قالت موسكو، أمس الجمعة، إنها ربما قتلت زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبوبكر البغدادي في ضربة جوية بسوريا الشهر الماضي، لكن واشنطن قالت إنها غير متأكدة من وفاته وأبدى مسؤولون غربيون وعراقيون تشككهم.
وأفادت تقارير عديدة في السابق بمقتل أو إصابة البغدادي الذي أعلن الخلافة من مسجد في الموصل عام 2014 بعدما اجتاح أتباعه مناطق واسعة بشمال العراق.
وإن صح التقرير فستكون واحدة من أكبر الضربات حتى الآن ضد الدولة الإسلامية التي تحاول الدفاع عن أراضيها الآخذة في الانكماش تحت وطأة هجوم في سوريا والعراق تشارك فيه مجموعة من القوات بدعم من قوى إقليمية وعالمية.
ومع غياب تأكيد مستقل قال مسؤولان أميركيان إن الوكالات الأميركية تتشكك في صحة التقرير. وقال مسؤولو أمن عراقيون إن العراق يشك أيضاً في صحته.
وقال مسؤول أمني أوروبي: "وردت تقارير متكررة عن وفاته إلى درجة أنه ينبغي توخي الحذر حتى تصدر داعش بياناً رسمياً".
وقال الكابتن جيف ديفيز، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون): "ليس لدينا معلومات تؤكد هذه التقارير".
وأشار مسؤول كبير بالإدارة الأميركية إلى "عدد من أوجه الضعف" في التقارير دفعت المسؤولين الأميركيين إلى التشكيك في دقتها.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه: "بعض نقاط الضعف تلك أشارت إلى أن ذلك حدث في نهاية مايو/أيار، وأن ما يصل إلى 300 أو أكثر من المقاتلين قتلوا في الضربة".
وتابع يقول: "ضربة بهذا الحجم والزعم بأنها وقعت منذ تلك الفترة دون أي علم أمر يدفعني للاستغراب".
وقالت وزارة الدفاع الروسية في صفحتها على موقع فيسبوك إنها تتحرى صحة معلومات أفادت بمقتل البغدادي في ضربة بضاحية في الرقة بعد ورود معلومات لروسيا عن اجتماع لقادة الدولة الإسلامية.
وتابع البيان "في 28 مايو/أيار وبعد استخدام طائرات الاستطلاع للتأكد من المعلومات عن مكان وموعد اجتماع قيادات الدولة الإسلامية، بين 00:35 و00:45، نفذت القوات الجوية الروسية ضربة على نقطة القيادة حيث تجمع القادة".
وأضاف: "وفقاً للبيانات التي يجرى التحقق منها الآن عبر قنوات مختلفة فإن زعيم الدولة الإسلامية أبوبكر البغدادي كان حاضراً في الاجتماع وتم القضاء عليه نتيجة للضربة".
يعمل بحذر
قال عقيد في جهاز الأمن العراقي لرويترز إنه لا يعتقد أن البغدادي كان في الرقة في وقت الضربة أواخر مايو/أيار، مضيفاً أنه يحتمل أن أحد مساعديه هو الذي قتل.
وأضاف أنه يعتقد أن البغدادي يعمل بحذر في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا مع مجموعة صغيرة من مساعديه المقربين ويبتعد عن استخدام وسائل اتصالات لتفادي أي محاولات لرصده.
وقال مسؤول مخابرات عراقي إن الروس لم يتبادلوا أي معلومات مع السلطات العراقية تشير إلى مقتل البغدادي، موضحاً أن بلاده تتحرى صحة التقرير وستعلن وفاته إذا تلقت "تأكيداً قوياً".
وقال هوشيار زيباري، وزير الخارجية العراقي السابق المستشار الكبير في حكومة إقليم كردستان العراق، إنه لم يرده تأكيد بوفاة البغدادي.
وجاء في بيان وزارة الدفاع الروسية أنها تعتقد أن الضربة قتلت عدداً من كبار قادة التنظيم إلى جانب نحو 30 من قادته الميدانيين وما يصل إلى 300 من حرسهم الشخصي.
وأضاف أن قادة التنظيم اجتمعوا في مركز القيادة في ضاحية جنوبية من الرقة لمناقشة المسارات المتاحة لانسحاب المتشددين من المدينة.
وأفاد الجيش الروسي بإبلاغ الولايات المتحدة مسبقاً بمكان وتوقيت الضربة.
أوشك على الخسارة
أصبح مقاتلو الدولة الإسلامية على شفا الهزيمة في معقلي التنظيم وهما الرقة في سوريا والموصل في العراق بعد نحو ثلاثة أعوام من بسط سلطتهم على ملايين السكان في مساحة كبيرة من الأراضي بالبلدين.
وتدعم القوات الروسية الحكومة السورية التي تقاتل التنظيم من ناحية الغرب بالأساس فيما يدعم التحالف بقيادة الولايات المتحدة الحكومة العراقية في قتالها للتنظيم المتشدد من ناحية الشرق.
وفي العراق تقاتل قوات الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة لاستعادة مدينة الموصل في حملة بدأت في أكتوبر/تشرين الأول بعدما طردت التنظيم من معظم المناطق الأخرى التي سيطر عليها.
ويعود آخر تصوير علني للبغدادي إلى وقوفه الشهير وهو يرتدي عباءة سوداء وعمامة سوداء على منبر جامع النوري الكبير بالموصل عام 2014 ليعلن قيام دولة الخلافة.
والبغدادي (46 عاماً) عراقي اسمه الحقيقي إبراهيم السامرائي وانشق عن تنظيم القاعدة في 2013 أي بعد عامين من مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن. وعرضت وزارة الخارجية الأميركية مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يقدم معلومات تؤدي إلى اعتقاله.
ولقي عدد من كبار قادة التنظيم حتفهم في ضربات جوية أو عمليات خاصة منذ بدأت الولايات المتحدة حملتها ضد التنظيم في عام 2014 منهم أبوعلي الأنباري نائب البغدادي و"وزير الحرب" أبو عمر الشيشاني ومسؤول الإعلام في التنظيم أبومحمد الفرقان.
وألقى رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، بظلال من الشك حول التقارير التي تفيد بأن البغدادي ربما قتل. وقال إن المعلومات المتوفرة لديه تفيد بأن البغدادي كان موجوداً في مكان آخر بسوريا في أواخر مايو/أيار.
وأضاف عبر الهاتف أن معلوماته تشير إلى أن البغدادي كان في المنطقة بين دير الزور والعراق بحلول نهاية الشهر الماضي.
وتساءل عبدالرحمن عما كان يفعله البغدادي في هذا الموقع، وما إذا كان من المعقول أن يتواجد "بين فكيّ كماشة" التحالف بقيادة الولايات المتحدة وروسيا.