في سماء العالم الافتراضي الذي ربما انتشر كالنار في الهشيم لأسباب كثيرة، أبرزها الرغبة بالحداثة والتعبير عن الذات بطرق غير مألوفة، وكذلك للبحث عن عالم آخر، غير الذي نعيشه على أرض الواقع.
وفي ظل هذا العالم الجديد برزت أيضاً ظواهر جديدة، أبرزها عباة "ماذا تفكر اليوم" أو ما تسمى "الحالة اليومية" على منابر جميع منصات التواصل الاجتماعي الافتراضي، تختصر تلك "الحالة" ببضع كلمات معبرة وعميقة، معاناة أو حزن أو فرح أو حالة اجتماعية وسياسية ما، وتعكس ربما نظرة -ليست صحيحة تماماً- عن وجوب اختزال حياتنا بشكل سريع بعيداً عن الكلام المطول أو قراءة القصص والمقالات التي تعطيك حكمة ما أو فكرة بعد قراءة طويلة وكثيفة.
هذا الأمر دفعني إلى أن أصدر صفحة خاصة بي على موقع الفيسبوك تتحدث بلسان حال شريحة كبيرة من شبابنا لتمثل كل عبارة أو حالة أكتبها، شيء يمسهم ويعبر عنهم بطريقة عصرية أدبية عميقة، وقد اخترت في هذا المقال جزءاً من عبارات تتناول مشاكل تؤرقنا، سياسية، وإنسانية وروحانية، لعلها تحاكي أموراً في حياتنا في هذا الواقع العربي الصعب:
• ربما الحل بجناحٍ من "جبريل" ليقلبَ هذه الأرض عاليها سافلها، فنحنُ لسنا أكثر شرفاً من قومِ لوط… ولعلّ كثرة المرسلين والأنبياء في منطقتنا لم تكن أبداً من فراغ!
• عندما يكثرون اللعب بالكبريت يصبح "مع كل أسف" حرقهم واجباً.
• في ليلة الوداع وفي آخر جلسة لي مع "الحـظ" رافقني إلى باب الوطن مصافحاً، وقال:
آخر هدية أُهديك إياها أنك ستخرج قبل أن يحرقوا بالزيت والنار كل الذكريات.
ستخرج قبل أن تتحول ضحكات الأحباب إلى رماد.
ستخرج قبل أن يُدمرَ بيتَ فلان ويموت فلان ويجن فلان قهراً..
ستخرج قبل أن يخرَف وطنك، فلا يعد يعرفك ولا تعد تعرفُه!
• هذا ليس وطناً.. هذا بيت للدعارة يدخل إليه من يشاء!
• عندما لا تملك شيئاً سوى الكلام، مرّن كلماتك!
• أحتاجُ من الأقدار قدراً يُعيد لي قدريْ!
• وتتشابهُ تجاعيدُ شوارعنا وعقولنا.. فكلاهما يُداس كي نعبُر…
• الخطيئة مُنتج بشري بامتياز!
• يعبدون الدين ويتركون الله!
• في كل يوم نقتل أنفسنا آلاف المرات لكي نعيش!
• كيف لا تكون حيادياً بين طرفي زبالة؟
• والغربة في زمن الوحشية والتخلف، رحمة!
• عندما يبدأ الإنسان بربط أسباب فشله بالحسد فهذا أول مؤشر على أنّهم قد حسدوه على عقله!
• الدين سلوك باطني يُنتج ظواهر مُهذبة فكرياً وعملياً، لا مذهب وملبس ومسبحة!
• الوجع ليس ناكراً للجميل فقد يكون صاحباً وعشوراً، والأوجاع هي مصادر الإلهام الحقيقية وهي محور التفكير وأصل اللسانيات!
• الوجع هو جزء كبير من الواقع فتعود أن تتقاسم وإياه العيش معاً.
• يا ليتنا لم نكن بشراً.. ليتنا بقينا أرواحاً!
• في موسيقى الأمل.. تعزف أوركسترا عقارب الساعة اللحن الأصعب!
• لو رمي البشر في البحر؛ لتعجبت من هول الكراهية التي تطفو!
• لسنا أبداً من نعاني فاجعة وطن، فالوطن هو المفجوع فينا!
• وبين نعومةِ النجوم ولمعانِها الخافتْ، تكمُنُ تفاصيلُ السماء…
في الختام أود أن أقول: إن طرق تعبيرنا المختصرة هذه قد تلامس حياتنا، ولكن لا تختصرها، لذا لن تنتهي "حالتنا" على المواقع الافتراضية أبداً، بل لا بد أن تترجم أقوالنا إلى ردات فعل فعالة وحقيقية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.