على وقع أحداث المسجد الأقصى الأخيرة، ارتفعت وتيرة الأكاذيب الصهيونية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عبر صفحة المتحدث باسم العصابات الصهيونية، أفيخاي أدرعي، وصفحة تحمل اسم "إسرائيل تتكلم بالعربية"، وصفحات أخرى تتبع الموساد الصهيوني، وجميعها ركزت جهودها على التضليل، وترويج الأكاذيب، مستشهدة في بعض الأحيان بنصوص قرآنية، أو أحاديث نبوية، لتعزيز فكرة معينة، فضلاً عن تأجيج الفتنة بين المتابعين العرب، في محاولة لتشكيل صورة نمطية، وتعميمها على شعوب بأكملها.
هناك الآلاف من الحسابات الفيسبوكية، التي تشيد بالكيان الصهيوني، وتنتقص من الشعب الفلسطيني، عبر تعليقات خبيثة على منشورات الصفحات الصهيونية، السابقة الذكر، ويزعم أصحاب هذه الحسابات أنهم من دول عربية، بينما غالبيتها لا تعدو كونها حسابات وهمية صهيونية، تسعى لإشعال حالة من العداء بين المتابعين العرب، بينما تكتفي الصفحة الرسمية بالمتابعة بصمت، والترفع عن الكم الهائل من البذاءات التي تعج بها التعليقات.
لأول مرة تجد الصفحات الصهيونية نفسها في جو يسمح لها بالانتشار، والتفاعل، بعد أن كانت مهملة في السابق، ولا تجد التفاعل الكافي من العرب سواء بالسلب، أو الإيجاب، ولعل ما ساعدها في ذلك، استغلالها لأحداث القدس الأخيرة، ومحاولتها رسم صورة مضللة للجماهير الغاضبة، التي وجدت نفسها مضطرة للرد على هذا التدليس، والتنفيس عن حجم الغضب تجاه ما تعرض له المسجد الأقصى، من إغلاق همجي، واعتداء غير مسبوق على قدسيته منذ عام 1969.
أما السبب الآخر في انتشار هذه الصفحات هو استغلالها لهذا الغضب العارم، بمنشورات استفزازية، تتحدث فيها عن سماحة الكيان الصهيوني، واستخدام النصوص القرآنية بشكل مجتزأ، بما يخدم أفكاراً معينة، تحاول تسويقها، مثل الحديث عن التطبيع والتعارف، والاستدلال بالنص القرآني "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا"، هذا الاستدلال، وغيره كثير، دفع الكثير للرد على هذه المنشورات، وتبيان مدى خطورتها، ومحاولتها التضليل بشكل مباشر على أدمغة المراهقين، ممن لا يفقهون كثيراً في التاريخ الصهيوني، الملطخ بالسواد.
أما السبب الثالث الذي ساهم في زيادة التفاعل مع هذه الصفحات، هو اتباعها لأساليب خبيثة، في الترويج للتطبيع باستخدام خطاب التعميم، عبر منشورات وصور التضامن مع الصهاينة، والتي تزعم أنها وصلت من متابعين عراقيين، أو غيرهم من المتابعين العرب، في محاولة منها لإعطاء صورة نمطية، بأن الشعب العراقي أو الشعوب الأخرى متضامنة مع الكيان الصهيوني ضد "الإرهاب الفلسطيني"، وهذا الأمر أشعل معركة قوامها التعليقات النابية، والاتهامات المتبادلة بين المتابعين العرب أنفسهم، ما دفع عدداً كبيراً من المتابعين، للتحذير من الحسابات الوهمية، التي تكتب تعليقات معادية للشعب الفلسطينى، والتحذير من المنشورات التي تحمل طابع التعميم، وتحاول إشعال فتنة خبيثة، فيما بين الشعوب العربية، وكانت تعليقاتهم أكثر تأثيراً، وعقلانيةً، مع ملاحظة وجود شرخ بسيط أحدثته حسابات حقيقة لمتابعين عرب، غالبيتهم عراقيون، وهؤلاء لا يمثلون الشعب العراقي لا من قريب، أو بعيد، لا حاضراً ولا مستقبلاً.
وبالعودة للحديث عن المحتوى الذي تنشره صفحة الناطق باسم العصابات الصهيونية، أفيخاي والصفحات الأخرى التي يديرها رفاقه، نجد أنها ركزت على أحداث القدس الأخيرة، وحاولت امتصاص الغضب، واستدراج المتابعين العرب، عبر عرض صور ومنشورات لإظهار رواية مضادة لما يحدث فعلياً على الأرض، لكنها فشلت في ذلك ولم تحقق نجاحاً يذكر.
وفشلها في ذلك دفعها لمحاولة إظهار سماحة الكيان الصهيوني، وأنها مثال للتعايش، والإنسانية، والتنوع الديني، وأيضاً النيل من المقاومة الفلسطينية، وتوصيفها بالإرهاب، مستعينة بحسابات وهمية في الغالب، لدعم أفكارها، وهذه الخطوة لم تحقق نجاحاً أيضاً، وإن كان لها تأثير محدود على عدد قليل ممن يجهلون القضية الفلسطينية، أو لديهم عداء مسبق له مبررات غير منطقية، أو حتى بدون مبررات.
وبالتزامن مع أحداث الأقصى الأخيرة، حاولت الصفحات الصهيونية الترويج لمسألة التطبيع، وإشعال الفتنة بين المتابعين، بنشر صور لمن سمتهم متضامنين عرباً من العراق، لإظهار نفسها كضحية، لما تسميه الإرهاب الفلسطيني، ونجحت بشكل محدود أيضاً في رسم صورة ذهنية لدى بعض المتابعين، أن الشعب العراقي متضامن مع "إسرائيل"، وهذا غير صحيح بالمطلق.
النجاح الوحيد الذي حققته صفحة أفيخاي أدرعي وأخواتها هو زيادة التفاعل، واتساع انتشارها بين الجمهور العربي في العالم الافتراضي، بعد أن كانت نكرة أشبه بسلة مهملات، يتجاهلها مَن يمر بجوارها، وهذا النجاح تكمن خطورته في أنه يمثل بداية للتطبيع الافتراضي والإلكتروني مع الشعوب العربية بشكل مباشر في المستقبل، ما لم يكن هناك وعي كافٍ بمخاطر التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتداعياته.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.