أحكام الإعدام ضد السويكت وزملائه تلقي الضوء على محنة الشيعة بالسعودية.. وانتقادات تجبر الرياض على إصدار بيان نادر

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/11 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/11 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش

جاء مسؤولو الأمن السعوديين للقبض على مجتبى السويكت بينما كان على وشك استقلال طائرة إلى الولايات المتحدة للالتحاق بالجامعة.

انتظرت عائلة مجتبى، الطالب البالغ من العمر 17 عاماً، والتي تجمَّعت في مطار الدمام شرقي السعودية لتوديعه، ساعاتٍ عصيبة لمعرفة سبب اعتقاله. وعند الفجر، قيل لهم أن يعودوا إلى ديارهم.

كان ذلك منذ ما يقارب من 5 سنوات، واحتُجز السويكت منذ ذلك الحين ضمن 14 شاباً -أحدهما معاق- من الأقلية الشيعية في المملكة بتهمة تنظيم احتجاجات مناهضة للحكومة خلال الاضطرابات الشعبية التي اجتاحت العالم العربي عام 2011، حسبما ذكرت صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية.

وقالت والدة مجتبى: "القبض عليه شيء لم أتوقعه قط، لقد أصبتُ بانهيارٍ في المطار وبدأتُ في الصراخ، إنَّه ابني الوحيد. لقد انتظرت هذه اللحظة منذ كان طفلاً صغيراً، لحظة أن يذهب إلى الجامعة. لقد كانت صدمة هائلة بالنسبة لي".

وظهرت قضية السويكت وزملائه المدعى عليهم إلى الأضواء مجدداً بعد أن أيدت المحكمة العليا أحكام الإعدام الصادرة بحقهم في تهم تتعلق بالإرهاب الشهر الماضي. ولقي الحكم إدانة واسعة النطاق من جماعات حقوق الإنسان الدولية التي انتقدت اتهام المتظاهرين بارتكاب جرائم الإرهاب وانتقدت العملية القانونية برمتها. كما أعاد الحكم تركيز الاهتمام على معاملة السعودية للأقلية الشيعية التي كثيراً ما تشكو التمييز والتهميش في المملكة ذات الغالبية السنية. في حين، ينكر المسؤولون مثل هذه الادعاءات.

هذا وقد دعت نقابة المعلمين الأميركية الرئيس دونالد ترامب إلى التدخل فى حالة السويكت الذي كان من المقرر أن يحضر للدراسة في ميشيغان، لكنه يواجه الآن "قطع رأسه" في السعودية، بحسب ما ذكر تقرير لوكالة سبوتنيكالروسية.

وأدَّت الانتقادات المتعلقة بقضية السويكت إلى صدور بيان نادر من وزارة العدل السعودية الأسبوع الماضي دافعت فيه عن الإجراءات القضائية التي أدَّت إلى أحكام الإعدام.

فقال منصور الغفاري المتحدث باسم الوزارة: "جميع المتهمين أمام المحاكم السعودية يحصلون على محاكمات عادلة تستوفي كافة المعايير والشروط والمتطلبات".

إلا أن "ريبريف"، وهي مجموعة حقوقية بريطانية، وصفت البيان بأنَّه "كاذب". وقالت مايا فوا، مديرة ريبريف، إن "محاولات السعودية لتبرير عمليات الإعدام غير القانونية بحق 14 شخصاً تعدّ مروعة".

وكانت الرياض قلقة منذ فترة طويلة من التهديد الذي يشكِّله المسلحون في المنطقة الشرقية التي تضم معظم الثروات النفطية في السعودية وحيث يعيش غالبية الشيعة. وإبَّان الربيع العربي عام 2011، اندلعت الاحتجاجات الخطيرة الوحيدة في المملكة في المنطقة الشرقية، وغالباً ما تتهم الرياض إيران، منافستها الإقليمية الشيعية، بإثارة التوترات.

وبحلول عام 2012، كانت الحكومة تشير إلى الهجمات في القطيف، وهي بؤرة للنشاط الشيعي، بأنَّها "عمليات إرهابية" بدلاً من اعتبارها أعمال شغب، وحذَّرت من أنَّها سترد بـ"قبضة حديدية". وتراجعت الاحتجاجات، لكنَّ الاشتباكات المتفرقة بين قوات الأمن والمسلحين الشيعة استمرت.

وتصاعد الوضع في مايو/أيار عندما حاولت قوات الأمن طرد المسلحين المختبئين في العوامية، وهي بلدة في منطقة القطيف. تجدر الإشارة إلى أنَّ القتال الذي قُتِل فيه 12 من قوات الأمن و5 مسلحين قد أجبر آلاف الأشخاص على الفرار من ديارهم.

وقد حُكِم على رجل دين شيعي آخر هذا الأسبوع بالسجن 13 عاماً لدفاعه عن حزب الله، الجماعة اللبنانية المسلحة، في خطبته.

ويشكو زعماء الشيعة سراً من أنَّ الحكومة السعودية اختارت التعامل مع المظالم التاريخية التي غذَّت احتجاجات عام 2011 كقضية أمنية بدلاً من الاشتراك مع المجتمع المحلي لمعالجة المشاكل. ويأمل الناشطون في أن ينتهي العنف في العوامية، وهو ما سيساعد على الحد من التوترات، وفق تقرير فايننشيال تايمز الأميركية.

وقال الناشط وليد سليس إنَّ "المسلحين يشكلون تهديداً لكلا الجانبين. فهم تهديدٌ للحكومة وتهديدٌ للمجتمع. وسيكون التخلص من هذا التهديد خطوة إلى الأمام".

وكانت موافقة الأمير سعود بن نايف، حاكم المنطقة الشرقية، على مقابلة 3 رجال شيعة مطلوبين هذا الأسبوع، بمثابة علامة إيجابية على استعداد الحكومة للانخراط مع الناشطين.

ويضيف سليس: "ما يتبقى أن نراه الآن هو كيفية تعامل الحكومة مع الوضع الجديد، فلا تزال هناك مشاعر غبن في العوامية وغيرها متبقية من عام 2011 وما بعده، والتي تتطلب التعامل ببعض المرونة والرحمة".

وتقول والدة السويكت إنَّ أملها هو أن يتدخَّل الملك سلمان، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد الجديد، في قضية ابنها. وتضيف: "لقد شارك بالفعل في اثنين من الاحتجاجات السلمية عام 2011، لكنَّه توقف بمجرد أن طلب زوجها منه ذلك".

وقالت إن ابنها، الذي كان يُخطط لدراسة التمويل، "كان دائماً عضواً نشطاً في المجتمع، يحب الجميع. وقد انضم إلى الاحتجاج انطلاقاً من دوافع إنسانية، وانطلاقاً من حبه لمجتمعه، ورغبته في أن يتمتع الناس ببعض حقوقهم المشروعة".

وأضافت في اتصال هاتفي من القطيف: "لم يؤمن أبداً بالسلاح أو العنف. أناشدهم السماح لابني بالخروج من هذا المكان وبدء الجامعة في الولايات المتحدة وجعل حلمه وحلمنا حقيقة. لقد كنا نموت في كل دقيقة مرت خلال هذه السنوات الخمس".

تحميل المزيد