شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجمات عنيفة جديدة على الإعلام المتربص بإدارته بعد سحب مقال من على موقع محطة "سي إن إن" واستقالة ثلاثة من كبار صحفييها.
وإثر ذلك، كثف ترامب هجومه على الإعلام، عدوه اللدود، فنشر خلال يومين ست تغريدات حمل فيها على "الأخبار الكاذبة" أو "وسائل الإعلام الكاذبة" مستغلاً فرصة سحب المقال المتعلق بالعلاقة المزعومة بين فريق ترامب وروسيا والذي قالت المحطة إن المعلومات الواردة فيه ليست بالضرورة خاطئة لكن الإسناد لم يكن كافياً.
وعدا عن "سي إن إن" التي سماها "إف إن إن" اختصاراً لاسم "شبكة الأخبار الكاذبة" (Fake News Network) أطلق ترامب الشتائم على أهدافه المفضلة المتمثلة في كبرى وسائل الإعلام الأميركية مثل "إن بي سي" و"سي بي إس" و"إي بي سي" وصولاً إلى "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست".
ويقول ستيفن ريز المحاضر في الصحافة في جامعة تكساس، إن هذه الحلقة تندرج في إطار استمرارية العلاقة الصدامية التي نشأت إبان الحملة الرئاسية.
وأضاف "كان لا بد أن يرتكب (الإعلام) خطأً، هذا أكيد"، ولا ينبغي برأيه التوقف عند حادث "سي إن إن".
ولكن غيره رأوا في هذه القضية دليلاً على تمادي الإعلام وتربصه بإدارة ترامب. إذ كتب مايكل غودوين، في مقال نشرته صحيفة "نيويورك بوست" المحافظة الثلاثاء 27 يونيو/حزيران 2017، إنه "خلال الأشهر الستة من رئاسة دونالد ترامب شهدنا وابلاً من الهجمات غير المسبوقة التي تشنها وسائل الإعلام. لقد ضُرب بمعايير (الصحافة) عرض الحائط في إطار الجنون المحموم الهادف إلى إسقاط الرئيس".
ولكن ريتشارد بنيديتو المحاضر في الجامعة الأميركية يوضح أنه باستثناء مقال "سي إن إن"، فإن الإعلام "لا ينشر أخباراً كاذبة" في تغطيته لأخبار إدارة ترامب، وإنما "يختارون ما ينشرونه وما لا ينشرونه، وعليه فهذا لا يعطي رؤية صحيحة لما يحدث بصورة يومية في البيت الأبيض".
توسيع قاعدة الجمهور
وتتعرض الصحافة الأميركية لانتقادات تقول إنها توجه تغطيتها بهدف تحسين عدد مشتركيها أو متتبعيها أو مشاهديها أو قرائها الذين ازدادوا منذ ظهور ترامب في المشهد السياسي الأميركي.
وتعزز ذلك أشرطة فيديو نشرها خلال الساعات الماضية موقع "بروجكت فيريتاس" الإلكتروني ويظهر أحدها منتجاً لدى "سي إن إن" صور بكاميرا خفية وهو يؤكد أن تخصيص المحطة مساحة كبيرة للعلاقات المفترضة بين فريق ترامب وروسيا "هو من أجل الجمهور المتابع. إنه يتعلق بالأعمال".
ويضيف المنتج جون بونيفيلد الذي يتحدث عن الكيل بمكيالين "أعتقد أن الكثير من مشاهدي سي إن إن اليساريين يريدون حقاً وضع ترامب تحت المجهر (…) لو فعلنا الأمر نفسه مع الرئيس أوباما (…) لما استساغ جمهورنا ذلك".
ويقول ستيفن ريز إنه "من الصعب الاختيار ما بين" المصالح الاقتصادية و"الأهداف المهنية" الصحافية البحتة.
ويضيف إن شبكات الأخبار "تتبع بعض الشيء مصلحتها التجارية (…) أما التايمز وواشنطن بوست فأعتقد أنهما تقومان ببساطة بعملهما".
ويتابع "هذا يمكن أن يساعدها بصورة غير مباشرة لأن الناس يدركون الحاجة لمصادر مشروعة للأخبار الموضوعية" بعد أن زاد عدد مشتركيها بمئات الآلاف، "ولكني لا أعتقد أن هذا هو هدفها الرئيسي".
ومقارنة مع تغطية أخبار إدارة أوباما التي استفادت خصوصاً من أن عدداً كبيراً من الصحافيين "كانوا بصورة عامة متفقين مع سياسته"، يقول ريتشادر بنيديتو إننا "نشهد العكس اليوم".
ويقول ستيفن ريز إن تصرفات ترامب توفر "مادة دسمة" للتغطية الإعلامية والتي "تنعكس سلباً على الإدارة ولا أعتقد أن عليهم (أي الصحافيين) أن يذهبوا بعيداً جداً لكي يكونوا عرضة لهجمات جديدة (…) ترامب يقوم بذلك من أجلهم".
لكنه يؤكد أن الحكومة تتحمل مسؤولية أكبر في وصول الوضع إلى ما هو عليه حالياً وليس الصحافة.
بيد أن المؤكد بالنسبة لكثير من المراقبين أن قضية "سي إن إن" والهجمات الجديدة لن تغير صورة الإعلام لدى الرأي العام. ويقول ريتشادر بنيديتو "هذا لن يحدث فرقاً كبيراً (…) فالجمهور منقسم ومشرذم" بين منتقدي ترامب وأنصاره.