أريد أن أستهل هذا المقال بالقول إنني لست عدّاءة منافسة، ولست خبيرة بالرياضة أو في الجري. يعتبر الجري رياضة شخصية للغاية، فما ينجح مع أحد الأشخاص قد لا ينجح مع شخص آخر، وهذا ما كان جيدًا معي.
وبكل تأكيد، إن كنت ستبدأ أحد برامج التمارين، فعليك أن تراجع طبيبك أولًا. إنني أمارس الجري منذ أعوام، إلا أنني أجريت مؤخراً 3 تغييرات: الأول على نظامي الغذائي، والثاني على سلوكي، والثالث على الطريقة التي أمارس بها الجري، وكانت النتيجة ارتفاعاً جنونياً في السرعة والطاقة!
فقد صرت بعد أسابيع معدودة أستطيع الجري أسرع من ذي قبل بنسبة تصل إلى 90 ثانية/ميل (وهو شيء هائل، سواء كنتم مهتمين بوقت الجري أم لا)، كما أن مستويات طاقتي وصلت إلى ضعف ما كانت عليه. وهذه هي التغييرات التي اصطحبت مستواي في الجري إلى مستوى جديد.
بدأت أتناول الكربوهيدرات مرة ثانية
حسناً، لم أتوقف كلياً عن تناول الكربوهيدرات، لكني كنت دائماً منجذبة نحو نظام غذائي يحتوي على نسبة قليلة من الكربوهيدرات. إنني أحب الكربوهيدرات، ولكني في بعض الأيام أذهب إلى العشاء وأتساءل: لماذا أشعر بالتعب الشديد؟ فأدرك أنني لم أتناول أي كربوهيدرات معقدة في اليوم بأكمله.
يمكنني احتمال تناول الكربوهيدرات؛ فقد حصلت على تسلسل الرمز الوراثي الخاص بي من شركة Nutrigenomix للرعاية الصحية والمعلومات الجينية، وعلمت أن جسدي يحللها بصورة طبيعية؛ لذا لم يكن هناك سبب للحد منها (مرة أخرى، لا يعني أنني كنت أفعل هذا، أو على الأقل لم أكن أفعله عمداً). كنت دائماً أترك الأطعمة التي تحتوي على كربوهيدرات، وأفضل تناول السوشي في المساء قبل الدخول في مضمار السباق؛ لأن الأرز كان دائماً يجعلني أجري بصورة شديدة السوء.
المضحك في الأمر أنني كنت أتناول اللبنة والجرانولا كل صباح خلال الأعوام الثلاثة أو الأربعة الماضية؛ لذا فإنني كنت دائماً ألاحظ انتفاخي بعد تناوله. اتضح، وفقاً لما نصحني به خبراء Nutrigenomix، أنني أقل احتمالاً للاكتوز من الشخص العادي.
استبعدت اللبنة، وأدخلت تناول كعكة يومياً إلى نظامي الغذائي. ولم أتوقف عن الشعور بالانتفاخ وحسب بعد تناول الكعكة؛ بل إنني في الحقيقة فقدت الوزن. ماذا؟! يا له من جنون!
نحن جميعاً مختلفون، غير أن إدخال الكربوهيدرات في وجبة الإفطار لم يجعلني أجري أسرع وحسب، لكنه جعلني أجري بطاقتي كاملةً فترةً أطول من تلك الفترة التي كنت أتناول اللبنة خلالها، وإنني أتناول طعاماً أقل خلال اليوم. كما أني أُدخل الكربوهيدرات المعقدة إلى وجبة الغداء فأتناول مزيداً من المعكرونة أيضاً. مرحى!
توقفت عن الاستماع إلى الموسيقى
هذا التغيير هائل.
أعلم أن كثيراً منكم يقرأ هذا الآن ويفكر في أنه من المستحيل أن أجري من دون موسيقى. ولكن، فضلاً أكملوا قراءة هذه السطور، اتفقنا؟
عندما كنت أعيش في كاليفورنيا، كنت أجري من دون موسيقى؛ لأنني كنت أجري مسافاتٍ بعيدة وكنت في حاجة لأن أسمع ما يأتي من خلفي. كما أدركت غريزياً أنني إذا جريت وأنا أستمع إلى الموسيقى، سوف تنضبط سرعتي وفقاً للإيقاع أياً كانت الأغنية التي أسمعها. وقد جعلني هذا الأمر تحت رحمة قائمة الأغاني الخاصة بي، وهو ما أبعدني عن وتيرة الركض الطبيعية، وعلى الأحرى أنه جعلني أشعر بالتعب بسرعة.
بدأت في عادة الاستماع إلى الموسيقى في أثناء الجري عندما عدت إلى تورونتو منذ سنوات. أظن أنني أردت منع أصوات المدينة من ازدحام مروري وصفير، أو أياً كانت هذه الأصوات. وصلت إلى نقطة صرت فيها معتمدة على استماع النغمات، حتى إن لحظات التوقف بين الأغنية والأخرى كانت بمثابة تعذيب بالنسبة إليّ. علمت نوعاً ما أنني كنت أجري حسب إيقاع الموسيقى، لكنني لم أعتقد أن هذا كان يشكل فارقاً كبيراً، لكني كنت مخطئة.
عندما عدت إلى كاليفورنيا منذ أشهر قليلة، ذكرت إحدى صديقاتي أنها لا تستمع إلى الموسيقى في أثناء الجري. قررت أن أجرب الجري من دون الاستماع إلى الموسيقى، ووضعت سماعات الأذن داخل جيبي في حالة لم أستطع التعامل مع الأمر. ولكن إذا لم تكونوا تعلمون، بعد أن أنهيت أول ميل من الجري وأنا أستمع إلى تنفسي (أي الشهيق والزفير)، حدث شيء ما.
بدأت في الجري حسب إيقاع تنفسي. ومن خلال إيقاع التنفس، استطعت أن أنصت في الحقيقة إلى نفسي في أثناء التنفس؛ لذا فقد عرفت متى أكون في حاجة إلى إبطاء وتيرة الجري ومتى أكون في حاجة إلى زيادة السرعة. كما يمكنني أيضاً ضبط تنفسي والعودة مرة أخرى إلى أسلوب الشهيق مرتين والزفير مرتين الذي كنت أستخدمه مرة أخرى في اليوم. لم أعد أشعر بالتعب في نهاية الجري؛ لأنني لم أكن أتجاهل إشارات جسدي. وبدلاً من هذا، كنت أساير هذه الإشارات. صارت مرات توقفي لألتقط أنفاسي أقل تكراراً، وزادت سرعتي بدرجة كبيرة، لتصير من متوسط 10 دقائق و15 ثانية للميل الواحد إلى 8 دقائق و30 ثانية وبفواصل أقل.
كما بدأت في ملاحظة ما يدور حولي وصارت أفكاري، التي كانت مُحمّلة بالموسيقى الصاخبة، حُرَّة للتجول. بدأت في الانزلاق نحو "منطقة" حيث لا أستطيع أحياناً تذكر أجزاء من الجري؛ لأنني كنت منهمكة بشدة في التفكير الداخلي. كان ذلك غريباً، لكنه لا يزال جيداً. وصار الجري شيئاً أتطلع إلى القيام به وليس عملاً شاقاً آخر أقوم به على الرصيف.
غيرت من توقعاتي
إنني الآن في الأربعينات من عمري، وبقدر ما أريد أن أصدق أنني لا أبدو في الثامنة والعشرين وحسب؛ بل ويمكنني أن أجري كما لو أنني في هذا العمر، فأنا لا أفعل ولا أستطيع؛ إذ إن استيعابي أنني لا أستطيع أن أفعل ما اعتدت أن أفعله والتعايش مع تلك الحقيقة- ساعدني في تقبُّل حقيقة أنه عليَّ أن أجرى مسافاتٍ أقل، وأنني في حاجة لأن أكون حريصة مع هيئتي وأنني أحياناً أحتاج ألا أصعد إلى التلال التي ستفاقم من إصابة قدمي.
كما أنني في حاجة إلى أن أتمالك نفسي وألا أقارن نفسي مع ممارسي الجري الآخرين، أو أحاول أن أجاري شخصاً أسرع مني على مضمار السباق (إلا إذا كنت أشعر بأنني سريعة في هذا اليوم بصورة خاصة).
جلبت هذه الحالة الإدراكية ميزة تأملية إلى ممارستي للجري؛ لأنني لم أعد أحاول أن أسابق نفسي أو الآخرين معظم الأوقات من حيث السرعة أو المسافة. يبدو شعوراً جيداً أن تجري من أجل نفسك، كما لو أنني صرت ناضجة في ممارستي للجري، ولكن مع هذا جاء أيضاً تجديدي لطاقة وهدف ممارستي للجري.
أتمنى لكم حظاً سعيداً في جريكم!
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الكندية لـ"هاف بوست". للاطلاع على النسخة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.