في أحدث مفاجآت الأزمة الخليجية، كشفت رسائل إلكترونية مسربة من بريد السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، أن بلاده كانت المنافس الأول لقطر لاستضافة سفارة حركة طالبان في العام 2013، الأمر الذي عادت أبو ظبي مؤخراً لتنال به من الدوحة، مستشهدة على ما تصفه بـ"دعم قطر للإرهاب".
صحيفة نيويورك تايمز الأميركية كشفت في تقرير لها، الإثنين 31 يوليو/تموز 2017، النقابَ عن أن العتيبة، قد تلقَّى "مكالمةً هاتفيةً غاضبة" من وزير الخارجية، يشكو أن طالبان استقرت بها الأمور في قطر وليس الإمارات، وفقاً للرسائل الإلكترونيةِ المُسرَّبة.
بين "صاحب السمو".. و"صاحب القرار"
على مدار عطلة نهاية الأسبوع، حصلت الصحيفة الأميركية على رسالة بريدٍ إلكتروني مُؤرَّخة بتاريخ، 12 سبتمبر/أيلول 2011، تساءل فيها دبلوماسي إماراتي عن موقف الولايات المتحدة بشأن المكان الذي يجب أن تكون فيه سفارة طالبان.
وكتب الدبلوماسي محمد محمود الخاجة، إلى جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى آنذاك: "ثمة مقال في صحيفة التايمز اللندنية يذكر أنَّ الولايات المتحدة تدعم إقامة سفارةٍ لطالبان في الدوحة".
واستخدم الدبلوماسي الإماراتي تعبير "صاحب السمو" للإشارة إلى رئيسه، وزير الخارجية عبد الله بن زايد، قائلاً "يقول صاحب السمو إنَّه كان لدينا انطباع بأنَّ أبوظبي هي خياركم الأول وهذا ما قِيل لنا" من قِبل مبعوث الأمم المتحدة إلى أفغانستان.
وفي رسالة بريدٍ إلكتروني منفصلة، بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني 2012، كتب السفير العتيبة نفسه لمسؤولٍ أميركي آخر بشأن شكاوى مماثلة من وزير الخارجية عبد الله بن زايد.
فكتب العتيبة: "تلقيتُ مكالمةً غاضبة من عبد الله بن زايد، يقول فيها كيف يمكن ألا نُبلَّغ بالأمر. يريد هؤلاء الرجال أن يكونوا جزءاً من كل شيء"، مشيراً بذلك إلى القطريين. وأضاف: "دعهم إذن، سينقلب هذا عليهم في نهاية المطاف".
ويبدو أن "توعُّد" الدوحة بأن الأمر سينقلب عليها، لم يكن بعيداً عن الأزمة الخليجية المستمرة منذ شهرين. وكانت الإمارات والسعودية والبحرين ومصر قد قطعت العلاقات التجارية والدبلوماسية، يونيو/حزيران الماضي، مع قطر، بناء على ما يزعمون أنه دعم "للإرهاب". وهو ما نفته الدوحة.
فرسا رهان
رفض المتحدث باسم الخارجية الأميركية وممثلوا السفارة الإماراتية التعليق على الرسائل المسربة، غير أن ثلاثة مسؤولين أميركيين سابقين أكَّدوا أنَّ الإمارات قد سعت بالفعل في بداية الأمر لاستضافة سفارة طالبان.
وأوضحوا أنَّ قطر وافقت على استضافة سفارة طالبان كجزءٍ من جهودٍ أوسع تقودها الولايات المتحدة لتسهيل محادثات السلام في أفغانستان، وليس بسبب أي دعمٍ لحركة طالبان أو أيديولوجيتها (وكان افتتاح مكتب لحركة حماس الفلسطينية المسلحة في قطر قد جرى هو الآخر بموافقةٍ أميركية).
وقال المسؤولون السابقون الأميركيون، مستذكرين المفاوضات بشأن تحديد موقع سفارة طالبان، إنَّ كلاً من الإمارات وقطر، كانتا كفرسي رهان يتنافسان لتوسيع مكانتهما كفاعلٍ في الشؤون الدولية، ولم يرغب أيٌّ منهما أن يحظى منافسه بفرصة استضافة محادثات السلام.
لكن بمجرد اتخاذ القرار بشأن إقامة السفارة في الدوحة، انقلب الوضع، وأصبحت "تهمة"، بحسب الإمارات، التي راح سفيرها العتيبة يستشهد بالأمر مِراراً ضمن قائمة مؤاخذات بلاده على قطر.
وقال العتيبة في مقابلةٍ، الأسبوع الماضي، مع المذيع تشارلي روز: "لا أعتقد أنَّه من قبيل المصادفة أنَّ يكون لديك في الدوحة قيادة حماس، وسفارة طالبان، وقيادة الإخوان المسلمين".