بعد اضطراره إلى الرحيل من مصر.
حلمي الجزار، طبيب مصري وُلد عام 1955، أُلقي القبض عليه بعد يومين فقط من الانقلاب العسكري، استمر احتجازه 13 شهراً قبل أن يُفرج عنه بكفالة.
لاحقاً، أُحيل إلى محاكمة عسكرية بتهمة ترتيب محاولة للانقلاب العسكري.
"كان من المنطقي أن أغادر البلاد؛ فراراً من الظالمين، بعد إحالتي إلى محاكمة عسكرية مخالفة لأحكام الدستور".
يقيم الجزار حالياً بالخرطوم.
اعتُقل عبد الناصر صقر، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، البالغ من العمر 62 عاماً، في شهر سبتمبر/أيلول 2013.
"أُفرج عني في مايو/أيار 2014، قبل أن يُزج باسمي في قضية أخرى وأضطر إلى الرحيل!".
استقر المقام بصقر في السودان "الشقيق" كما يحب أن يطلق عليه.