في نقد نقد العقل العربي (1): بداية الإعجاب، والإنقلاب

صدمة موجعة تلقاها طرابيشي في الرجل الذي يراه أفضل ممثل للعقل العربي. الجابري أنطق النص بغير مراده! أخذه من سياقه ووضعه في سياق آخر. الجابري أخذ حرف الكلام وترك معناه وقال إن إخوان الصفا يقولون أننا لا حاجة لنا إلى المنطق. الفارق معروف بين المنطق الفلسفي، الذي هو ضرورة لتحسين الفكر

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/17 الساعة 04:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/17 الساعة 04:14 بتوقيت غرينتش

ما لا تحتاج إلى منطق لكي تتفاهم فهي تتفاهم بالأنظار والروح ولا تحتاج إلى منطق …."

صدمة موجعة تلقاها طرابيشي في الرجل الذي يراه أفضل ممثل للعقل العربي. الجابري أنطق النص بغير مراده! أخذه من سياقه ووضعه في سياق آخر. الجابري أخذ حرف الكلام وترك معناه وقال إن إخوان الصفا يقولون أننا لا حاجة لنا إلى المنطق. الفارق معروف بين المنطق الفلسفي، الذي هو ضرورة لتحسين الفكر، والمنطق اللفظي الذي هو ضرورة لتحسين الكلام. ألا يدرك الجابري ذلك؟ بالطبع يدركه لكنه زوّر النص، ولا يتردد طرابيشي في استخدام لفظ تزوير، وأنطق الجابري المصدر بعكس منطوقه لأغراض سوف نوضحها ونناقشها خلال رحلتنا في نقد نقد العقل العربي.

وهنا كانت البداية، ارتد طرابيشي لقراءة تكوين العقل العربي "بعين جديدة وبمحاسبة نقدية صارمة" على حد تعبيره، وقام بمراجعة كل شواهد ومصادر الجابري، وكان في انتظاره كارثة أخرى. لا يوجد مصدر واحد عند الجابري لم يصبه التزييف. جميع مصادره إما مزورة أو مفصولة عن سياقها، بل وصلت به الجرأة إلى إخفاء مصدره الحقيقي والتظاهر بكتابة مصدر آخر.

على هذا النحو رأى مشروع "نقد نقد العقل العربي" النور في أربعة أجزاء رئيسية: "نظرية العقل" – "إشكاليات العقل العربي" – "وحدة العقل العربي الإسلامي" – "العقل المستقيل في الإسلام؟"، بالإضافة إلى ثلاث كتب فرعية هم: "مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام" – "المعجزة: أو سبات العقل في الإسلام" وأخيراً "من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: النشأة المستأنفة". الرحلة شاقة كما ترون. سبعة كتب كبيرة مليئة بالنقد وتفكيك الإشكاليات وإعادة بناء ما هدمه الجابري "فالنقد الذي يكتفي بمناقشة الإشكاليات يبقى أسيراً لها".

نقد النقد سيكون بوابة دخولنا لأعماق التراث البشري في كافة صوره. ستتغير المفاهيم، وسنعيد بناء ثقافتنا على أساس معرفي قوي. الشواهد والمصادر معنا، نقرأها ونحللها، ونطرحها على العقل الذي سينصب المحكمة، وعلى جميع الأفكار أن تبرأ نفسها أمام محكمة العقل.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد