خاضت صحفية في تلفزيون غرب ألمانيا "في دي إر" تجربة صيام رمضان للمرة الأولى في حياتها، لتتعرف على يوميات زملائها المسلمين الصائمين، وتعيش تجربتهم والصعوبات التي يواجهونها خلال العمل.
وعرضت الصحفية يانينا فيرنر تجربتها في تقرير تلفزيوني بثته القناة الجمعة، 16 يونيو/حزيران 2017، بدأ باستيقاظها من النوم، ثم توجهها للمكتب، حيث تلتقي زميلاتها اللواتي يضعن الماء والقهوة إلى جانبهن، لتعلق بالقول إنها تشعر بجفاف في الفم، وهو أمر يمكنها تحمله لكن "عندما أرى الماء، فمن الأفضل لي أن أبتعد".
هكذا كان اليوم
وتضيف في حديثها عن تفاصيل اليوم، أن الجو غير حار، ما يسهل مهمتها، لكنها كانت تفكر طوال الوقت في الماء.
وتبدأ يانينا خلال صيامها برؤية ما يغريها من طعام وشراب، بدءاً بتناول زملائها البطيخ، ثم عندما ينصرفون في وقت استراحة الظهيرة، التي عادة ما تكون مهمة بالنسبة للموظفين الذين يتناولون طعام الغداء فيها، لتصبح وحيدة في المكتب.
ثم تبدي رغبتها في مشهد آخر على الساعة الثانية ظهراً بتناول قطعة من الشوكولاته أو شرب الماء، لكنها تقول إن الأمور على ما يرام، قبل أن تعود لتؤكد أنها تشعر بالجوع على الساعة الرابعة، وترغب في تناول النقانق وشرب الماء، والخلود للنوم.
لكن هل تستطيع العمل شهراً كاملاً على هذا المنوال؟ ترد يانينا على هذا بسرعة "كلاً أبداً"، لكنها تضيف مستدركة، بأنه ربما أن اليوم الأول هو الأسوأ بالنسبة للمرء، ثم بعدها يعتاد على الأمر.
وبعد أن نامت لـ3 ساعات في آخر اليوم، قالت على الساعة الثامنة مساء بتوقيت ألمانيا، إنها تشعر بألم في الرأس، إلا أن العد التنازلي للإفطار قد بدأ، وهو الذي ستتناوله مع الزوجين السوريين فراس وجمانة، اللذين وجَّها لها دعوة.
الزوجان السوريان
ويقول فراس، المشترك في دورة لتعلم الألمانية حالياً، عندما سُئل كيف يستطيع التعلم والصيام في وقت واحد، إنه يلاحظ أحياناً أن مدرسة اللغة تتحدث، لكنه لا يفهم ما الذي يُقال.
وعند التاسعة و50 دقيقة أُذِّن أخيراً للمغرب، ليبدأ المستضيف فراس بدعاء الإفطار، وتقديم التمر لضيفته الألمانية الصائمة أيضاً.
وقالت يانينا، إنه يتملك المرء شعور آخر عند تناول الطعام بعد كل هذه الساعات، ويبدو الطعم لذيذاً، مشيرة إلى أنها عندما كانت تأكل بدأت تستعيد قواها، لكنها كانت ما زالت تعاني من ألم في الرأس.
وقالت كخلاصة لتجربتها، إنها تحمَّلت صومَ يومٍ واحد، "لكن كيف يستطيع الآخرون فعل ذلك لشهر كامل ويذهبون في الوقت نفسه للعمل وتعلم اللغة؟".
بالنسبة لها يبدو صيام الشهر كله صعباً جداً، لكن لينا تعود لتقول إنها "تكنُّ احتراماً كبيراً للذين يستطيعون القيام بذلك".
وقال الصحفي السوري فلاح إلياس، زميل يانينا في العمل، معلقاً على تجربة صيامها، على صفحته بموقع فيسبوك: "دائماً أقول للألمان الصيام هنا أسهل من سوريا، حتى وإن كان النهار هنا أطول لأن العطش أقل أو غير موجود".
وتعد تجربة حياة المسلمين في ألمانيا أمراً مثيراً للاهتمام وجذاباً بالنسبة لبعض المواطنين الألمان، إذ بثت القناة الألمانية الثانية، في شهر أبريل/نيسان، ريبورتاجاً عن سيدة ألمانية مسيحية، قررت لبس الحجاب 7 أسابيع على الطريقة الإسلامية، للتعرف على تجربة المسلمات في بلادها، وكيف تتم معاملتهن في الشارع، أو حتى من قبل أصدقاء أطفالها، وأن تتعرف على الأحكام المسبقة في التعامل معهن، التي تريد أيضاً أن تتخلص منها.
وقالت السيدة كاترينا برودريك (44 عاماً)، وهي أم لثلاثة أطفال، مختصة بعلم النفس من مدينة ايسن بولاية شمال الراين فستفاليا، إنها تريد أن تعرف ما الذي يعنيه ألا يكون المرء من ضمن غالبية المجتمع.
وعَرض الريبورتاج أيضاً لرأي زوج السيدة كاترينا برودريك عن التجربة، الذي قال إنه يتصور ما الذي يعتقده الآخرون لدى رؤيتهم، مثل أن يظنوا أنه فرض على زوجته ارتداء الحجاب.
وأشارت السيدة بعد انتهاء تجربتها إلى أنه سابقاً كانت تنتبه للمحجبات حينما تصادفهن على الطريق، "وأقول لنفسي ها هي محجبة قادمة، أما بعد التجربة، فأقول إن امرأة مثلي قادمة، لديها ذات الهموم والمواضيع والأسئلة الموجودة عندي"، وفق تعبيرها.