القراءة ليست ممارسة بالية أو علامة وهن.. بل قلعة من قلاع المقاومة ووسيلة ناجعة لتحسين أوضاعنا خاصة في الوقت الراهن

أتذكر خلال مراحل مساري المدرسي، ظاهرة عدم تحمس العديد من الطلاب والأصدقاء، لتناول الكتب المنزلية في إطار مبادرة المدرسة التي تم تصميمها لتشجيع الطلاب على القراءة، من خلال حثهم على أخذ كتاب إلى المنزل كل أسبوعين من مكتبة المدرسة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/12 الساعة 04:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/12 الساعة 04:05 بتوقيت غرينتش

"يا أخي، لست معنياً بهذه الأمور الأكاديمية، هذه أشياء ليست لنا"، أو "هذه ليست أمور مجدية، يا صديقي"، عينة من الردود التي كثيراً ما أسمعها كلما تحدثت مع بعض أصدقائي والشباب داخل مجتمعي المحلي، عن أهمية قراءة الكتب والمقالات أو الصحف، يدور هذا النوع من التفكير وسط مجتمع الطبقة العاملة الذي يضم نسبة كبيرة من السكان من أصول إفريقية أو الأقليات العرقية الأخرى، مجتمع يواجه العديد من التحديات المشتركة بين مجتمعات الطبقة العاملة في جميع أنحاء البلاد، بدءاً من البطالة، والعمال ذوي الدخل الضعيف، وارتفاع مستويات التشرد على سبيل المثال لا الحصر.

أتذكر خلال مراحل مساري المدرسي، ظاهرة عدم تحمس العديد من الطلاب والأصدقاء، لتناول الكتب المنزلية في إطار مبادرة المدرسة التي تم تصميمها لتشجيع الطلاب على القراءة، من خلال حثهم على أخذ كتاب إلى المنزل كل أسبوعين من مكتبة المدرسة.

رغم أن القراءة بالنسبة للكثير منا، كانت من أجل متعة القراءة ذاتها، وهي المهمة التي حددناها لأنفسنا، لم يشاركنا البعض الآخر هذه المتعة، لم تكن لديهم تلك الرغبة الجارفة في القراءة وتعلم أفكار جديدة يمكن استخدامها لمواجهة صعوبة الوضع الراهن. كان هناك اعتقاد، اقتنعت به شخصياً لفترة من الزمن، مفاده أن القراءة ليست لأمثالنا، وأن القراءة هي ما يفعله المهووسون من الطبقة الوسطى، الذين تختلف حياتهم كثيراً عن حياتنا، ولو لمحك أصدقاؤك تقرأ كتاباً في وقت فراغك، وفي بعض المناسبات، لرأوا فيك الطالب الذي يذاكر كثيراً، واعتبروك غريب الأطوار بعض الشيء. ينظر بعض الفتيان الصغار على وجه الخصوص، إلى القراءة على أنها تفتقر إلى صفات الرجولة والإقدام، وهي نقطة سبق أن دعمها الباحثون.

بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن القراءة ليست لأمثالنا، لدي هذه الرسالة، إن القراءة تمثل شكلاً رئيسياً من أشكال المقاومة والتمكين للأفراد داخل المجتمعات المحرومة. إن قراءة الكتب لا تمكننا من فهم أفضل للمجتمعات من حولنا فحسب، بل تسلحنا بالأفكار والأدوات لتحدي الوضع الراهن، وتهيئنا للتصدي للفرضيات الكامنة وراء الكثير من الروايات الكاذبة التي نراها حالياً تهيمن على مجتمعاتنا، سواء كانت الأساطير حول القومية المتصاعدة التي تستهدف الأقليات أو ارتفاع معدلات التباين بين طبقات المجتمع القائمة على أساس الفرضية التي تعتبر أن هذا التباين نتيجة طبيعية، ولا يمكننا بالتالي من تغيير العالم نحو الأفضل دون فهم صحيح كيف وصلنا إلى وضعنا الحالي.

القراءة يمكن أن تكون تجربة تحويلية، وهي النقطة التي حرص مالكولم X على إبرازها وتوضيحها، لقد نمَى بداخله حب القراءة أثناء وجوده بالسجن، وقال بهذا الشأن أن "الناس لا يدركون كيف يمكن تغيير حياة الإنسان بأكملها من خلال كتاب واحد".

تشكل الكتب رصيداً ثميناً يمكننا استخدامه للدفاع عن مجتمعاتنا، وفي المرة القادمة التي تنزل فيها مجموعات من أتباع رابطة الدفاع EDL أو بريطانيا الأولى Britain First ، لتنظيم مسيراتها العنصرية في المناطق ذات أغلبية سكانية من المسلمين والمهاجرين، لترهيبهم براية سانت جورج، فبدلاً من الشعور بالغضب والسخط، فمن الأنجع تذكيرهم بأن سانت جورج نفسه كان مهاجراً، وُلد في ما هو الآن تركيا، مثل هذا التحول بمثابة عودة أقوى لرفع التحدي.

بالنسبة للكثيرين، لن تتحقق مهمة تنمية حب القراءة بشكل طبيعي، ولكن كما هو الحال بالنسبة لمعظم الأشياء ستكون البداية صعبة، وإذا بُذلت الجهود والصبر عليها، فإن الجائزة النهائية معتبرة وتستحق العناء من أجلها.

مجمل القول، لا يمكننا أن نتشارك الأفكار ونواجه الدعاية المغرضة إلا من خلال القراءة وتثقيف أنفسنا، سواء كان ذلك عن طريق كتب التاريخ أو الخيال، ويمكن للقراءة أن تشكل نوعاً من أنواع الهروب لأولئك منا الذين يحلمون بعالم أفضل، لكن الأهم من ذلك كله، يجب أن نقرأ لنثقف أنفسنا ونقاوم.

هذه التدوينة مترجمة عن النسخة البريطانية لهاف بوست. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد