القاعدة 41.. عشق

فكثيراً ما كنت أدخل في نوبات اكتئاب وحزن بالغ ويأس شديد بعد ما يتركني، أو أن أترك من أُحب لأي سبب ما، أشعر بعدها بأن لا جدوى من هذه الحياة، فإن جاز لي التعبير أن أستخدم مقولة الفريق شفيق في مناظرته الشهيرة أمام الدكتور علاء الأسواني إبان ثورة يناير/كانون الثاني: "أنا قتلت واتقتلت".

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/13 الساعة 04:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/13 الساعة 04:25 بتوقيت غرينتش

للعشق قواعد أربعون، هكذا أرستها الكاتبة التركية أليف شافاك، فى روايتها البديعة قواعد العشق الأربعون، فهي من أعذب النصوص الأدبية التي قرأتها حتى الآن.

اعتدت أن أجتمع أسبوعياً بمجموعة من الأصدقاء لمناقشة كتاب جديد، أبحرنا مؤخراً معا وجدفنا "تجديفاً عذباً" في هذا النص الصوفي البديع.

سردت الكاتبة هذه القواعد الأربعين على لسان شمس الدين التبريزي، ذلك الدرويش الذي استطاع أن يُغير مجرى حياة رجل الدين الجليل جلال الدين الرومي.

عزيزي القارئ.. لا تقلق فلن أحرق عليك أحداث الرواية، فلست بهذا الشخص السمج الموجود في حياة البعض منا، ذلك الشخص الذي يحرق علينا أحداث فيلم جديد لم نتمكن من رؤيته بعد، أو يحرق لك أحداث الحلقة الجديدة من مسلسل لعبة العروش حين تستيقظ من نومك؛ لتجده كتب على صفحته بأن "جون سنو" قد عاد للحياة من جديد؛ ليفسد عليك الإثارة المرجوة من الحلقة الجديدة.

جئت فقط إلى هنا لأبعث برسالة إلى مؤلفة الرواية مفادُها التالي:

عزيزتي أليف.. تحية طيبة، وبعد:

فإن كان لديك أربعون قاعدة للعشق سُردت طوال أحداث تلك الرواية، فاسمحي لي أن أكون ضيفاً على أحداث هذه الرواية فقط لعدة دقائق، بأن أعتبر نفسي أحد أبطال روايتك لأضيف قاعدتي الحادية والأربعين.

أكتب لكِ هذه القاعدة، وأنا أُودع العقد الثالث من عمري هذا العام، وكأي شاب في مقتبل العمر مر بتجارب طيلة هذه السنوات، استطاع بعدها أن يخُط قاعدته بنفسه؛ لتُصبح مبدأ يسير به فيما تبقى له في هذه الحياة.

فتستطيع أيضاً عزيزي القارئ أنت تكتب قاعدتك بنفسك وفقاً لما مررت به من تجارب.

فقد كنت أخرج من التجربة تلو الأخرى ومؤخرة رقبتي تكاد تضيء من شدة الاحمرار؛ بل تصلح لتسخين رغيف من الخبز، أو ربما تخصيب آمن لذرات اليورانيوم من فعل صدمتي فيمن أحببت، أو هكذا ظننت أنني قد أحببته.

فكثيراً ما كنت أدخل في نوبات اكتئاب وحزن بالغ ويأس شديد بعد ما يتركني، أو أن أترك من أُحب لأي سبب ما، أشعر بعدها بأن لا جدوى من هذه الحياة، فإن جاز لي التعبير أن أستخدم مقولة الفريق شفيق في مناظرته الشهيرة أمام الدكتور علاء الأسواني إبان ثورة يناير/كانون الثاني: "أنا قتلت واتقتلت".

"لكل أولئك الذين أحبّونا ولم نحبهم كما ينبغي، سلاماً طيباً ووردة،" هكذا قالت الكاتبة رضوى عاشور رحمها الله، أما أنا فأقول: "لكل أولئك الذين أحببناهم ولم يحبونا كما ينبغي، روح يا شيخ ربنا يسامحك!".

فمن منا لم يمر بهذه التجارب، فلا تُصب بالإحباط عزيزي القارئ من هذه العثرات، فقط كن فخوراً بكل هذه الأحداث، أضِفها إلى سيرتك الذاتية، فهي الدرس العملي الذي يجعلك تكتب قاعدة عشقك.

فبقدر ما لاقيت من معاناة بقدر ما ستعرف قيمة الحب الحقيقي الذي ستجده يوماً ما لتكمل معه الطريق إلى نهايته.

أتدرين عزيزتي إيلاف أن البعض منا يحيا هذه الدنيا ويغادرها دون أن يفهم الحب أو حتى يعثر عليه؟
نعم، فالكاتب الشاب براء أشرف له رأي في هذا، حينما كتب قائلاً:

"وأُريد أن أفهم الحب؛ لأنه معقد جداً جداً، أفهمه أولاً، ثم أجده لاحقاً فلم أعد متأكداً من أني صادفته سابقاً من فرط تعقيده وغموضه وتركيبه، لو أن الحب بسيط.. لو!".

تأثرت كثيراً لهذه الكلمات حين قرأتها لأول مرة، وتألمت أكثر حينما علمت أن هذا الكاتب قد فارق الحياة بعد عدة أسابيع من كتابة هذه الكلمات، ولكم كنت أخشى كثيراً أن ألقى نفس مصير هذا الكاتب وهو أن أحيا هذه الحياة وأمر بها مرور الكرام دون أن أجد ذلك الحب الحقيقي.

أؤمن عزيزتي إيلاف جيداً بأن الحب منَّة من الله يمنحه لمن يشاء، ويمنعه عمن يشاء، هكذا علمنا رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- حينما قال: "إني رُزقت حبها"، فالحب رزق كالماء والطعام يسوُقه الله إليك، فقط عليك بالسعي حتى تجد هذا الحب في الشخص المناسب، ولكن عليك أيضاً أن تكون أنت الشخص المناسب له، هكذا تعلمت من الكاتب عمر طاهر، حينما قال: "الجواز مش إنك تلاقي الشخص المناسب هو إنك تكون الشخص المناسب".

عزيزتي إيلاف.. في الختام أود أن أكتب لكِ نص قاعدتي التي خلصت لها:

لا تبحث عن الحب في أشخاص، فلا تجعل مفتاح سعادتك في حقيبة شخص آخر، فباختفائه من حياتك لأي سبب ما ستتحول إلى شخص بائس شقي فيما تبقى لك من عمرك، اجعل الله فقط هو غايتك، اقترب منه أكثر، فسعادتك مرهونة بعلاقتك بالله عز وجل، فالله باقٍ لا يموت.. معك أينما كنت، اعبده بحب وأحبّ من يحبه، وأعلم أنه "إذا أحب الله تعالى العبد، نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يُوضع له القبول في الأرض"، فماذا لو كان القلب الذي كسرته، يحبه الله؟

فاللهم إنا نسألُك حُبك، وحبّ مَن يحبك، وحب كل عمل يقربنا إلى حُبك.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد