معضلة العراق في تلعفر.. من يقود المعركة الكبرى القادمة ضد داعش بعد هزيمته الوشيكة في الموصل؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/01 الساعة 12:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/01 الساعة 12:57 بتوقيت غرينتش

يهدد نزاعٌ سياسي بتعقيد معركة العراق الكبرى التالية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في الوقت الذي يواجه فيه التنظيم هزيمةً وشيكة في الموصل. إذ يريد كلٌ من الجيش العراقي الذي تدعمه الولايات المتحدة والميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران قيادة المعركة.

أحاطت الميليشيات بمدينة تلعفر، التي تمثِّل قيمةً استراتيجية ورمزية لتنظيم داعش، في محاولةٍ لتضييق الخناق على خطوط الإمداد الخاصة بالتنظيم ما بين العراق وسوريا المجاورة له. وتتوق الميليشيات إلى الثأر من داعش الذي هزمها وسيطر على تلعفر عام 2014، بعد تنفيذ عمليات إعدامٍ جماعية للشيعة، وفق ما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

لكنَّ الحكومة العراقية صرَّحت بأنَّ الجيش سيكون مسؤولاً عن حملة تلعفر. ويحارب الجيش حالياً داعش في الموصل، وهي مدينة أكبر بكثير تبعد حوالي 75 ميلاً شرقاً. والمسلحون المتطرفون التابعون للتنظيم محاصرون حاليّاً في مدينة الموصل القديمة، ومن المتوقع أن ينهزموا هناك في غضون أسابيع.

وتلعفر هي مدينة عراقية تقع شمال غربي العراق، وتتبع إدارياً محافظة نينوى. يقدر عدد سكانها بنحو 205,000 نسمة حسب تقديرات عام 2014، يسكن مدينة تلعفر أغلبية من التركمان الشيعة، وتقع المدينة بالقرب من الحدود العراقية السورية وتبعد عن مدينة الموصل بحوالي 70 كم، وعن جنوب الحدود التركية بحوالي 38 ميلاً وعن الحدود السورية بحوالي 60 كم، بحسب ما ذكرت موسوعة ويكيبيديا.

وتتميز المدينة بأهميةٍ كبيرة نظراً لقربها من سوريا وتركيا. وتتخوف الولايات المتحدة وتركيا من أنَّ طهران تريد من الميليشيات الحليفة لها السيطرة على تلعفر لتأمين ممرٍ بري يُمكن لإيران من خلاله أن ترسل مسلحين وموارد من خلال العراق إلى سوريا، التي تُعتَبَر حليفةً لإيران منذ زمنٍ طويل، وإلى لبنان، حيث يوجد مقر تنظيم حزب الله الذي يؤدي دور الوكيل لإيران.

وقال جوزيف مارتن، قائد القوات البرية الأميركية في العراق، إنَّه يتوقع أن يقود الجيش العراقي المعركة في تلعفر، وأضاف أنَّ مستشاري الولايات المتحدة "سيكونون هناك معهم". وقال إنَّ الولايات المتحدة لن تتعاون مع الميليشيات الشيعية.

وهددت تركيا بإرسال قوَّاتها الخاصة إذا قادت ميليشيات الشيعة المعركة في تلعفر، والتي كانت سابقاً جزءاً من الإمبراطورية العثمانية والموطن التاريخي للعديد من التركمان الشيعة والسنة.

ويجري هذا التسابق للمشاركة في المعركة وسط حالة من التوتر المتزايد بين قوات الولايات المتحدة والقوات التي تدعمها إيران في سعيها لتعزيز حكم دمشق. وفي الأسابيع الأخيرة، أسقطت القوات الأميركية طائرةً حربية للنظام السوري، وطائرتين بدون طيار إيرانيتين بعد أن رأت الولايات المتحدة أنَّها تُمثِّل تهديداً على قوات الولايات المتحدة والمسلحين المتحالفين معها في الحملة ضد تنظيم داعش في سوريا، بحسب ما ذكر تقرير سابق لعربي بوست.

ويُقدِّر المسؤولون العراقيون عدد مسلحين تنظيم داعش الباقين في تلعفر بنحو 1000 إلى 1500 مسلح. واستخدم المتطرفون المدينة كمحطة ما بين الموصل والرقة، التي تُعَدُّ العاصمة الحقيقية لداعش في سوريا. وعددٌ قليل من قيادات تنظيم داعش هم من مواطني مدينة تلعفر، بينما أتى الآلاف من المسلحين الأجانب إلى المدينة للتدريب.

حصار منذ 6 أشهر

وتحاصر الميليشيات الشيعية تلعفر منذ نحو 6 أسابيع، وقد أضعف هذا الحصار مقاتلي التنظيم المتبقين هناك. كما كان لذلك الحصار وقعٌ شديد على المدنيين، الذين يعانون من نقصٍ في الغذاء والماء النظيف وفقاً لمسؤولٍ محلي، وفق ما قالت الصحيفة الأميركية.

ولم تُكلَّف بعد أي وحدة عسكرية نظامية عراقية بمهمة اقتحام المدينة، ويقول مسؤولون عراقيون إنَّ ذلك سيحدث قريباً بعد إعلان تحرير الموصل. وعمل الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش على تنسيق الضربات الجوية على تلعفر لحوالي 8 أشهر مع الجيش العراقي المتمركز خارج المدينة.

ويرجع وجود الميليشيات الشيعية حول مدينة تلعفر إلى تنازلٍ سياسي أجراه العبادي لإخراجهم من معركة الموصل ذات الأغلبية السنية، إذ كان ذلك سيزيد الفتنة الطائفية.

وتثير هذه الميليشيات الجدل. فمن ناحية، ساهمت بشكلٍ كبير في المساعدة على حماية بغداد في أثناء زحف تنظيم داعش عبر العراق في عام 2014، والذي شهد وقوع ثلث الدولة في أيدي المتطرفين. ولاحقاً ساعدت هذه الميليشيات في استعادة المدن الهامة مثل تكريت والفلوجة. ولكن وُجِّهت للميليشيات أيضاً اتهاماتٌ بقتل السُنَّة الذين يُشتبه بتعاطفهم مع تنظيم داعش، الجماعة ذات القيادة السُنِّية.

وقالت الميليشيات إنَّها عزلت المنتهكين، وأنَّ الميليشيات أصبحت أكثر انضباطاً. وتقول إنَّ تضحياتها في معركة حصار تلعفر تعطيها الحق في قيادة المعركة لاستعادة المدينة بنفسها.

وتعارض الولايات المتحدة هذا الاحتمال. فقد أشار مسؤولٌ أميركي رفيع إلى مسألة من سيسيطر على مدينة تلعفر بعد استعادتها من تنظيم داعش قائلاً: "لا نريد لميليشيات الشيعة أن تشغل هذا الفراغ"، بحسب ما ذكرت "وول ستريت جورنال".

ويقول المحاربون القبليون السُنَّة من تلعفر، والذين سلَّحهم ودرَّبهم المستشارون العسكريون الأميركيون في العام السابق، إنَّ ميليشيات الشيعة تهمِّشهم بالفعل، وتسيء معاملتهم في بعض الأحيان.

وقال فهد الزمو، قائد قبيلة سُنية تركمانية لديها 75 مقاتلاً مُسجَّلين للانضمام إلى معركة تلعفر: "إنَّهم يعتقدون أنَّ تلعفر شيعية، ويجب أن يحكمها الشيعة". كما قال إنَّ رجال الميليشيات الشيعية اعتقلوا 22 رجلاً من رجاله في الأسابيع الماضية، وأخضعوهم لتحقيقاتٍ قاسية.

وقال: "هذا ترهيب. إنَّهم لا يريدون أي جماعة سُنِّية مستقلة في المعركة".

كما يتخوف السُنَّة في المدينة من أنَّ الميليشيات ربما لا تسمح لهم بالعودة إلى تلعفر.

وقال على الحلي بيك، وهو قائد بارز لقبيلة سُنيِّة مُشاركة في المفاوضات الدائرة حول من سيتولى قيادة المعركة لاستعادة المدينة: "يريد جميع الأطراف السيطرة على مدينة تلعفر نظراً لمكانتها الاستراتيجية ولأهميتها، ولكن لا يريد أحدٌ منهم سكان تلعفر".

تحميل المزيد