سوف أخبركم بأمر حقيقي كحقيقة تتابع الليل والنهار: إن السنوات القليلة الأولى من الأبوة، التي لا يحذرك أحد منها حقَّ التحذير، لا جِدالَ في أنها تشمل التعامل مع أيام لا نهاية لها من الأطفال المرضى الذين تنتشر جراثيمهم في جميع أنحاء الأسرة بأكملها، مما يعرقل شؤونَ الجميع، ويمكن للوالدين الجدد أن يجدوا أنفسهم منهَكين مع القلق والحرمان من النوم.
فبمجرد أن يبلغ الطفل من العمر ما يكفي لحضور مجموعات اللعب، تبدأ مخاوف القلق على صحة الأطفال في أماكن التجمع الأخرى التي يلتقي الأطفال فيها عادةً، ويبدو أن جميع أنواع الالتهابات تنتظرهم لتنقضّ عليهم، ويمكن لِـحِسّ النظافة الموجود لدى الأبوَين، ولو بقدر ضئيل، أن يُجنِّب الأطفالَ نوبة المرض في وقت أو آخر.
والسؤال هو: كيف يمكنك التعامل مع الأمر، عندما يكون طفلك مريضاً، وتكون أنت في حيرة بين طفلك وعملك، وما أن تشعر بأن طفلك يتعافَى، إلّا وتجد أنه يدخل في مرض شديد العدوَى؟
باعتباري مدرباً للتوازن الوظيفي والحياة العملية، فإنني تردني غالباً أسئلة من هذا النوع من قِبَل الآباء الجدد، وهم يشعرون بالأسى حول كيفية التوفيق بين العمل والأطفال المرضى، عندما يعانون من مرض شديد العدوى يصعب الشفاء منه، وليست الإجابة عن ذلك سهلة بالطبع.
غالباً ما أجد الآباء والأمهات "ذوي الخبرة" ممن كانوا عايشوا أمراً كهذا، يتقدمون بحُسن نيةٍ ويقولون كلمات تبعث على الطمأنينة مثل "لا تقلقوا، إنما هو لتقوية مناعة الطفل، وهذا جيد لهم".
جميعُها نصائح جيدة وحسنة، ولكنها مزعجة بصراحة عندما لا تكون قد نمتَ في أسبوعك كله سوى 3 أو 4 ساعات فقط، وكنت تدفع مقابلَ الرعاية الصحية للأطفال التي لا يمكنك حتى استخدامها، والأسوأ من ذلك، أنك قد تجد نفسك تدفع للحصول على مزيد من الرعاية عندما تُضطر إلى توظيف أحدٍ للمساعدة الإضافية للحفاظ على المنزل وإبقاء وتيرة العمل في محل عملك لهذا الأسبوع.
"اعلمْ أنك لست وحدك، فهناك الملايين من الآباء والأمهات في جميع أنحاء العالم يتعاملون مع الأطفال المرضى ويحاولون إدارة أعمالهم".
فالحقيقة التي لا مناصَ منها هي أن الأطفال يمرضون، ومن المرجح أن مرضهم ذاك سينتشر، ومن المرجح أن تجد نفسك في حاجة إلى توفير بعض الوقت لرعايتهم، وسوف تحتاج إلى أن تحصل على إجازة لرعاية الأسرة، وسوف تجد صعوبة في إدارة متطلبات العمل والأسرة خلال هذا الوقت، هذه هي الحياة، يا للأسف.
والخبر السار هو أن هناك أشياء يمكنك التحكم فيها، مثل الطريقة التي تختارها للاستجابة للأزمة المرَضية عندما يطرق المرضُ أبوابكم.
وطريقة استجابتك للأمر يمكن أن تعني معرفة الفرق بين الشعور بالهستيريا والفوضى وبين تقبُّل الأمر ومعالجته.
توقع أن البدء بأي شكل من أشكال رعاية الطفل من المرجح أن يعني أن طفلك سوف يتعرض لشكل ما من أشكال المرض.
إذا كان بإمكانك أن تخفف على الطفل، فإنه يمكنك أن تساعده وتساعد نفسك بإعطاء مهلة من الجراثيم ووقتاً للتعافي.
في تجرِبتي الخاصة مع أطفالي وجدت أنه على الرغم من أن ابنتي حضرت في أحد المراكز ليومين فقط في الأسبوع؛ إلا أنها استطاعت أن تتحكم في صحتها وتكون على ما يرام، لكنها عاودتْ مرة أخرى وأصيبت بالمرض؛ لذا، فإن قلة تعريض الأطفال للرعاية الصحية ليس جيداً دائماً.
أما أماكن العمل فهي أكثر مرونة الآن مما كانت عليه قبل 20 عاماً؛ فيمكنك ممارسة خيار العمل بمرونة من المنزل في الأسبوع الذي تكون فيه أنت أو أحدُ أطفالك على غير ما يرام، إنْ كان هذا خياراً متاحاً وكنت تريد ذلك.
وعندما تبدأ العمل مرة أخرى، فاشرح لهم أنك تتوقع، في مرحلة أو أخرى، أنك قد تكون مشغولَ البال بين عملك وطفلك المريض أثناء انتقالهم للرعاية، اتفق معهم على خطة تقريبية لكيفية التعامل مع هذه الحالات إذا كان ذلك يعني أنك من المرجح أن تكون متغيباً عن العمل لأكثر من يوم أو اثنين، على الأقل في السنوات الأولى حتى يتكيف طفلك على عالم الجراثيم.
ومهما فعلت، اقضِ من الوقت ما تحتاجه في تعافي صحتك وصحة عائلتك بشكل جيد، فالواقع يثبت أنه لا أحد في العمل يريد منك أن تجلب إليهم مرضاً شديدَ العَدوى.
اقبلْ عروض المساعدة من الأصدقاء وزملاء العمل – ما الشيء الواجب التركيز عليه عندما يُحتمل أن يتأخر شفاؤك؟
وافق على طرح خطة مع شريك حياتك لكيفية إدارة "الأيام المرَضية"، كنتُ أنا وزوجي نتناوب لرعاية أطفالنا عندما يكونون مرضَى، أو إذا كان أحد منا مشغولاً في يوم ما أكثر من الآخر، فكنا نتفاوض على مَن يقدر على القيام بالأمر بسهولة أكبر في يوم رعاية الأطفال.
اعلمْ أنك لست وحدك، فهناك الملايين من الآباء والأمهات في جميع أنحاء العالم يتعاملون مع الأطفال المرضى ويحاولون إدارة أعمالهم، ارفق بنفسك واجعل صحتك وصحة أسرتك في مقدمة أولوياتك، وعلى كل حال، إذا كنت تريد أن تعطي 100 في المائة من وقتك واهتمامك لأطفالك وعملك، فأنت بحاجة إلى أن تكون أنت "صحيحاً معافى"، ولديك طاقة لكي تعطيهم منها.
في تجربتي الشخصية، بمجرد أن تقلّ نوبات مرض الأطفال في المدرسة، فإنني أدرك أنّ بناء الحصانة والمناعة لدى الأطفال في وقت مبكر أصبح يؤتي أُكُلَه!
– هذا الموضوع مترجم عن النسخة الأسترالية لـ "هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.