النمسا تحشد قواتها لمنع دخول المهاجرين من إيطاليا.. هل يتجاهل الناتو استغاثة اللاجئين الغرقى؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/05 الساعة 08:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/05 الساعة 08:40 بتوقيت غرينتش

أعلنت السلطات النمساوية عن استعدادها لمنع المهاجرين من عبور حدودها مع إيطاليا، فيما حثَّت بروكسل باقي أوروبا على مساعدة السلطات الإيطالية لمواجهة توافد القادمين من شمال إفريقيا بصورة "غير مسبوقة".

وأعلن وزير الدفاع النمساوي هانز بيتر دوسكوزيل أنه تم إرسال أربع حاملات جنود مدرعة من طراز باندور إلى إقليم تيرول النمساوي المتاخم لإيطاليا، وأن هناك 750 من القوات على أهبة الاستعداد، حسبما ورد في تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

وقال دوسكوزيل متحدثاً إلى صحيفة كرونن زيتونغ، إنه لا غنى عن القوات عند ممر برينر في حالة استمرار وصول أعداد كبيرة من الأشخاص إلى إيطاليا.

وأخبر دوسكوزيل هذه الصحيفة اليومية الأكثر شعبية في النمسا، أنه سيتم إعادة استحداث ضوابط مراقبة الحدود على ممر جبال الألب قريباً، رغم أن مكتبه ذكر أنه لم يتم تحديد جدول زمني لتطبيق هذا الإجراء.

استدعاء للسفير


من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية الثلاثاء، 4 يوليو/تموز 2017، استدعاء سفير فيينا لدى روما، بعد تصريحات وزير الدفاع النمساوي حول احتمال نشر الجيش على الحدود لمنع تدفق المهاجرين.
وقالت الوزارة فى بيان لها "إثر تصريحات الحكومة النمساوية بخصوص نشر قوات الجيش" على الحدود بين البلدين "استدعى الأمين العام لوزارة الخارجية هذا الصباح السفير النمساوي في روما".

وتعد النمسا وإيطاليا جزءاً من منطقة شينغن مفتوحة الحدود بالاتحاد الأوروبي، حيث لا يتم فحص جوازات سفر عند الانتقال فيما بينها. وقد أعادت العديد من الدول تطبيق بعض ضوابط مراقبة الحدود بعد وفود نحو مليون لاجئ ومهاجر إلى أوروبا عام 2015.

وتعتبر الهجرة أحد الموضوعات التي تحظى باهتمام كبير في النمسا وإيطاليا، حيث تواجه الدولتان الانتخابات خلال العام الحالي 2017 في النمسا والقادم 2018 في إيطاليا.

عدد لا مثيل له


ومن المتوقع أن يعبر البحر المتوسط عدد لا مثيل له خلال عام 2017، حيث تزيد أعداد الوافدين عن نظيراتها في العام الماضي 2016 بنسبة 20%. فقد وفد 85 ألفاً و183 شخصاً منذ يناير/كانون الثاني 2017 إلى إيطاليا، مقارنة بـ71 ألفاً و279 وافداً خلال العام الماضي 2016، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة، بينما لقى 2150 شخصاً حتفهم غرقاً بالبحر المتوسط خلال هذا العام.

وأشار عمدة مدينة برينر فرانز كومباتشر، إلى أن المدينة لم تشهد وجود أي قوات بعد، إلا أن هناك مخاوف متنامية في أعقاب وصول أعداد غفيرة إلى جنوبي إيطاليا، خلال الفترة التي تسبق الانتخابات التشريعية المبكرة المزمع انعقادها في أكتوبر/تشرين الأول 2017.

وذكر كومباتشر "لا توجد مشكلة مع المهاجرين، فالأمر اختلف عن العام الماضي. يتوافد عدد قليل إلى هنا لأنهم يعلمون أن عبور الحدود أمر بالغ الصعوبة. وينجح البعض بالفعل في العبور، ولكنه ليس بالأمر اليسير".

"ومع ذلك، يشعر المواطنون بالقلق أيضاً لأنهم يرون أن السياسيين لا يفعلون شيئاً للسيطرة على الموقف"، وفقاً لتقرير الغارديان.

وذكر نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانز تيمرمانز، أن دعوة إيطاليا للتضامن معها مبررة للغاية.

وشجع المسؤول الأوروبي الدول الأخرى الأعضاء بالاتحاد الأوروبي على الوفاء بوعودها بإيواء اللاجئين في إيطاليا، بمقتضى برنامج الاتحاد الأوروبي لإعادة التوطين. "الأمر سيختلف تماماً إذا ما نفذت الدول الأعضاء ما تم الاتفاق عليه من قبل".

وأوضح أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا يعفي المملكة المتحدة من المشاركة في برنامج إعادة توطين اللاجئين الجديد، حيث أعلنت المفوضية عن خطة لاستقبال طالبي اللجوء من ليبيا ومصر وإثيوبيا والسودان في أوروبا.

وقال "ينبغي أن نفعل ذلك على المستوى الأوروبي، ومن المؤكد أن يتحقق التضامن بين كافة الدول الأعضاء، ومن بينها المملكة المتحدة".

وتظل تفاصيل الخطة غامضة، إلا أن الفكرة تماثل برنامج توطين اللاجئين السوريين في تركيا، وفقاً للغارديان.

وقد استقبلت الدول الأوروبية 16500 طالب لجوء سوري وافد من تركيا، وهي المبادرة التي دعمتها المملكة المتحدة. وقد تأخر تنفيذ برنامج مماثل يستهدف إعادة توطين 160 ألف لاجئ من المخيمات في إيطاليا واليونان، حيث رفضت بعض الدول الأوروبية المشاركة في التنفيذ.

وأبدى المسؤول التنفيذي بالاتحاد الأوروبي دعمه لخطط صياغة مدونة سلوك تحكم المنظمات غير الحكومية التي تتولى إنقاذ المهاجرين عن طريق البحر. وتود إيطاليا إخضاع المنظمات غير الحكومية التي تتولى عمليات البحث والإنقاذ بالبحر المتوسط لرقابة قوات حرس الحدود الإيطالية والليبية.

الأمم المتحدة تتهم الناتو


وصدَّق مسؤول الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء، 4 يوليو/تموز 2017، على فكرة مدونة السلوك، ودعا السلطات الإيطالية إلى التعاون مع المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني على صياغة تلك المدونة. ومع ذلك، لم تهتم هيئات الأمم المتحدة بتلك الخطط، ووجَّهت اتهامات إلى حلف الناتو وشركات الشحن التجاري، بتجاهل واجبات الإنقاذ البحري.

وذكر رئيس مكتب مفوضية شؤون اللاجئين في أوروبا فينسنت كوشيتل "كثيراً ما نرى شركات شحن تغلق نظام تحديد المواقع… كي لا تشارك في أي عمليات إنقاذ. ويحدث ذلك أيضاً بصفة يومية بالبحر المتوسط".

وأشار بلهجة حادة إلى فرقاطات حلف الناتو بالبحر المتوسط ضمن عملية Sea Guardian، التي تستهدف تعزيز الأمن في أعالي البحار ومحاربة الإرهاب.

"هلا أخبرتني كم عدد السفن التي تعمل ضمن منظومة عملية حلف الناتو Sea Guardian وتتولى المشاركة في عمليات الإنقاذ بالبحر المتوسط، على مدار العامين أو الأعوام الثلاثة الماضية؟ هل حدث ذلك؟ هل يمكننا وضع مدونة سلوك للسفن الحربية التي تُبحر بالمتوسط؟"

وذكر أوجينيو أمبروزي، مدير مكتب المنظمة الدولية للهجرة بأوروبا، أن أوروبا أوشكت على صياغة المدونة المقترحة. "ما مشكلة منظمات المجتمع المدني؟ كنت أتساءل حول نفس السؤال. لا أدري… أعرف أنها تشارك في عمليات الإنقاذ وأنا متأكد من ذلك".

"وتحظى الدول الأعضاء أيضاً بمدونة سلوك- تُعرف باسم القانون الأوروبي، الذي يتضمن واجبات والتزامات إبداء التضامن فعلياً وليس بالوعود فقط".

وذكر أن الاتحاد الأوروبي يهتم للغاية بأعداد الوافدين، ولا يبالي بأسباب قيام هؤلاء بالرحلة أو بكارثة 240 ألف نازح داخلي في ليبيا، اضطروا إلى هجر منازلهم بعد اندلاع الحرب الأهلية في البلاد.

وتعد الهجرة إحدى أكثر القضايا المثيرة للخلافات داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تواجه الدول طريقاً مسدوداً حول كيفية إصلاح قواعد اللجوء بالاتحاد. وفي غضون ذلك، اتهمت الدول الأعضاء المطلة على البحر المتوسط بعض جيرانها من جهة الشمال بعدم تقديم ما يكفي لمساعدتها في أزمتها الحالية.

بينما يرى بعض مسؤولي الاتحاد الأوروبي أن إيطاليا واليونان لم تقدما ما يكفي في الماضي، مشيرين إلى بطء إجراءات التعامل مع اللاجئين والمهاجرين.

وتدعو أحدث خطط بروكسل إلى أن تقوم إيطاليا بفتح المزيد من مراكز الإيواء، وزيادة أعداد العائدين إلى أوطانهم في حالة الإخفاق في التأهل للحصول على اللجوء. وسوف يقوم وزراء الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي بمناقشة تلك التدابير في تالين يوم الخميس.

علامات:
تحميل المزيد