السجائر الإلكترونية.. فخ الأبحاث العلمية وإنعاش سوق التبغ

تُعد فكرة "نجاعة استخدام السيجارة الإلكترونية من أجل الإقلاع عن التدخين" من أكبر المغالطات التي يتم الترويج لها من أجل تحقيق مكاسب مادية، ومن أجل طمس فكرة أن "لا إقلاع عن التدخين إلا بالإقلاع عنه".

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/02 الساعة 03:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/02 الساعة 03:17 بتوقيت غرينتش

تُعد فكرة "نجاعة استخدام السيجارة الإلكترونية من أجل الإقلاع عن التدخين" من أكبر المغالطات التي يتم الترويج لها من أجل تحقيق مكاسب مادية، ومن أجل طمس فكرة أن "لا إقلاع عن التدخين إلا بالإقلاع عنه".

وقد حاول أصحاب هذه الأطروحة الاستعانة بتحويرات البحوث والدراسات العلمية من أجل إقامة أساس علمي مقبول لدى الناس.

يُفسر السعي إلى إقامة أساس علمي للسيجارة الإلكترونية بالتطور الحاصل في سوق النظم الإلكترونية، وإرادة القوى الفاعلة في زيادة انتشاره، فقد سجل تقرير منظمة الصحة العالمية حول "نظم إيصال النيكوتين إلكترونيا" الصادر في سبتمبر/أيلول 2014 ازدهار هذه النظم، وسجل بلوغ الإنفاق العالمي 3 مليارات دولار أميركي 2013.

ويبدو أن امتدادات سوق النظم الإلكترونية -التي تشكل السيجارة الإلكترونية واحدة من أبرز تجلياته- ستمتد من الأشخاص غير المدخنين من الأجيال الحالية إلى اللاحقة، وفي هذا الصدد يتوقع تقرير منظمة الصحة العالمية أن تزداد المبيعات بـ17 ضعفاً عام 2030، وهو ما اعتبرته المنظمة الدولية تحدياً وتهديداً لسياستها الاستراتيجية المتعلقة بمكافحة التبغ.

يلاحظ أن الانعكاسات الخطيرة للسيجارة الإلكترونية لن تنحصر في المدخنين، بل ستمتد إلى غير المدخنين في إطار ما يسمى في مجال السيجارة العادية بـ"التدخين السلبي"، ويمكن أن نلقبه هنا بـ"التدخين السلبي الإلكتروني"؛ حيث ينتشر رذاذ المواد المكونة للسيجارة الإلكترونية في الهواء، وينتقل إلى غير المدخنين، أو المدخنين للسجائر التقليدية.

يعتبر تقرير وقرار مؤتمر الأطراف في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ (18 أكتوبر/تشرين الأول 2014)، من الوثائق المرجعية لكشف فساد مقولة "قدرة السيجارة الإلكترونية على إيقاف التدخين"، فقد انتهى القرار إلى دعوة أطراف الاتفاقية إلى النظر في حظر نظم إيصال النيكوتين إلكترونياً أو تقنينها.

لم يتوقف قرار المنظمة عند نقطة الحظر، بل تعداها إلى مطالبة الدول الأطراف بمنع نشر الادعاءات الصحية غير المثبتة، وقد أظهرت بعض الدراسات العلمية أن السيجارة الإلكترونية ليست حلاً لترك التدخين، وأن استنشاق السجائر الإلكترونية ينطوي على خطر الإصابة بمرض السرطان أكثر بخمسة أضعاف إلى 15 ضعفاً من تدخين السجائر العادية.

فيما كشفت دراسات أخرى أن السجائر الإلكترونية أقل ضرراً من السجائر التقليدية.

ويجب التوقف عند قضية مفصلية تتعلق بمصداقية التقارير والدراسات العلمية ما لم تعتمد عالمياً، فقد تنطوي البحوث التي تتحدث عن ارتفاع خطر السيجارة الإلكترونية مقارنة بالسجائر العادية عن رغبة مبطنة في تزيين السجائر العادية للناس، وتنفيرهم من السجائر الإلكترونية، والعكس صحيح، فيما أن المثبت علمياً أن مخاطرهما محدقة بالإنسان، وأن الإدمان هو قاسم مشترك يؤدي إلى عدم مفارقة السجائر بصفة عامة، وأن المراد من كل هذا هو إنعاش سوق التدخين بكل أنواعه.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد