قبل أن تتخرج في الجامعة

تلعب الأسر دوراً كبيراً في توفير البيئة المناسبة الخالية من الضغوطات وتشجيع الأبناء على التعلُّم والدخول إلى الجامعة؛ بل تسخِّر كل مواردها وإمكاناتها من أجل دخول الأبناء الجامعة والحصول على أرفع الشهادات من أعرق الجامعات، لكنها بالقدر نفسه نادراً أن تكمل هذا الإعداد وتعدّ الأبناء لمرحلة ما بعد الجامعة، وتظن غالبية الأسر أن دورها انتهى عند التخرج.

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/02 الساعة 01:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/02 الساعة 01:54 بتوقيت غرينتش

تلعب الأسر دوراً كبيراً في توفير البيئة المناسبة الخالية من الضغوطات وتشجيع الأبناء على التعلُّم والدخول إلى الجامعة؛ بل تسخِّر كل مواردها وإمكاناتها من أجل دخول الأبناء الجامعة والحصول على أرفع الشهادات من أعرق الجامعات، لكنها بالقدر نفسه نادراً أن تكمل هذا الإعداد وتعدّ الأبناء لمرحلة ما بعد الجامعة، وتظن غالبية الأسر أن دورها انتهى عند التخرج.

ما لا تنتبه له الأسرة ولا يدركه الطالب، أن الطريق بعد الجامعة ليس مفروشاً بالورود؛ بل محفوفاً بندرة في الوظائف وكمٍّ هائلٍ من الخريجين وتزايد في نسبة العطالة عالمياً. لم تعد الشهادة الجامعية وحدها سبباً للتوظيف، فالعلاقات الاجتماعية وكذلك التوجهات السياسية والأيديولوجية تلعب دوراً أكبر في عملية الحصول على وظيفة، في عالم متغير ومتحول سياسياً واقتصادياً.

فترة اللاعمل واللادراسة، والفراغ الذي يحدث بعد تخرجك في الجامعة، هي أكثر المراحل بؤساً في حياة الإنسان، إن لم تستثمر فترة دراستك جيداً، أو تعدّ لها إعداداً مسبقاً.

تعلَّم من درس أصدقائك الذين تخرجوا ويجلسون على أرصفة الطرقات في انتظار هامش وظيفة، أو أولئك الذين ركبوا البحر واختاروا طريق الهجرة، أو الذين علقوا شهاداتهم في جدران منازلهم وتنازلوا عن ألقابهم العلمية واختاروا عملاً متواضعاً لأكل عيش زهيد، تأمل كل هؤلاء وغيرهم؛ لذلك أقول لك إن ثمة 3 أمور يمكنها تغيير حياتك وبناء مستقبلك، خاصة إن كنت في الصفوف الدراسية الأولى أو الأخيرة.

أولاً: العمل الطوعي هو أفضل الوسائل لبناء تجربتك وصقل موهبتك والتعرف على العالم بصورة مختلفة، التطوع يوفر لك فرصة الاكتشاف والتعلم وتوسيع دائرة المعارف والعلاقات، والأهم من ذلك يقوي اتزانك الداخلي وثقتك بنفسك، ويعزز مهاراتك القيادية.

ثانياً: العمل الحر يطور مهاراتك الشخصية والإبداعية باستمرار، سواء كنت مُصمماً أو مبرمجاً، كاتباً أو مطور شبكات، مهما كان عملك المُستقل فأنت دائماً تستطيع أن تُبدع، فلا يتحكم في قراراتك أحد.

فمع التطور التكنولوجي الهائل وتطور وسائل الاتصال بين جميع أنحاء العالم، لم يعد التعلم أو العمل من الشركة أو المكتب أمراً ضرورياً، على العكس يمكنك التعلم أو العمل من المنزل؛ بل وليس المنزل فقط، فيمكنك العمل من الحديقة أو أي كوفي إنترنت، يمكنك العمل من أي مكان تريد، حيث إن العمل لا يتطلب الثبات في أماكن محددة، ويمكنك أن تتقن أياً من أدوات العمل الحر في فترة دراستك الجامعية، من خلال منصات التعلم عبر الإنترنت.

ثالثاً: اللغات، أن تتحدث أكثر من لغتين وأنت حديث التخرج أو في الفصول الدراسية الأخيرة- لهو أمر مثير للاهتمام ويجلب لك الكثير من الفرص لتتقدم على مستوى الأعمال، وكذلك على مستوى المهارات، ويمكنك تعلم ذلك في فترة دراستك أو الاستفادة من فترة إجازاتك المعتادة، أو التعلم ذاتياً من خلال المنصات والتطبيقات المعدَّة لذلك.

وأذكِّرك بأبيات للشاعر الأندلسي أبو الإسحاق الإلبيري:
وتَذكُرُ قَولَتي لَكَ بَعدَ حينٍ
وَتَغبِطُها إِذا عَنها شُغِلتا
لَسَوفَ تَعَضُّ مِن نَدَمٍ عَلَيها
وَما تُغني النَدامَةُ إِن نَدِمتا
إِذا أَبصَرتَ صَحبَكَ في سَماءٍ
قدِ ارتَفَعوا عَلَيكَ وَقَد سَفَلتا
فَراجِعها وَدَع عَنكَ الهُوَينى
فَما بِالبُطءِ تُدرِكُ ما طَلَبتا

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد