المُعضلة الحقيقية

وللأسف، هذه الحالة التي هي منتشرة في كل أروقة الحياة، سواء بالعمل أو الحي الذي تسكنه ولربما مع جيرانك، تنغص عليك رغد الحياة وجمالها؛ لا بل وتعمل على إحباطك وتباطؤ حركتك؛ ومن ثم شلّ عزائمك في كل الاتجاهات، رغم أن ديننا دعا لمبادئ وقواعد تنظم سير حياتنا، وهذه المبادئ تتعارض، وبشكل مطلق، مع كل هذه الصفات التي يتحلى بها البعض، والتي تعمل في الوقت نفسه على ترسيخ أساليب حياة بعيدة كل البعد عن القيم الصحيحة التي يجب أن نكون عليها.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/10 الساعة 02:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/10 الساعة 02:44 بتوقيت غرينتش

أن علم الإدارة هو أحد العلوم الإنسانية الحديثة، والذي يُمكن تعريفه بمجموعة من القواعد والمبادئ العلمية التي تهتم بالاستخدام الأنسب والأمثل للموارد من قِبَل المؤسسات لتحقيق هدف المؤسسة بأقل وقت وجهد وتكلفة ممكنة.

إلا أنه -وللأسف- لم يوجد هذا الشيء لدى الكثير من مؤسساتنا بشكل عام، ولدينا في تنظيم أمورنا على وجه الخصوص، فمثلاً لو بحثنا مسألة الوقت لرأينا العجب العُجاب في هذا الجانب؛ من حيث عدم احترام الوقت والمواعيد، أي هنالك بشكل عام نوع من الإهدار للوقت الذي هو ركن رئيس في عملية التخطيط. هذا فضلاً عن إضاعة الجهد وتبديد الطاقات في أمور قد لا تكون ضمن المسار المُعد بهدف تحقيق النجاح.

أما مسألة التكلفة، فعلى الرغم من أن الدين وصّانا بعدم التبذير والإقساط والتعقل في عملية الإنفاق، فإن المسألة لدى الكثيرين تكون غير محسوبة؛ الأمر الذي ينعكس سلباً، خاصة على حياة ذي الدخل المتوسط؛ وهذا بالطبع على مستوى الفرد.

وأما على المستوى العام، فعدم التدقيق الحقيقي حول المصروفات وما يتبعها من موارد مالية، يُشكل خللاً تنتج عنه بالطبع بعض الإشكاليات التي لها صور كثيرة ومتنوعة على مستوى الدخل العام للدولة، والذي غالباً ما يُدخلها في دوامة الأزمات المالية التي تنعكس على حياة المواطنين.

والغريب في هذا الأمر أنه رغم وجود العديد من المؤسسات الرقابية والأجهزة القضائية المتخصصة في هذا المجال، فإن الوضع مستشرٍ بالنخر في عصب المؤسسات.

إذاً، نستطيع القول وبشكل بسيط، إن مسألة إهدار الوقت الذي يعتبر من الأسس والأركان المهمة في مسألة الإدارة السليمة- كفيلة وبنسب عالية بالإخفاق في تحقيق الهدف حسب ما هو مخطط.

وبالطبع، هذه الأهداف تكون مخططة ومرسومة ومُعدّة مسبقاً من قِبل المسؤولين، الذين هم أيضاً وبوجودهم في مواقع المسؤولية يُعتبرون بمثابة مفتاح كل مؤسسة وعنوانها الصحيح؛ ولعل تمكنهم وإعدادهم بالشكل الجيد يسهمان في تطور المؤسسة وتقدمها في خدمة المواطنين، خاصة إذا كان لديهم ما يكفي من كاريزما تمكنهم من القيادة بشكلها الحديث الذي يحقق النجاحات والتقدم للمؤسسة.

بشكل عام، معظم العلوم الإنسانية تشترط بعض الأسس والأركان المهمة لتحقيق نتائج تكون على قدر المستوى المطلوب منها، وعلم الإدارة لا يقل عن هذه العلوم؛ بل على العكس هو المنظم لها؛ لأن عملية إدارتها بالشكل الجيد كفيلة بوصولنا للهدف المنشود، فهي بالأصل وكل العلوم الأخرى بحاجة إلى إدارة حسنة.

كما أن معظم -إن لم يكن كل- أمور حياتنا بحاجة لتنظيم وترتيب وإدارة سليمة؛ حتى نستطيع إدارة دفة السفينة (سفينة الحياة) بما يتناسب وطموحاتنا وأحلامنا التي نخطط لها على الدوام من أجل تحقيقها.

والأهم من كل هذا، أننا هنا لسنا بصدد وضع قواعد ومبادئ وأسس علم الإدارة أو أي علم آخر، بقدر ما يهمنا معرفة الأسس البسيطة لنجاح عملنا، وحياتنا التي غالباً ما تصطدم بأناس عديمي الفائدة وفاقدي بُعد النظر في كل أمورهم.

وللأسف، هذه الحالة التي هي منتشرة في كل أروقة الحياة، سواء بالعمل أو الحي الذي تسكنه ولربما مع جيرانك، تنغص عليك رغد الحياة وجمالها؛ لا بل وتعمل على إحباطك وتباطؤ حركتك؛ ومن ثم شلّ عزائمك في كل الاتجاهات، رغم أن ديننا دعا لمبادئ وقواعد تنظم سير حياتنا، وهذه المبادئ تتعارض، وبشكل مطلق، مع كل هذه الصفات التي يتحلى بها البعض، والتي تعمل في الوقت نفسه على ترسيخ أساليب حياة بعيدة كل البعد عن القيم الصحيحة التي يجب أن نكون عليها.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد