ثنائية الخير والشر، تحكم الإنسان، إلى ما لا نهاية، وأي كلام خارج هذا الإطار، ما هو إلا لعب بالكلمات، وتحوير للنقاش لا أقل ولا أكثر.
حيث يحدث أن تكون تصرفاتك منطقية، عقلانية، لطيفة، شيئاً ما، مع شخص ما أو عدة أشخاص، لحظة ما تؤدي بالآخر، إلى إعطاء حكم قيمة عليك، بأنك شخص طيب، محب للخير، جيد، وغير ذلك من النعوت الإيجابية، التي تُصَوِّرُكَ على أساس أنك ملاك، طاهر، خرج للتوّ من الجنة؛ لِيَنْثُرَ حبه، وعطفه على الجميع، وما هي إلا نظرة أحادية الجانب، من زاوية واحدة وحيدة، لا يُمْكِنُ أن تكون صحيحة، مائة بالمائة، ولا مخطئة كذلك.
كما يمكن أن يحدث العكس تماماً؛ حيث يُصَوِّرُكَ شخص ما، بناء على تصرف ما، منك، لحظة ما، أنك شيطان رجيم، في صورة إنسان، نفس حُكْم القيمة، يُعطى، كسابقه، فقط، اختلاف الزوايا، اختلاف، الجانب المشمول بالحكم.
وأنت في الحقيقة، في كلتا الحالتين، لم تمارس إلا إنسانيتك، كما فطرتك عليها الطبيعة، احتمال الوجهين؛ ثنائية الخير والشر، التي لا يمكن فصل إحداها عن الأخرى.
جل أحكامنا، على تصرفات الأشخاص، هي أحكام قيمة، غالباً ما تكون مجانبة للصواب، في تَمَثُّلِنا، نحن للأشياء.
في علاقاتنا مع بعضنا البعض كأصدقاء، كأزواج، علاقاتنا الاجتماعية عامة، فإن ما يتم التركيز عليه فقط هو ردود الفعل، في أي نقاش ما، يتم معها تغييب مجموعة من الجوانب المهمة، التي تحدد بشكل أو بآخر طبيعة وشكل ذاك الفعل أو رده، وبناء على هذا يتم حَشْرُ ذلك الشخص، ذكراً كان أو أنثى، في خانة معلومة محددة، لن يغادرها البتة، شيطان/ملاك.
يحدث هذا؛ لأن معظم النقاشات تتم تحت لافتتين، معلومتين، مخزنتين في لا وعينا، شئنا أم أبينا:
– الأفكار الاستباقية أو ما يسمى بـ les arrières pensées.
– التجارب السابقة.
ثنائية الخير والشر طبعت، وتطبع، وستطبع الإنسان مهما جاهد في تغليب إحداها عن الأخرى، فما أجمل إذن أن نعود إلى طبيعتنا الأصلية، دون تزويق وتنميق، دون نفاق، دون سكيزوفرينيا، نتصرف على طبيعتنا، حينما تقتضي الظروف أن أصير ملاكاً، وأصير شيطاناً رجيماً حين يكون العكس، وتأخذ الحياة مجراها، وتعيش اللحظة إلى منتهاها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.