صواريخ كوريا الشمالية تحتاج 10 دقائق للوصول إلى اليابان.. تعرَّف على السلاح المدمر الذي تفكر به طوكيو

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/14 الساعة 11:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/14 الساعة 11:49 بتوقيت غرينتش

بعد أن عانت خراب الزلازل وويلات الحرب العالمية الثانية ودمار القنبلتين الذريتين الوحيدتين اللتين أُلقيتا على البشر، جاء موعد اليابان لتعاني مجدداً رعب التهديدات الكورية الشمالية والحرب الكلامية بين الرئيس كيم جونغ أون ونظيره الأميركي دونالد ترامب. فهل يمكن أن تفعلها كوريا الشمالية وتضرب جارتها اليابان الثرية؟.

يبدو أن طوكيو بدأت تأخذ التهديدات على مأخذ الجد؛ ففي إحدى المدارس الابتدائية يهرول الأطفال من ساحة الملعب إلى صالة الألعاب الرياضية الآمنة، بعد إطلاق صافرات الإنذار في أجواء بلدة ساكاتا، الواقعة على ساحل اليابان الشمالي الغربي، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

ويجثو سكانٌ آخرون على رُكَبهم خلف بعض الجدران أو ينبطحون بحقول الأرز، في حين يحثهم نظام النداء العام على الاحتماء بأي شيء.

وهكذا، إضافةً إلى كثرة اعتياده مخاطر الزلازل وأمواج تسونامي، صار على الشعب الياباني أن يواجه تهديداً جديداً من صُنع الإنسان، يتمثل في صواريخ كوريا الشمالية.

وتعيد حملة الدفاع المدني هذه إلى الأذهان الاستعدادات الوقائية لغارات القصف الأميركي في أثناء الحرب العالمية الثانية.

صواريخ فوق اليابان

أصبح لليابان سبب حقيقي يدعوها للقلق بعد وعيد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بمواجهة استفزازات كوريا الشمالية بـ"النار والغضب"، وخطط بيونغ يانغ المُفصَّلة لإشعال أنحاء جزيرة غوام الأميركية، الواقعة في المحيط الهادئ، بـ"غلافٍ ناري".

جديرٌ بالذكر أنَّ جميع الصواريخ الأربعة عشر التي أطلقتها كوريا الشمالية هذا العام (2017)، كانت تستهدف سواحل اليابان، ومن بينها صاروخان باليستيان عابران للقارات، خضعا لاختبار إطلاقٍ في الشهر الماضي (يوليو/تموز 2017).

ويتذكر الكثيرون، باليابان، أنَّه في عام 1998، حلَّق صاروخ كوري شمالي بعيد المدى فوق الأراضي اليابانية قبل سقوطه في نهاية المطاف بالمحيط الهادئ.

10 دقائق

وقال خبراءٌ إن إطلاق صاروخ مباشرةً نحو اليابان سيمنح الشعب أقل من 10 دقائق للبحث عن مأوى.

وذكرت بيونغ يانغ أنَّها تعتزم إطلاق 4 صواريخ باليستية متوسطة المدى، من طراز "هواسونغ 12 ستمر"، عبر 3 محافظات يابانية، ومن بينها هيروشيما التي ضُربت بالقنبلة الذرية خلال الحرب العالمية الثانية، في طريقها إلى أهدافٍ يتراوح بُعدها عن جزيرة غوام بين 30 كيلومتراً و40 كيلومتراً فقط.

وردَّاً على ذلك، حذَّر وزير الدفاع الياباني، إتسونوري أونوديرا، من أنَّ اليابان تحتفظ بحقوقها الدستورية في إسقاط الصواريخ؛ لأنَّها -على حد تقديره- تُشكِّل تهديداً وجودياً على اليابان كأُمَّة.

كما حذّر المتحدث باسم الحكومة اليابانية، يوشيهيد سوغا، كوريا الشمالية من أن طوكيو لن تتسامح مع أي استفزازات، وذلك بعد تهديدات أطلقتها بيونغ يانغ بضرب القاعدة الأميركية في جزيرة "غوام"، بالمحيط الهادئ.

وقال المتحدث إن "من المهم الحفاظ على قوة الردع النووية للولايات المتحدة في مواجهة وضع أمني مقلق جداً في المنطقة".

وفي خطوةٍ غير عادية لفتت انتباه بيونغ يانغ، أمرت وزارة الدفاع اليابانية بنشر أنظمة دفاع صاروخية في 4 مناطق على طول مسار الصواريخ المُحتمل.

ولتأكيد الشعور بالاستعداد، نشرت وسائل إعلام محلية صوراً لبطاريات اعتراضية من طراز "باك-3" موضوعة على أراضي وزارة الدفاع وسط العاصمة طوكيو.

واستشهد وزير الدفاع بالتشريع المثير للجدل الذي سُنَّ العام الماضي (2016)، والذي يمنح اليابان، تحت ظروفٍ معينة، الحق في اللجوء إلى الدفاع الجماعي عن النفس، أو تقديم مساعدة عسكرية لحليفٍ يتعرَّض لهجوم، ويُقصَد هنا الولايات المتحدة على الأرجح.

ويرى بعض الخبراء، ونواب المعارضة اليابانيون، أنَّ الكشف عن معدات الدفاع الصاروخي عمليةً رمزية بحتة؛ نظراً إلى التحديات الفنية العديدة التي يطرحها اعتراض صاروخٍ يُحلِّق على ارتفاعاتٍ عالية في اتجاه أراضٍ تبعد أكثر من 1500 ميل (نحو 2400 كيلومتر).

وقال جون نيلسون-رايت، وهو زميلٌ باحث بارز في شؤون شمال شرقي آسيا بمعهد تشاتام هاوس: "إذا كان مسار انطلاق الصواريخ الـ4 المُخطَّط يمر فوق شيمان (محافظة في غرب اليابان)، ومحافظة أوكيناوا، فمن الصعب رؤية اليابان قادرةً على اعتراض الصواريخ في ظل مرافقها الحالية. وسأفاجأ إذا كانت اليابان مستعدة أو مُجهَّزة تجهيزاً مستقلاً لفعل ذلك".

وكانت حدة سياسة حافة الهاوية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة قد ازدادت، بعد أن أعلنت وزارة الدفاع اليابانية، في تقرير رسمي نُشر الأسبوع الماضي، وصول الأسلحة النووية في كوريا الشمالية إلى مرحلةٍ جديدة، مُضيفةً أنَّه من الممكن أن يكون النظام الكوري الشمالي قد حاز القدرة على تصغير الرؤوس النووية. وبعد ذلك بساعات، ذكرت وسائل إعلامٍ أميركية أنَّ المسؤولين في واشنطن قد توصَّلوا إلى النتيجة نفسها.

هل يصبح لليابان جيش قوي؟

جديرٌ بالذكر أنَّ رئيس الوزارء الياباني المُحافظ شينزو آبي، وهو أول رئيس أجنبي التقى ترامب بعد فوز الأخير في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي أُجريت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، قد امتنع عن الانضمام إلى دولٍ أخرى، مثل ألمانيا، والصين، وروسيا، في انتقاد تصريحات الولايات المتحدة المتطرفة.

ومن منظورٍ ما، تُعزز التوترات المتصاعدة بين بيونغ يانغ وواشنطن قضية آبي من أجل تكوين جيشٍ أقوى، مع أنَّ خططه لتعديل دستور البلاد المُسالِم غُمِرت كلياً بمجموعةٍ من الفضائح.

وقال جيف كينغستون، وهو مدير قسم الدراسات الآسيوية في جامعة تمبل بطوكيو: " تُحاول حكومة آبي تبرير دعم قدرات اليابان، في وقتٍ تتعرض فيه الجماهير لتصعيدٍ لا ينتهي في حدة لهجة الخطاب بين ترامب وكيم".

وبينما يفكر الأميركيون ملياً، مع قلقٍ متزايد، في اليوم الذي يؤكد فيه خبراءٌ قدرةَ كوريا الشمالية على إرسال رأسٍ حربي نووي عبر المحيط الهادئ وإعادته إلى الغلاف الجوي باتجاه مدينةٍ أميركية- يعلم مواطنون يابانيون، وقواتٌ أميركية محلية، أنَّهم واقعون بالفعل من الناحية النظرية ضمن نطاق الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية التي يمتكلها النظام الكوري الشمالي.

وقال كينغستون: "إن مسار الصواريخ المُعلَن الذي يستهدف جزيرة غوام، سيمر فوق محافظاتٍ يابانية؛ الأمر الذي يرفع مستوى القلق على الصعيد الوطني".

وفي أثناء زيارتيه إلى مدينتي هيروشيما وناغازاكي خلال الأسبوع الماضي، كرَّر آبي دعم اليابان لفرض حظرٍ عالمي على الأسلحة النووية، بينما قاطعت بلاده مؤتمراً للأمم المتحدة يناقش هذه القضية نفسها!

هل تلجأ إلى السلاح الذي دمرها من قبل؟

وبين مطرقة تهديدات كوريا الشمالية العسكرية، وسندان القلق إزاء نشاطٍ عسكري صيني في بحري الصين الشرقي والجنوبي، أُثير نقاشٌ وليد حول مسألةٍ لطالما اعتُبرت من المحرَّمات السياسية، وهي امتلاك رادع نووي ياباني مستقل.

وقال نيلسون-رايت: "قبل نصف عام، كنت سأقول ليست هناك فرصة؛ إذ كانت الحساسية النووية بالغةً جداً، لدرجة أنها لم تكن تسمح لليابان بأن تنظر بجديةٍ في فتح الباب أمام التسلُّح النووي".

وبينما لم يدلِ أي سياسيٍ بارز في طوكيو باقتراحٍ جديٍ بامتلاك رادعٍ نووي، ستدعم الأسابيع المُقبلة موقف أولئك المسؤولين، ومن بينهم أونوديرا، الذين يطالبون بتفسيرٍ أكثر مرونة لجمود القيود الدستورية التي فُرضت على الجيش الياباني في أعقاب الحرب، والتي تحصر قدراته بشكلٍ صارمٍ في دورٍ دفاعي بحت.

وتأتي في صدارة قائمة أمنيات أونوديرا، امتلاك القدرة على توجيه ضربةٍ استباقية ضد الصواريخ الكورية الشمالية وهي لا تزال في منصاتها على الأرض إذا اعتُقِد أنَّ هناك هجوماً وشيكاً.

وسيُشكِّل ذلك تخلياً عن إجماعٍ دامَ عقوداً على أنَّ اليابان لا تستطيع سوى تدمير الصواريخ التي تستهدف اليابان نفسها.

وينظر العديد من اليابانيين بعين الحذر، ليس إلى بيونغ يانغ فقط؛ وإنما إلى الولايات المتحدة والمناطق القريبة من بلادهم؛ بل حتى داخل وطنهم أيضاً.

وقال كويتشي ناكانا، وهو أستاذٌ في العلوم السياسية بجامعة صوفيا في طوكيو: "تُعتبر كوريا الشمالية خطرة، ولكن في ظل سعيه لاستغلال المخاوف من كوريا الشمالية، يُعتبر آبي، مثل ترامب، مصدراً لزيادة الخطر كذلك".

تحميل المزيد