يفرُّون من جحيم الحرب الطاحنة.. يضحون بالحياة بحثاً عن الحياة.. ففي طريق النزوح القاسي يواجهون عشرات الأخطار، التي تبدأ بمحاولة تنظيم داعش منعهم الخروج من المدينة، ولا تنتهي بابتزاز المهربين لهم والمبالغة الطائلة التي يدفعونها أملاً في النجاة.
"سجاد مالك"، ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا، أشار إلى المدنيين الذين يفرون من الرقة السورية يتملكهم الرعب بعد أن تقطعت أوصال أسرهم وتدهورت سبل حياتهم مع احتدام المعركة التي تستهدف طرد تنظيم داعش.
وأضاف، بعد أن زار عدة مخيمات للنازحين بشمال شرقي سوريا، أن السكان يفرون وهم يعانون "الضعف والعطش ويتملَّكهم الخوف"، لافتاً إلى أن القتال منذ أواخر العام الماضي 2016 تسبب في تشريد أكثر من 240 ألف شخص بمحافظة الرقة، أغلبهم في الأسابيع القليلة الماضية فقط.
وأوضح قائلاً: "يعانون صدمة بفعل ما رأوا. جثث في كل المنطقة. في بعض الأحياء الأشد دماراً لا تزال الجثث متناثرة بالشوارع وتحت الأنقاض حتى تتعفن في الحر!".
ويقاتل تحالف يضم فصائل كردية وعربية التنظيم تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة. ودخلت القوات الرقة في يونيو/ حزيران الماضي، بدعم ضربات جوية وقوات خاصة من التحالف الذي تقوده أميركا، وذلك بعد شهور من الزحف على المدينة.
ومنح التقدم الأخير على امتداد نهر الفرات، المتاخم للمدينة من الجنوب، قوات سوريا الديمقراطية فرصة لتطويق تنظيم داعش داخل الرقة.
وقال مالك: "بعض المناطق لم يعد لديها حتى مياه شرب كافية"، وذلك بعد عجز السكان عن الوصول للنهر.
وأضاف أن التقديرات تشير إلى بقاء ما بين 30 و50 ألف شخص تحت الحصار داخل الرقة، مضيفاً أن التنظيم يجبر السكان على البقاء.
وقال شهود إن عناصر التنظيم يطلقون النار على من يحاولون الفرار، بحسب وكالة رويترز للأنباء.
وذكر مالك أن "من يخرجون الآن يدفعون مبالغ ضخمة، وهي كل مدخراتهم، للمهربين؛ لمساعدتهم على الخروج. لقد تركوا أفراد عائلاتهم في المدينة"، ولا يملك كثير منهم المال الكافي، ومنهم من يعجز عن نقل آبائهم المسنين وأقارب لهم يعانون أمراضاً.
وقال مالك: "هناك حرب حالياً للقضاء على (داعش)، لكن في (خضم) العملية ينبغي أن نحاول حمايتهم (المدنيين)"، مشدداً على أهمية توفير ممر آمن للخروج.
وأوضح أنه حتى لو "انتهت العمليات العسكرية" في الرقة، فسيعاني الناس أزمةً إنسانيةً وصدمات، مضيفاً أن الكثير من الأطفال تنتابهم حالياً نوبات خوف من أصوات الطائرات، لافتاً: "سيستغرق ذلك وقتاً أطول كثيراً… حتى يعودوا إلى طبيعتهم".