ويكيبيديا المسرح الجديد للأزمة الخليجية.. “حرب” أطلقها مفتي مصر السابق بتزويره للتاريخ وحديثه عن “إمام الخوارج القطري”

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/02 الساعة 09:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/02 الساعة 09:12 بتوقيت غرينتش

يبدو أن الأزمة التي اندلعت بين قطر من جهة، والبحرين والسعودية والإمارات من جهة أخرى، لم تعد تظهر على وسائل الإعلام فقط، بل أيضاً انتقلت إلى التاريخ والكتب والموسوعات، حيث تعيش موسوعة ويكيبيديا المفتوحة على الإنترنت عملية تغيير لمعطياتها لصالح أطراف الأزمة خلال الأيام الأخيرة.

آخر تلك "الصراعات الإلكترونية" اندلعت حول أصل شخصية قطري بن الفجاءة، أحد أئمة الخوارج، بعد تصريحات غريبة لعلي جمعة، مفتي مصر الأسبق، قال فيها إن قطر سُميت بهذا الاسم نسبة للرجل "الذي ينتمي إليها"، وهو ما نفاه بعض المؤرخين، "وبأن نهاية تلك الدولة ستكون كنهاية الرجل، حيث قضى عليه رجل من الإمارات".

وتتيح الموسوعة إمكانية الحذف والإضافة لمستخدميها بسهولة.

ولم يكتف المفتي السابق بهذا القدر من خلط الصراع السياسي الحالي بين دول الحصار وقطر، بالتاريخ القديم، بل "تنبأ" بموعد القضاء على قطر عندما قال إن "الإمام قطري بن الفجاءة توفي في العام 79 هجرية وبعد ذلك بعامين تم القضاء على الخوارج تماماً وأمامنا عامان حتى نقضي على الخوارج الذين في قطر".

وتعرضت المعلومات المنشورة على ويكيبيديا حول بن الفجاءة للعديد من التعديلات ابتداءً 9 يونيو/حزيران حتى الأحد 2 يوليو/تموز 2017، أي أياماً قليلة بعد اندلاع الأزمة الخليجية، حيث تم حذف المعلومات التي كانت منذ ديسمبر/كانون الأول 2016 تؤكد أنه هو من تسمى باسم قطر، وليس العكس.

لكن أكبر التعديلات جاءت بعد انتشار الحديث الغريب لمفتي مصر السابق، الذي اتهمه البعض بـ"تأويل التاريخ وتزويره خدمة لأهداف سياسية"، حيث قال إن قطر "سميت بهذا الاسم نسبة إلى قطري بن الفجاءة".

ورداً على تلك التصريحات، قرر مجهول آخر بتاريخ 29 يونيو/حزيران 2017 تغيير المعلومات من جديد، فوضع أن "قطري ليس باسم له، ولكنه نسبة إلى موضع في مصر، وهو اسم بلد كان منه، فنسب إليه"، قبل أن يحذفها أحد محرري ويكيبيديا.

وفي تعديل آخر يبدو أنه جاء رداً على مفتي مصر، قال أحدهم إن إمام الخوارج قطري بن الفجاءة هو في الحقيقة يُكنى بذلك "نسبة إلى القطرانة في مصر".

وفي تعديل آخر بتاريخ 30 يونيو/حزيران، أضاف أحدهم جملة مثيرة تتماشى إلى حد ما مع الهدف من كلام علي جمعة، حيث كتب أن "قطري من رؤساء الأزارقة الخوارج وأبطالهم من أهل قطر". وتم تعديله بعد ساعات من ذلك مجدداً ووضع مكان قطر مصر، ثم الإمارات فأبو ظبي لاحقاً، فيما يبدو كأنه أخذ ورد أتباع جمعة ومعارضيه.

أما آخر التعديلات التي أدخلت على التعريف الذي أصبح ذا أبعاد سياسية، فهي عبارة تدور هي الأخرى ضمن نفس الصراع أيضاً، حيث وُضع عوضاً عن عبارة "وهو اسم بلد كان منه"، عبارة "وهو اسم بلد كان إليه ذاهباً"، في إشارة إلى أنه ليس قطرياً كما ادعى علي جمعة، قبل أن يتم تغييرها مرة أخرى.

وكان علي جمعة يجيب على سؤال في برنامج تلفزيوني حول "ما يحدث الآن من نشر شائعات وتشويش على الفكر من خلال وسائل الإعلام وبعض المثقفين"، حينما قال إنه كان هناك قديماً إمام للخوارج يدعى قطري بن الفجاءة، وقد كان فصيحاً، "وقد نُسبت قطر إلى ذلك الإمام بعد أن نزل بها".

وفي سياق هجومه على قطر ودفاعه عن الإمارات، أضاف أن المهلب بن أبي صفرة، الذي قاتل الخوارج، "كان من الإمارات".

وربط جمعة بين أحداث تاريخية والصراع الحالي بين دول الحصار وقطر، بقوله: "ما نراه الآن في التوقيت الحالي، كأنها جينات تتوارث عبر التاريخ الذي يُعيد نفسه".

رد


ورد مؤرخون على علي جمعة مفندين ما قاله عن ظهور الخوارج في قطر أو مشاركة الإماراتيين في قتالهم، كما زعم.

ووصف المؤرخ الكويتي المتخصص في التاريخ الإسلامي عبد العزيز العويد، المفتي السابق علي جمعة بـ"جاهل التاريخ"، مؤكداً أن "قطر عرفت بهذا الاسم قبل الإسلام، وتنسب لها الثياب والإبل القطرية".

وذكر العويد أن الاسم الحقيقي لقطري بن الفجاءة هو جعونة بن مازن التميمي، وقد ولد في عدان (بالكويت الآن)، ثم انتقل إلى قطر، ولقب بقطري".

وبخصوص المهلب بن أبي صفرة، الذي قاتل الخوارج، على حد قول جمعة قال العويد: "إن المهلب أزدي ولد في دبا عمان، وأصله يرجع إلى عمان".

وحذر العويد من "الذين يستخدمون الدين أو التاريخ" للتفريق بين الأوطان.

تحميل المزيد