الرياض ضغطت بوسيلتين على دول إفريقية لتقطع علاقاتها بقطر.. وهذه الدولة قاومت إملاءات المملكة

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/13 الساعة 12:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/13 الساعة 12:44 بتوقيت غرينتش

لم تسلم القارة الإفريقية من تبعات الأزمة الدبلوماسية العنيفة التي اندلعت شرارتها في الخامس من يونيو/حزيران بين السعودية وقطر، بعدما اتهمت الرياض جارتها الدوحة بدعم الإرهاب، وأتبعت ذلك بمساعٍ حثيثة من أجل الحصول على دعم أكبر عدد من الدول الإفريقية فيما يتعلق بقرارها القاضي بمقاطعة الدوحة.

وسارت 6 بلدان من القارة السوداء على خطى السعودية وهي: النيجر، وموريتانيا، والسنغال، وتشاد، بالإضافة إلى مصر وجزر القمر، حيث قامت باستدعاء سفرائها في الدوحة، بينما اكتفت جيبوتي بتقليص عدد موظفيها في السفارة خوفاً من التبعات المستقبلية لقطع علاقاتها الكاملة مع قطر. والجدير بالذكر أن قطر تلعب دُول الوسيط في النزاع الحدودي بين جيبوتي وإريتريا، بحسب ما ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية.

وسيلتان لممارسة الضغوط

يتعرض رؤساء الدول الإفريقية ذات الأغلبية المسلمة، وتلك التي تقع فيها العديد من أماكن العبادة التي أقامتها السعودية وتسيطر عليها عبر مؤسسات خيرية، لضغوط هائلة منذ اندلاع الأزمة الخليجية. وقد أقدمت السعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى اليمن ومصر على قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وفرض حصار بريّ وجويّ عليها.

واستخدمت السعودية كذلك سفراءها في العواصم الإفريقية، وأرسلت مبعوثين من الرياض خصيصاً بغية إقناع الزعماء الأفارقة بالتخلي عن الحياد. في الحقيقة، وتصر المملكة على أن تتخذ هذه الدول القرار الوحيد الذي تراه مناسباً بالنسبة لها والمتمثل في استدعاء هذه الدول لسفرائها في الدوحة وقطع العلاقات الدبلوماسية معها.

وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، اعتمد مبعوثو السعودية وسيلتين لممارسة الضغوط. تتمثل الوسيلة الأولى في الإيقاف المحتمل للدعم المالي، المتواضع للغاية، الذي تقدمه الرياض لهذه الدول، وذلك بصرف النظر عن المشاريع الممولة من قبل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. أما وسيلة الضغط الثانية فتتعلق بالتهديدات المبطنة بشأن العراقيل التي ستُواجه مواطني هذه البلدان عند طلب الحصول على التأشيرة لأداء مناسك الحج في مكة المكرمة.

وسرعان ما آتت هاتان الوسيلتان أُكلها منذ الاتصالات الأولى، خاصةً حين يتعلق الأمر بالدول التي تعيش أوضاعاً اقتصادية وسياسية صعبة. أما الدول الأخرى التي لا تجمعها علاقات طيبة مع قطر منذ البداية، على غرار موريتانيا، فلم تتردد في اتباع نهج السعودية. ومن جهة أخرى، لطالما اتخذ الرؤساء الأفارقة قرار سحب السفراء دون اللجوء إلى استشارة حكوماتهم أو وزراء خارجية بلدانهم.

نيجيريا تقاوم

ورغم أن عدة بلدان إفريقية تضم أغلبية من المسلمين فإنها فضلت التزام الحياد؛ نظراً للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية القوية التي تجمعها بقطر والسعودية على حد سواء. وقد دعت بلدان المغرب العربي، وهي المغرب، والجزائر، وتونس، بالإضافة إلى السودان والصومال، إلى جلوس الدول المتنازعة على طاولة الحوار دون أن تميل إلى طرف دون الآخر.

وفي إطار حملة المقاطعة، تظل نيجيريا حالة فريدة من نوعها والأكثر خصوصية من بين البلدان الإفريقية، وهي التي تضم على الأغلب أكبر عدد للمسلمين في إفريقيا، إلى جانب مصر. وبالعودة إلى سنة 2013، افتتح الرئيس النيجيري السابق، غودلاك جوناثان، بعثة دبلوماسية في الدوحة، كما أن البلدان تجمع بينهما علاقات جيدة منذ زمن طويل تحت مظلة الأوبك، ومنتدى الدول المصدرة للغاز الذي يقع مقرّه في قطر.

من جهة أخرى، تجمع نيجيريا بالسعودية علاقات طيبة، حيث إن رئيسها الحالي محمد بخاري قام بزيارة إلى الرياض خلال شباط/فبراير عام 2016، قبل التوجّه إلى الدوحة. والجدير بالذكر أنه عُرف عن الرئيس بخاري، الجنرال القومي، عدم رضوخه للضغوط الخارجية.

وخلال القمة الأخيرة في الرياض التي عقدت في أواخر مايو/أيار الماضي، والتي اجتمع فيها زعماء 50 بلداً سُنياً بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اكتفت نيجيريا بإرسال وزرائها في الوقت الذي مثل الرؤساء أو رؤساء الوزراء أغلب البلدان الأخرى.

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس النيجيري محمد بخاري، يرفض تماماً، مثل نائبه يمي أوزينباخو القائم بأعمال الرئيس الحالي، أن يُملي عليه أيُّ طرف كيفية إدارته لبلاده أو أن يصبح رهينة أية سياسة خارجية على الصعيد الدولي.

فضلاً عن ذلك، يقع على عاتق بخاري منع تفاقم التوترات الدينية داخل البلاد، حيث إن السكان المسيحيين الذين يمثلون نسبة كبيرة في نيجيريا يرفضون أن يُنظر لبلدهم على أنها دولة مسلمة.

نقص في الدبلوماسيين

جزئياً، يعود فشل قطر في تجنب قطع بعض البلدان الإفريقية لعلاقاتها معها في نقص الدبلوماسيين القطريين في هذه الدول، علماً بأن جزءاً من السفراء القطريين قد عادوا منذ أسبوعين إلى الدوحة بمناسبة شهر رمضان. فضلاً عن ذلك، ركّز الوزراء أو المبعوثون الخاصون للأمير تميم بن حمد آل ثاني جهودهم على القوى العربية والغربية الكبرى.

وخلال السنوات العشر الماضية سخرّت قطر موارد ضخمة مكّنت البلدان الإفريقية، بما في ذلك التي تعيش أوضاعاً اقتصادية مزرية، من فتح سفارات لها في الدوحة، حيث وضعت على ذمتها مباني وسيارات لهذا الغرض. ومن هذا المنطلق، تدرك الإمارة أن كرمها سيسمح بإعادة علاقاتها على المدى المتوسط مع أغلب الدول التي وقعت فريسة التهديدات السعودية.

تحميل المزيد