كشف سفير الولايات المتحدة الأسبق في سوريا روبرت فورد، عن الأخطاء الخطيرة التي ارتكبتها واشنطن منذ بداية الأزمة في سوريا عام 2011، التي تسارعت فيها الأحداث وتحوّلت إلى حرب ما زالت مستعرة حتى يومنا هذا.
وخلال مقابلة له مع صحيفة الشرق الأوسط، رأى فورد أن النظام السوري وحلفاءه، بما في ذلك إيران، سيتمكنون من التغلب على جهود الولايات المتحدة لبسط النفوذ، وأن المقاتلين الأكراد قد يدفعون ثمناً لقاء انحيازهم لدونالد ترامب وإدارته.
وأضاف فورد، الذي خدم كمبعوث لسوريا تحت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما في الفترة ما بين 2011 و2014، أن "أوباما لم يترك لإدارة ترامب خيارات كثيرة لتحقيق هدفها" المتمثل في هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والحد من نفوذ إيران في المنطقة، وفق ما ذكرت مجلة نيوزويك الأميركية.
تساند إيران وروسيا بشار الأسد، ضد مختلف قوات المعارضة المسلحة التي تحاول الإطاحة به. فيما تساند الولايات المتحدة على الجانب الآخر قوات سوريا الديمقراطية، وهو تحالف غير نظامي مكون من الأكراد بشكل كبير، إضافة إلى العرب.
ويقول فورد إنه رغم النجاحات التي حققتها هذه القوات (سوريا الديمقراطية)، مؤخراً، في اقتحام الرقة، المعقل الرئيسي لداعش، إلا أن "اللعبة انتهت بالنسبة لخطط الولايات المتحدة للإطاحة بالأسد أو منافسة نجاح إيران في البلاد".
وتابع: "سيستمر تقدم الموقف الإيراني" متابعاً توقعاته حول خطوط المعركة في السنوات القادمة: حفاظ الأسد على معقله في الغرب، ودعم إيران للقوات الموالية للحكومة، والتي تنبأ بأنها ستتمكن من إجبار الولايات المتحدة على الانسحاب من شرقي سوريا في نهاية المطاف.
وأكد فورد للصحيفة: "لقد فاز الأسد. أعني أنه المنتصر، أو هذا ما يظنه"، مضيفاً أنه ليس من المرجح أن يواجه رئيس النظام السوري أي اتهامات متعلقة بارتكاب جرائم حرب من قبل الغرب "ربما في خلال 10 سنوات، سيتمكن من استعادة البلاد بأكملها".
وعن الأخطاء التي يرى أن واشنطن ارتكبتها إبان الأزمة، يتحدث فورد عن معارضته العميقة لقرار أوباما وهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية آنذاك، بالدعوة علناً لرحيل الأسد عن السلطة إثر التظاهرات الحاشدة التي خرجت مناهضة للنظام السوري.
ورأى فورد أن موافقة الولايات المتحدة على المعارضة السياسية، كانت ستشجع عناصر معينة لحمل السلاح ضد الحكومة، متوقعين أن تتدخل الولايات المتحدة لدعمهم عسكرياً مثلما حدث في العراق، وهو ما لم يعتقد أن الولايات المتحدة ستقوم به.
وحين قامت فصائل المعارضة، المدعومة من تركيا وبعض دول الخليج بشن عمليات ضد نظام بشار الأسد، قررت المخابرات المركزية الأميركية في نهاية المطاف القيام بتدريب بعض قوات المعارضة ومدّها بالعتاد.
إلا أنه مع ظهور هذا النهج السياسي بشكل كبير، تخلّت الولايات المتحدة عن دعمها عام 2014، فيما كانت روسيا وإيران تكرِّسان موارد ضخمة للدفاع عن الأسد، أكثر بكثير مما كانت واشنطن مستعدة لتكريسه من أجل المعارضة.
ومع تصاعد وجود الجهاديين في صفوف قوات المعارضة السورية، تحوَّل تركيز الولايات المتحدة إلى القضاء على داعش، وبدأت في دعم فصيل آخر، ألا وهو قوات سوريا الديمقراطية.
دعم العديد من الأكراد الثورة على الأسد في البداية، أملاً في أن تمنحهم فرصة لإقامة منطقة كردية مستقلة في شمالي سوريا، إلا أن قوات سوريا الديمقراطية، التي يغلب عليها الأكراد، وجدت نفسها في مواجهة داعش وجماعات المعارضة السورية.
وبالرغم من حياد قوات سوريا الديمقراطية في غالبية المعارك بين القوات الموالية والمناهضة للحكومة السورية، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والقوات الموالية للحكومة السورية، اللتين تجمعهما خطوط أمامية مشتركة بعدما انهارت داعش على جبهات عدة.
كما أن الاشتباكات الأخيرة بين قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية، قد تبعها قرارٌ أميركي غير مسبوق بإسقاط طائرة عسكرية سورية، زعمت الولايات المتحدة أنها كانت موجودة بالقرب من المواقع الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
إلا أن فورد يعتقد أن انحياز الأكراد للولايات المتحدة سيكون خطأً كبيراً، مضيفاً أن دعم واشنطن للأكراد سيختفي بعد هزيمة داعش في الرقة وغيرها، مثلما حدث عقب الغزو الأميركي للعراق.
واستطرد المبعوث السابق "لن تدافع الولايات المتحدة عن الأكراد في مواجهة قوات الأسد. ما نفعله مع الأكراد لا يتسم بالغباء السياسي فقط، بل باللاأخلاقية كذلك".
مضيفاً "أكراد سوريا يرتكبون خطأهم الأكبر بالثقة في الأميركيين".