“الجندي حامل السكين” يكشف ما يفعله حلفاء أميركا في سوريا.. فبماذا ردَّت واشنطن؟ (فيديو)

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/12 الساعة 03:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/12 الساعة 03:28 بتوقيت غرينتش

كان الجندي ممسكاً بالسكين حين توقفت الكاميرا، لكن مقطع الفيديو حمل قدراً مريعاً من الفظاعة، فقد أظهر جنديين يرتديان زي ما يعرف بـ"وحدات حماية الشعب – YPG"، الحليفة للولايات المتحدة الأميركية في سوريا، يركلان بأقدامهما شابين عربيين بعد أن أمسكا بهما قرب الرقة.

يظهر الأسيران ممددين أرضاً، أحدهما أسفل كرسي خشبي انحشر ظهره بين أرجله، فيما يجلس عليه الجندي مستجوباً: "أخبرني عن مكان مقاتلي داعش. أخبرني"، فيجيبه الأسير: "أقسم أني لا أعرف. حتى لو قتلتني لن أقول لأني لا أعرف"، أما الجندي الآخر فقد كان يطأ ظهر الأسير الثاني في عنف.

ويرتدي الأسيران في الفيديو الزي التقليدي في المنطقة (الجلابية)، بعكس القمصان الفضفاضة والبنطلونات العريضة التي اشتهر بها مسلحو داعش، في الرقة.

ويتحدث الجنديان، اللذان يظهران مسلحين بالقنابل والسكاكين والرشاشات، اللغة العربية بلهجة بدوية، ما يدل على أنهما منتسبان أو متطوعان في جيش "وحدات حماية الشعب- YPG" ذي القيادة الكردية.

ويثير هذا المقطع العديد من التساؤلات، لكن لا شك في أنه حقيقي غير مفبرك، حيث أقرت السلطات الكردية شمالي سوريا بوقوع هذه الحادثة، أما التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة فقال إنه يجري تحقيقاته فيها.

كيف أسروهما؟!


لعل أحد أبرز الأسئلة التي يطرحها هذا الفيديو الذي نشرته قناة إخبارية تركية، في أواخر يونيو/حزيران 2017، قائلة إنه التُقط قبل ذلك بنحو شهر في منطقة المنصورة غربي الرقة، هو كيف وقع هذان الأسيران في أيدي مقاتلي وحدات حماية الشعب؟!

فعملية الرقة التي تحت القيادة الأميركية قوامُها "قوات سوريا الديمقراطية- SDF"، التي هي خليط من قوتين عربية وكردية تحت قيادة ضباط أكراد، حيث تشكلت بإيعازٍ من الجيش الأميركي أواخر العام 2015؛ بهدف تمييزها وفصلها عن قوات الـYPG المرتبطة بحزب العمال الكردستاني المدرج على لوائح الإرهاب الأميركية والأوروبية والتركية.

لكن مقطع الفيديو يشير إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية SDF" و"وحدات حماية الشعب الكردية YPG" تعملان جنباً إلى جنب، ومن الجائز أن تكون الأولى قد أسرت الرجلين ثم سلمتهما إلى "وحدات حماية الشعب"، ولكن من الممكن أيضاً أن تكون قوات حماية الشعب تنفذ عملياتها بنفسها، ولا سبيل لمعرفة المزيد عن دور وحدات حماية الشعب في عملية الرقة لأن الجيش الأميركي رفض إلحاق صحفيين بقواته البرية المشاركة في العملية.

والواقع أننا نجهل الكثير عن عملية الرقة برمتها، ذلك لأن الجيش الأميركي رفض التعليق على أنباء الإصابات المدنية والخسائر التي لحقت بالممتلكات المدنية والمساجد والمخابز والأسواق. الظاهر كما يبدو هو أن قوات سوريا الديمقراطية SDF قد طردت قوات تنظيم داعش من أحياء كثيرة بمدينة الرقة، لكن هذا لا يعني أن المعركة انتهت.

أما على الجهة الجنوبية من سوريا، فقد شهدت المنطقة وقفاً للقتال، يوم الأحد 9 يوليو/تموز الجاري، الذي كان أول أيام الهدنة التي اتفق عليها الرئيسان الأميركي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، وسط الضجة الإعلامية التي رافقت محادثات هامبورغ، بيد أن الجيش السوري الحكومي قصف عدة بلدات، يوم الإثنين 10 يوليو/تموز 2017، ما يشير إلى أنها ليست إلا هدنة عابرة في أحسن الأحوال.

إنه صحيح.. وهذه ردودهم


أما صحة المقطع المصور فقد أقرتها (هيئة قوات الحماية الذاتية HXP) التابعة للمنطقة الإدارية التي جرت فيها الحادثة، إقليم الجزيرة السوري، وذلك بعد أيام فقط من انتشار المقطع المصور حسبما أفادت به وكالة آرا الإخبارية التي تنقل أخبار المناطق السورية الشمالية الواقعة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب YPG. وتصف هذه الوكالة الإخبارية نفسها بأنها مستقلة.

وشجبت قوات الحماية الذاتية تلك الحادثة، قائلة إن المشهد المصور "غير مقبول أبداً ويناقض قيمنا وأُطُرنا الأخلاقية والإنسانية". وأضافت في إشارة للجنديين "نظراً لخرقهما القوانين والأعراف الدولية فستتم محاسبتهما على أفعالهما الفردية اللامسؤولة"، بحسب وكالة آرا الإخبارية.

لكن الوكالة الإخبارية أغفلت ما ذكرته قوات الحماية الذاتية في بيانها بخصوص تعذيب "أحد مرتزقة داعش بعد اعتقاله"، وليس واضحاً كيف توصلت هيئة قوات الحماية الذاتية إلى هذا الحكم، بأن كلا الأسيرين هما من "مرتزقة داعش"، وأن أحدهما فقط هو الذي تعرض للتعذيب!

أما عمر علوش، المتحدث باسم حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، الجناح المدني لوحدات الدفاع عن الشعب YPG، فقال إن خرق الأعراف الدولية "قد يكون مدفوعاً بالانتقام، إلا أن تلك الخروقات تظل أعمالاً فردية، وسوف يحاسب مرتكبوها حالما يتم التعرف على أسمائهم"، كما دعا علوش ما وصفه بـ"أي هيئة أو لجنة أو منظمة دولية موضوعية" للمجيء وفتح تحقيق بالأمر.

وكانت وحدات حماية الشعب YPG ترفض في الماضي نتائج التحقيقات الخارجية الأجنبية، التي تظهر تورط مجموعاتها بارتكاب خروقات لقوانين النزاع المسلح، منها تحقيق أجرته منظمة العفو الدولية أواخر 2015، وثَّقت فيه قيام وحدات حماية الشعب YPG بطرد جماعي للعرب من المناطق الخاضعة حالياً للسيطرة الكردية.

أما قوات التحالف الأميركي، التي تدعم القوات السورية الديمقراطية SDF بالعتاد والسلاح والخبراء الاستشاريين والدعم الجوي، فقد قالت من جهتها إنها أحالت "تلك المزاعم" إلى القاضي الاستشاري العسكري، وهو الفرع القضائي التابع للجيش، المنوط بالتحقيق بجرائم الحرب.

وفي رسالة إلكترونية إلى موقع الديلي بيست الأميركي، قال المتحدث باسم قوات التحالف في الرقة الكولونيل العقيد رايان ديلون: "إن التحالف لا يتغاضى عن أي خرق لقوانين النزاع المسلح، ويعمل جاهداً لتوفير تدريبات تضمن أن القوات الشريكة تعي وتفهم أن قوات القتال المحترفة مطالبة بالالتزام بهذه القوانين".

لكن السؤال هو إلى أي مدى سيطال التحقيق الدوائر والمسؤولين ذوي الرتب العليا، حيث لم تشر أي من البيانات والتصريحات الكردية ذات الصلة إلى وجود نية للتحقيق مع التسلسل الهرمي للقيادة الذي سمح -بل ولعله أعطى تفويضاً كذلك- بحادثة التعذيب.

كذلك ثمة تساؤل حول مقطع الفيديو نفسه، الذي يبدو أنه صُور باتفاق وموافقة جنديي قوات حماية الشعب YPG، المتورطين في التعذيب. ففي آخر لحظات المقطع المصور يظهر الجندي الثاني البعيد عن الكاميرا وهو يشير إلى ضرورة إطفاء الكاميرا وإيقافها، بينما يحطم الجندي الأول المقعد الخشبي على رأس الأسير الممدد مكبلاً.

ولكن ريثما أطفئت الكاميرا كان الجندي الأول متأهباً في وضعيته، ويحمل بيمناه سكيناً. ولم تصدر عن أحد إفادةٌ بما حدث بعد ذلك.

تحميل المزيد