اندلعت أعمال عنف دامية، أمس الأحد 30 يوليو/تموز 2017، في فنزويلا أدّت إلى سقوط عدد من القتلى، في يوم انتخابات الجمعية التأسيسية التي دفع الرئيس نيكولاس مادورو باتّجاه إجرائها رغم رفض المعارضة الفنزويليّة لها.
ووسط توتّر شديد يسود هذا البلد الذي أصبح على شفير انهيار اقتصادي، دعي الناخبون الأحد إلى اختيار مندوبيهم للجمعيّة التأسيسيّة في اقتراع انتقدته واشنطن على لسان السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي معتبرةً إياه "خطوة نحو الدكتاتورية".
وتعهدت الولايات المتحدة "بإجراءات قوية وسريعة ضد مهندسي الاستبداد" ردا على ما وصفتها بالانتخابات المشينة لاختيار جمعية تأسيسية في فنزيلا بقيادة الرئيس اليساري نيكولاس مادورو
وقالت هايلي على تويتر إنّ "انتخابات مادورو الصورية هي خطوة أخرى نحو الدكتاتورية". وأضافت "لن نقبل بأيّ حكومة غير شرعية. الشعب الفنزويلي والديمقراطية سينتصران".
وقُتل الأحد مرشح للجمعية التأسيسية بالرصاص. وأوضحت النيابة العامة الفنزويلية أنّ "مجموعة اقتحمت" منزل المرشح للجمعية التأسيسية المحامي خوسيه فيليكس بينيدا (39 عاماً) في سيوداد بوليفار في جنوب شرق البلاد و"أطلقت عليه النار مراراً"، من دون أن تذكر دوافع الجريمة.
والمرشح هو الثاني الذي يُقتل. ففي العاشر من يوليو/تموز، قُتل خوسيه لويس ريفاس خلال حملته الانتخابية في مدينة ماراكاي (وسط شمال).
وشهدت أنحاء عدة من فنزويلا أعمال عنف في يوم انتخابات الجمعية التأسيسية. فقد قُتل 3 أشخاص (28 و39 و43 عاماً) بالرصاص الأحد خلال تظاهرات مناهضة للجمعية التأسيسية، في ولايتي ميريدا (غرب) وباركيسيميتو (غرب)، وفق ما أفادت النيابة.
وفي وقت لاحق قالت النيابة إنّ الجندي رونالد راميريز قُتل بطلق ناري في وجنته اليسرى، خلال تظاهرة مناهضة للجمعية التأسيسية في ولاية تاتشيرا (غرب) الحدودية مع كولومبيا.
كما قُتل في تاتشيرا قاصران يبلغان من العمر 13 و17 عاماً بالرصاص الأحد خلال تظاهرة مناهضة للجمعية التأسيسية، وفق النيابة.
ومنذ نيسان/أبريل، أدّت مواجهات خلال تظاهرات مناهضة للحكومة إلى سقوط زهاء 120 قتيلاً وآلاف الجرحى.
وكانت عملية الاقتراع بدأت الساعة 6:00 (10:00 ت غ) لانتخاب 545 عضواً في الجمعية التأسيسية. وكان مادورو الناخب الأول عندما أدلى بصوته في أحد المراكز غرب العاصمة كاراكاس، برفقة زوجته سيليا فلوريس وعدد من القادة.
وصرّح مادورو من مركز الاقتراع "أنا الناخب الأول في البلاد. أطلب من الله أن يبارك فنزويلا كي يتمكن الشعب من ممارسة حقه الديمقراطي بحرّية"، معتبراً أنّ "الإمبراطور دونالد ترامب أراد منع الشعب الفنزويلي من ممارسة حقه في الاقتراع".
وفي وقت باكر صباح الأحد، عمدت قوات الأمن التي تراقب مراكز الاقتراع إلى طرد معارضين كانوا يقطعون طرقاً في غرب العاصمة.
"سلطة استثنائية"
قاطعت المعارضة هذه الانتخابات ولم ترشّح أحداً من صفوفها. وقد دعت إلى تجمع كبير في كراكاس وإلى إقامة عوائق في كل أنحاء البلاد رغم أن الحكومة توعدت بفرض عقوبة تصل إلى السجن عشرة أعوام على كل من يعرقل العملية الانتخابية.
ويتمتع معارضو مادورو بغالبية في البرلمان ويعتبرون الجمعية التأسيسية وسيلة لجأ إليها الرئيس للتمسك بالسلطة والالتفاف على البرلمان المنتخب وتجنب انتخابات رئاسية مقررة نهاية 2018.
من جهتها، تؤكد الحكومة أن الجمعية المقبلة التي لم تحدد ولايتها ستكون "سلطة استثنائية" قادرة على حل البرلمان وسترسي السلام في البلاد وتتيح لها النهوض اقتصادياً من جديد.
واعتبر النائب فريدي غيفارا باسم تحالف "طاولة الوحدة الديمقراطية" المعارض أن "هذا التزوير الدستوري والانتخابي هو أخطر خطأ تاريخي ارتكبه مادورو".
ويحظى مادورو وجمعيته التأسيسية بتأييد السلطات القضائية والعسكرية. لكن مركز داتاناليسيس لاستطلاعات الرأي أفاد أن أكثر من ثمانين في المئة من الفنزويليين يرفضون حكمه للبلاد و72 في المئة مشروع الجمعية التأسيسية.
وكان المجلس الوطني الانتخابي أكّد في وقت سابق أنّ الجيش عمِلَ على ضمان حسن سير عملية الاقتراع وسمح للناخبين بالإدلاء بأصواتهم في أي مكتب اقتراع في منطقتهم، بسبب "تهديدات المعارضة".
ورأى المحلل بنينيو ألاركون أن الحكومة تسعى إلى تجنب الإقبال الضعيف على صناديق الاقتراع، بعد أن ضمن تحالف "طاولة الوحدة الديمقراطية" معارضة 7,6 ملايين صوت لمشروع مادورو، خلال استفتاء رمزي نظمه قبل أسبوعين.
ونددت المدّعية العامة لويزا أورتيغا، التي سبق أن أيدت الرئيس السابق هوغو تشافيز الذي حكم من 1999 حتى وفاته عام 2013 وورثه مادورو، بالتعرض للنظام الدستوري داعية إلى رفض الجمعية التأسيسية الجديدة.
وعبر إصراره على مشروع الجمعية التأسيسية، يتجاهل مادورو موقف الولايات المتحدة التي تستورد 800 ألف من 1,9 مليون برميل من النفط تنتجها فنزويلا يومياً، إضافة إلى مواقف دول عدة في أميركا اللاتينية وأوروبا.
وفرضت واشنطن عقوبات على 13 موظفاً وعسكرياً قريبين من الرئيس الفنزويلي بتهمة التعرض للديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان والفساد.
وأعلنت كولومبيا وباناما أنهما لن تعترفا بالجمعية التأسيسية فيما هددت واشنطن بعقوبات أخرى.